الخميس 2024/04/04

آخر تحديث: 17:20 (بيروت)

من السودان واليمن إلى سوريا: فضائح ميقاتي عابرة للدول

الخميس 2024/04/04
من السودان واليمن إلى سوريا: فضائح ميقاتي عابرة للدول
وسّع ميقاتي أعماله بالخارج تزامناً مع الأزمة المالية في لبنان (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
محاولة جديدة يخوضها مودعون لبنانيون لفتح ملفات رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي ومقاضاته. لكن هذه المرة أمام المحاكم الفرنسية. تأتي هذه المحاولة بعد إخفاق عدة محاولات سابقة، بسبب تدخل ميقاتي واستثماره سلطته السياسية لطمس القضية.

ميقاتي الذي استغل موقعه السياسي لكف يد القضاء اللبناني عن ملاحقته وملاحقة شركاء مصرفيين له، والذي نجح بعرقلة تحقيقات قضائية خارج لبنان، وأنفق ملايين الدولارات على توسيع أعماله في الخارج، تزامناً مع الأزمة المالية في لبنان، يتوعّد كل من يشارك بنشر حقائق الفساد عنه وعن عائلته باعتبارها "استهدافاً سياسياً".

رد مُخادع
وتزامناً مع تسريب خبر إقامة دعوى قضائية بحقه في فرنسا بتهمة الإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، بادر مكتب ميقاتي الإعلامي بخطوة استباقية، متوّعداً ملاحقة مَن وصفهم بالمروّجين للحملة الإعلامية بهدف الإساءة لميقاتي وعائلته.

وردّ ميقاتي في بيان بحسب "فرانس برس" قال فيه إنَّ "ما تمتلكه العائلة جرّاء أعمال شركاتها التجارية التي تعود لسنوات طويلة يتسم بالشفافية التامة والالتزام بالقوانين المرعية، وبأعلى المبادئ الأخلاقية". وفيما يلي تذكّر "المدن" بقضايا شبهات الفساد التي لاحقت ميقاتي وعائلته وكيفية تعامله معها، وممارساته التي لا تلتقي بأي شكل من الأشكال مع المبادئ الأخلاقية التي يتحدث عنها.

كما أن بيان ميقاتي لفت إلى أنه لم تتم إدانة أي شخص من عائلته أو في مجموعة الشركات العائلية بأي ملف قضائي، سواء في لبنان أو في أي مكان آخر في العالم. وهو محق بهذا الأمر. إلا أنه لم يذكر الاسباب التي حجبت إدانته وعائلته بقضايا الفساد، متجاهلاً الضغوط التي مارسها على القضاء اللبناني لإغلاق قضيته، وعرقلته التحقيقات الأجنبية عن طريق قضاة يفتقدون لأدنى معايير النزاهة.

فتح ملف ميقاتي في فرنسا
تقدّمت منظمة شيربا Sherpa غير الحكومية لمكافحة الجريمة المالية و"تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان" بدعوى قضائية أمام النيابة العامة المالية في فرنسا ضد نجيب ميقاتي، لاتهامه بجمع ثروات بطريقة غير مشروعة. كما تستهدف الدعوى عدداً من أبناء الشقيقين نجيب وطه ميقاتي.

يشير نص الدعوى المرفوعة من قبل منظمة "شيربا" و"التجمع" الذي أسّسه عدد من المودعين في البنوك اللبنانية، المتضررين من تبعات الأزمة المالية التي يشهدها البلد منذ 2019، إلى جرائم مالية تشمل غسيل الأموال والتآمر ضمن مجموعات منظمة، وغلى استحواذ نجيب ميقاتي على عقارات مختلفة في فرنسا والخارج، عبر هيئات ومن خلال تحويلات مالية كبيرة جدًا مع شقيقه طه ميقاتي".

وأوردت الدعوى أن ميقاتي "يجسّد مع شقيقه وكلّ أفراد محيطهما بالنسبة للرأي العام اللبناني، المحسوبية وتضارب المصالح اللذين أوصلا لبنان إلى وضعه الحالي".

وقال محاميا الجمعيتين وليام بوردون وفنسان برنغارت "إنَّ استخدام ميقاتي المنهجي لحسابات خارجية وملاذات ضريبية، يجعله وعائلته مشتبهاً بهم بغسل الأموال والاحتيال الضريبي، فضلاً عن جرائم أخرى على نطاق واسع منذ سنوات".

الشبهات حول ميقاتي
ميقاتي الذي تقدّر ثروته وشقيقه طه بمليارات الدولارات، حسب تصنيف فوربس، وصف عملية استفادته وأفراد عائلته من القروض السكنية المدعومة بالأمر العادي "كما باقي اللبنانيين". يضع أغنى أغنياء لبنان نفسه بكل وقاحة إلى جانب محدودي المداخيل، مستفيداً من حق الاقتراض المدعوم.

تعود قضية القروض السكنية المدعومة إلى العام 2018، بعد تسريب تقرير أرسلته لجنة الرقابة على المصارف إلى حاكم مصرف لبنان آنذاك رياض سلامة، كشفت فيه الانتهاكات التي حصلت بملف القروض. وكشف التقرير حينها أن 6 شركات عقارية تابعة لمجموعة ميقاتي تلقت قروضاً عقارية من بنك عودة بأسماء أفراد من عائلة ميقاتي منهم ماهر نجيب ميقاتي، عزمي طه ميقاتي، سعاد طه ميقاتي، ميرا نجيب ميقاتي، فؤاد طه ميقاتي، مالك نجيب ميقاتي، وتجاوزت قيمتها 34 مليون دولار.

القروض المدعومة التي استحصلت عليها عائلة ميقاتي من بنك عودة، خُصصت لشراء شقق مسجلة ملكيتها باسماء شركات عقارية مملوكة من أفراد العائلة، يقع معظمها في محيط نادي اليخوت وفندق فينيسيا وزيتونة باي في بيروت. علماً أن تلك القروض مخصّصة لتملك المسكن الأول، ومن غير المفترض أن تُمنح إلى شركات. كما يُمنع على العائلة أن تستفيد بأكثر من قرض واحد. وبطبيعة الحال لم يلتزم ميقاتي وعائلته بأي من هذه الشروط. وأكثر من ذلك فقد سدد المقترضون جزءاً كبيراً من تلك القروض بعد انهيار العملة اللبنانية على سعر 1500 ليرة للدولار. بمعنى آخر، استفادوا من القروض المدعومة وسددوها بأقل من قيمتها بنسب كبيرة.

قضية القروض المدعومة فتحتها القاضية غادة عون عام 2019، وبعد فترة وجيزة تم استبعادها من التحقيق من قبل مدعي عام التمييز حينها القاضي غسان عويدات، المعروف بدفاعه الشرس عن المصارف. أمّن عويدات الحماية لعائلة ميقاتي بطمره الملف.

قضايا فساد أخرى يرتبط فيها اسم ميقاتي، منها في إمارة ليختنشتاين (دولة أوروبية تقع في جبال الألب تحدّها سويسرا والنمسا) حيث أقيمت دعوى اختلاس ضد رياض سلامة. ما استدعى طلب الدولة مساعدة القضاء اللبناني بشأن العلاقة المالية بين سلامة وشقيق نجيب ميقاتي، كما طلبت معلومات عن عقد بين شركة SI2SA المملوكة من رياض سلامة ومجموعة شركات M1 المملوكة من نجيب وطه ميقاتي، لاسيما لجهة تحويلات مالية بعشرات ملايين الدولارات حصلت بين شركتيهما بالعام 2016. وهو العام الذي تمت فيه الهندسات المالية.

وكانت إمارة موناكو (دولة أوروبية تقع جنوبي فرنسا) قد فتحت تحقيقاً العام الماضي في ملف تبييض أموال متصل بنجيب ميقاتي أيضاً، علماً ان الأخير مرتبط بثلاث شركات في موناكو والعديد من الحسابات المصرفية التي تم إغلاقها مؤخراً. لكن حين طلب القضاء في موناكو من القضاء اللبناني معلومات ترتبط بالقضية، جاء الرد من القاضي عويدات بان التحقيق المحلي بحق ميقاتي أُسقط والقضية أغلقت.

توسع ميقاتي خلال الأزمة
وفي وقت يغرق فيه لبنان منذ عام 2019 بانهيار مالي واقتصادي ومصرفي تاريخي، ويشهد تدهوراً غير مسبوقاً لعلمته وقطاعاته وخدماته من دون استثناء، وتزامناً مع احتجاز المصارف اللبنانية أموال المودعين، كان رئيس حكومته نجيب ميقاتي يُبرم الصفقات بالخارج ويوسّع أعماله بملايين الدولارات نقداً.

ففي تموز من العام 2021 اشترت شركة الاستثمار اللبنانية M1 Group المملوكة من الأخوين ميقاتي شركة اتصالات في ميانمار من شركة تيلينور Telenor النرويجية بقيمة 105 ملايين دولار أميركي، منها 50 مليون دولار سُددت نقداً و55 مقسّطة على دفعات. كما تعهّدت الشركة بإنفاق 330 مليون دولار على مدى 3 سنوات لتوسيع أعمالها.

وإلى جانب استثمارات ميقاتي في افريقيا فإنه استثماراته تتسع إلى سوريا واليمن والسودان، وهو ما يدفع البعض إلى القول أن ميقاتي وشقيقه يستهدفان تلك الدول، حيث تنعدم الشفافية في إدارة الصفقات والمناقصات، وتغيب المحاسبة. ما يسهّل عليهما تجاوز القوانين وتحقيق أرباح سريعة.

يُذكر أن M1 Group المملوكة من الأخوين ميقاتي، هي شركة قابضة لديها استثمارات في شركة الاتصالات MTN Group Ltd المدرجة في جنوب أفريقيا، ومتاجر الأزياء بالتجزئة Pepe Jeans، وعقارات في نيويورك ولندن ودبي وبيروت.

ولا ننسى إحدى أكبر صفقات نجيب ميقاتي المتمثلة بمشاركة "فرانس تليكوم" بملكيّة أسهم شركة "سيليس"، المملوكة جزئياً من ميقاتي، والتي تولّت بدورها استثمار قطاع الاتصالات الخليويّة في لبنان مع شركة "ليبونسيل" بين الأعوام 1994 و2001. تمكّنت حينها الشركتان من تحقيق أرباح غير مشروعة على حساب خزينة الدولة قدّرت بقيمة 600 مليون دولار.

اما شركة ليبان بوست المملوكة من نجيب ميقاتي بين عامي 2000 و2019، ففضائحها لا تنتهي. وهي التي احتكرت خدمات البريد في لبنان مقابل إيرادات مالية زهيدة لصالح الخزينة العامة، بالرغم من انتهاء عقودها، وسط نجاح ميقاتي عدة مرات بعرقلة إطلاق مناقصة لتلزيم الخدمات لشركة جديدة، ما يرسّخ نهج الفساد وهدر المال العام.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها