السبت 2018/03/03

آخر تحديث: 08:21 (بيروت)

الضمان في خطر

السبت 2018/03/03
الضمان في خطر
ألف مليار ليرة في ذمة أصحاب العمل (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

لا يمكن تفسير بعض الممارسات التي تمارسها الدولة تجاه مؤسسة الضمان الاجتماعي سوى بـ"التدميرية"، وبأفضل حالاتها، تعكس استهتاراً ما بعده استهتار تجاه مؤسسة تعنى بالرعاية الصحية لأكثر من مليون 200 ألف مواطن لبناني.

في مشروع موازنة العام 2018 وردت مادة (19) تجيز "إلغاء موجب الحصول على براءة ذمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للمؤسسات والشركات إلاّ في حالتي التصفية والحل"، بمعنى آخر المادة تعفي المؤسسات من ضرورة الاستحصال على براءة ذمة من الضمان بشكل دوري وعند الحاجة. وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام المؤسسات للتقاعس وعدم سداد متوجباتها تجاه الضمان وكذلك للتهرّب من التصريح عن أجرائها.

قبل الدخول في أسباب المادة 19 وتداعياتها، لا بد من التذكير بأن الاقتراح المذكور في المادة 19 لم يرد للمرة الأولى في مشروع الموازنة العامة للعام 2018 فكان قد ورد في المادة 54 من موازنة العام 2017، قبل أن يتم سحب القرار، بعد أن جُبه باعتراضات عمالية واسعة.

قرار إلغاء موجب الحصول على براءة ذمة للمؤسسات ادرج من جديد في موازنة 2018 بإيعاز من أرباب العمل الممثلين بالهيئات الإقتصادية تحت ذريعة "تسهيل عمل الشركات وتوفيراً للوقت عند ممارستها أعمالها" لاسيما أن كافة أعمال الإستيراد والتصدير ودخول المناقصات وغيرها من الأعمال تستلزم قبل تنفيذها الإستحصال على براءة ذمة من الضمان يثبت عدم تهرب الشركة من موجباتها تجاه العاملين لديها.

ونزولاً عند طلب لجنة المال والموازنة (قبل إقرار موازنة 2017) نفذت إدارة الضمان الاجتماعي العديد من الإجراءات لتسهيل منح براءة الذمة للمواطنين والمؤسسات في المقر الرئيسي للضمان وفي غالبية فروعة المنتشرة في المناطق، يؤكد المدير العام لصندوق الضمان الدكتور محمد كركي في حديثه إلى "المدن". فمنح براءة الذمة للمؤسسة الملتزمة سداد اشتراكاتها تتم خلال نصف ساعة فقط أو خلال ساعة كحد أقصى. فالضمان الاجتماعي يمنح سنوياً 36 ألف براءة ذمة.

كذلك مسألة التفتيش، فقد التزم الضمان بما طلبته لجنة المال، يؤكد كركي، وقام الضمان بتعديل نظام المراقبة وبات الحد الأقصى لمراقبة المؤسسات الصغيرة يتم خلال 3 أشهر والمؤسسات الكبيرة خلال 6 أشهر بعد أن كانت عمليات التفتيش تتم خلال سنوات.

ورغم انتفاء سبب اعتراض أصحاب العمل على موجب براء الذمة من الضمان، إلا أن الحكومة عادت وأدرجت القرار من جديد في مشروع الموازنة ما أثار استغراب إدارة الضمان من طريقة التعامل مع الصندوق التي تمس بديمومته، باعتبار أن براءة الذمة هي الاداة الاساسية لتحصيل اشتراكات الضمان، في مقابل تخلّف الدولة سنوياً عن سداد مستحقات الضمان البالغة حتى نهاية العام 2017 نحو 2240 مليار ليرة. وهنا، يحذر كركي من إيقاع الضمان بمزيد من العجز والمساس بديمومته الاجتماعية إذ لا يمكن تفسير ذلك سوى باستهداف الضمان.

استهداف الضمان شكّل قناعة لدى الإتحاد العمالي الذي وعد بالوقوف في وجه قرار إلغاء موجب براءة الذمة حتى وإن اضطر الى الدخول في إضراب عام ومفتوح، وهو ما يصر عليه رئيس الاتحاد بشارة الاسمر في حديثه الى "المدن". وإذ يسأل: "ما المقصود من تأخر الدولة عن سداد 2240 مليار ليرة للضمان واتجاهها لإلغاء براءة الذمة للمؤسسات؟ وألا يعلم المسؤولون كم سيؤدي ذلك الى تراجع بإيرادات الضمان؟ يكشف أن أكثر من ألف مليار ليرة متوجبة على أصحاب العمل لا تزال في ذمتهم لم يتم تحصيلها.

مع تهديد العمال بتصعيد التحركات في وجه المادة 19 من الموازنة خرج وزير المال علي حسن خليل ليطمئن إلى حذفها من مشروع موازنة 2018 بعدما كان أكد إحالتها إلى المجلس الاقتصادي الاجتماعي لدرسها ومناقشتها، ولكن الاتحاد العمالي، وفق معلومات "المدن"، لن يتراجع عن السير بتحركاته قبل التأكد مطلع الأسبوع المقبل من حذف المادة 19 بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة مناقشة موازنة 2018.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها