الدولة اللبنانية تسعى للاقتراض لصالح المصارف!

يبدو المشهد من حيث الشكل إيجابياً، يعكس تعاوناً رسمياً لتأمين قروض إسكانية للفئات الاجتماعية غير الميسورة. لكن في جوهر القضية ثمة تجاوزات علنية يتم ارتكابها لتأمين مصالح المصارف التجارية، التي سطت على أموال المودعين، وعرقلت الحلول، وتسعى اليوم لتأمين مداخيل وأرباح بشتى الوسائل.

ولمن يسأل عن علاقة مصرف الإسكان مع المصارف، فالأخيرة تمتلك 80 في المئة من المصرف، في حين لا تمتلك الدولة أكثر من 20 في المئة فقط. وعليه، فمصرف الإسكان هو شركة مساهمة وليست مؤسسة عامة.

بين مصرف الإسكان ومجلس الإنماء والإعمار
يمكن لمصرف الإسكان السعي لجذب قروض وإبرام اتفاقات لتأمين سيولة مخصصة لعمليات الإقراض. لكن لا يجب أن ننسى أن أرباح المصرف تعود للمصارف المشاركة في ملكيته، وهي 25 مصرفاً و10 شركات تأمين.

مصرف الإسكان العضو في جمعية المصارف، يرأس مجلس إدارته حالياً انطوان حبيب، مسؤول العلاقات في بنك بيروت، واليد اليمنى لرئيس جمعية المصارف سليم صفير. وإلى جانب حبيب، يتوزع أعضاء مجلس إدارة مصرف الإسكان على بنك بيبلوس، بنك البحر المتوسط، البنك العربي، البنك اللبناني الفرنسي BLF، بنك بيروت، كومرشال انشورنس commercial insurance وجوزيف ساسين الرئيس السابق لمصرف الإسكان، بالإضافة إلى ممثلين للدولة ومفوض الحكومة.

المصرف الخاص طلب الاستعانة بمجلس الإنماء والإعمار للحصول على قرض. وكان له ما أراد. لكن لا بد من الإشارة إلى دور ومهام مجلس الإنماء والإعمار الذي يرأسه نبيل الجسر. فقد حُددت مهام المجلس بثلاث هي: وضع خطة وتحديد جدول زمني لإعادة الإعمار والتنمية، وضمان تمويل المشاريع المقدمة والإشراف على تنفيذها واستغلالها، عن طريق الإسهام في عملية إعادة تأهيل المؤسسات العامة لتمكينها من تحمل مسؤولية تنفيذ عدد من المشاريع، تحت إشراف مجلس الوزراء.

وكما يبدو فضمان تمويل المشاريع يرتبط بإعادة تأهيل المؤسسات العامة. فكيف يمكن الاستفادة من مصرف الإسكان المملوك من المصارف التجارية؟ انطلاقاً من ذلك تتضح صورة سعي رئيس الحكومة، وتسخير جهود مجلس الإنماء والإعمار للاستحصال على قرض من "صندوق أبو ظبي للتنمية" لصالح مصرف الإسكان.

حبيب عند ميقاتي
وكان رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب قد زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي، يرافقه عضو مجلس الإدارة توفيق ناجي. وجرى عرض لمشاريع المصرف والجهود المبذولة لتأمين استمرارية القروض.

وقال حبيب بعد اللقاء: أطلعنا دولة الرئيس على تطورات قرض "الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي"، والذي يصبح نافذاً اعتباراً من آخر حزيران المقبل. كما أطلعناه على نتائج زيارتنا للسفير القطري السفير القطري في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، حيث بحثنا في إمكانية التعاون بين المصرف و"صندوق قطر للتنمية". وأبلغنا سعادة السفير بأنه سيوجٌه لنا بعد عيد الفطر، دعوة إلى زيارة المسؤولين في "صندوق قطر للتنمية" للاطلاع عن كثب على سبل التعاون وآلية الدعم.

وأضاف: كذلك أبلغنا الرئيس ميقاتي بأن رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر أفادنا خلال زيارتنا الأخيرة له أمس، بأنه سيطلب من مجلس الوزراء الموافقة على تفويضه للحصول على قرض من "صندوق أبو ظبي للتنمية" لصالح مصرف الإسكان. وتمنينا على دولة الرئيس مساعدتنا في تحقيق هذه الخطوة بنجاح، بما يؤمّن استمرارية مصرف الإسكان في تأمين مسكن لائق للبنانيين.

فأجرى دولة الرئيس ميقاتي اتصالاً هاتفياً بالجسر وأعطاه موافقته على تفويض مجلس الإنماء والإعمار طلب قرض لمصرف الإسكان من "صندوق أبو ظبي"، على أن يُرسل كتاباً بهذا الموضوع للحصول على موافقة مجلس الوزراء.