الإثنين 2018/03/19

آخر تحديث: 09:46 (بيروت)

مؤتمر باريس..حكومة تتلقى وأخرى تنفذ؟

الإثنين 2018/03/19
مؤتمر باريس..حكومة تتلقى وأخرى تنفذ؟
هل فهم اللبنانيون ما هي حصيلة مؤتمر روما 2 ونتائجه (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

هل فهم اللبنانيون ما هي حصيلة مؤتمر روما 2 ونتائجه العملية لدعم القوى العسكرية والأمنية اللبنانية؟ لم يعلن المؤتمر تعهدات واضحة في هذا المجال. ولا حكومتنا أعلنت شيئاً. القاسم المشترك إعلان نوايا بالدعم. ما لا يحتاج إلى تفسير كان بيان المؤتمر الختامي، وفي كل متنه تأكيد واحد على وجوب امتلاك الدولة والمؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية حصرية السلاح وحق استخدامه على الاراضي اللبنانية. ويتشدد البيان بسياسة الحكومة النأي بالنفس وبتطبيق قرارات مجلس الأمن ذوات الصلة بالصراع مع الكيان الصهيوني. في اختصار، كل ما في البيان يعني مباشرة سلاح حزب الله ودوره في الداخل والمنطقة. هل هي شروط للحصول على الدعم العسكري؟ لا ذكر واضحاً لذلك. وقضية سلاح الحزب متروكة للزمن والتوازنات الاقليمية. ولنا أن نستنتج، أن الدعم العسكري عتاداً للبنان سيستمر ضمن مقتضيات المعادلة الجيوسياسية الاقليمية ووفق مقتضيات الظروف. هل مؤتمر سيدر1 في باريس لدعم تمويل مشاريع البنية التحتية بالقروض الميسرة سيكون فضفاضاً وحمّال أوجه كمثل مؤتمر روما 2؟ وماذا لو لم يأت أُكله ولو بنحو 4 أو 5 مليارات دولار أميركي قروضاً كما تتوقع الحكومة؟ وما تأثير ذلك على الوضع الاقتصادي وتثبيت سعر الصرف؟

قد يكون "الغموض البنّاء" مطلوباً في هذه المرحلة، تبعاً للتطورات محلياً واقليمياً. فمن خارج تلك المعادلة لا يبدو انفراج ملموس سياسياً واقتصادياً وأمنياً. الباقي كلام لا يركن إليه. نستدل في ذلك إلى ما نعتبره وقائع لم تغب عن موقف المؤتمرين في روما. وباقية في مؤتمري باريس وبروكسل لمناقشة القروض الميسرة وأزمة النازحين السوريين:

أولاً: تعلم الدول والمؤسسات الدولية والعربية الأربعون التي شاركت في مؤتمر روما، أنها تتعاطى مع سلطة لبنانية موقتة قبل انتخابات نيابية في أيار، تطلب عوناً متعدد الأشكال وفي مجالات متعددة. بينما ستتابع حكومة أخرى تنفيذ أي تعهدات مفترضة مالياً وعسكرياً، تنبثق عن مجلس نواب جديد. والأخير سيضع الأطر القانونية لاتفاقات عقود مفترضة. كما أن في يد الحكومة ومجلس النواب الجديدين، أمر متابعة موازنة 2018 وما سيتبقى من اعتماداتها وايراداتها في الفترة الزمنية قبل الانتخابات النيابية والحكومة المقبلة. وهي مرحلة انتقالية قد تستغرق شهور ما تبقى من 2018. أكثر أو أقل. كلاهما الحكومة ومجلس النواب معنيٌ بوضع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص موضع التنفيذ. الأمر الذي يعول عليه المشاركون المحتملون في مؤتمر سيدر1، لحشد الجهد المحلي لتمويل المشاريع، حتى يمكن استمالة الاستثمارات العربية والدولية لتوفر حصة تمويلية مقبولة. في صرف الاعتبار عن ماهية القانون وتقييمه ودوره، يحتاج إلى قرارات كبيرة تتصل بأصول الدولة وحيازاتها. وهي شؤون متروكة إلى ما بعد الانتخابات النيابية والحكومة الجديدة. وليس من السهل الحسم فيها. فكل قطاع أو منشأة عامة قد تحتاج إلى قانون مستقل يحدد شكل الشراكة ومنظومة الخدمات وجودتها وحقوق التسعير وخلافها.

ثانياً: سيكون حضور صندوق النقد الدولي والمصرف الدولي في مؤتمر باريس قوياً. الصندوق نصح الدولة بعدم تمويل مشاريع البنية التحتية من الداخل. فهو يعلم حقيقة الوضع المالي والنقدي للبنان. لا يقفل الباب أمام القطاع الخاص اللبناني. لكنه شديد التحفظ على مزيد من تورط المصارف بتسليفات الدولة السيادية ويؤثر تعزيز رساميلها واحتياطاتها وأموالها الخاصة، والتخفف من التزاماتها تجاه الدولة. لذلك، فأي جهد خارجي في مشاريع البنية التحتية يحتاج إلى تعهدات مقابلة من الدولة مصونة بأطر تشريعية تضمن الشفافية والتزام اصلاحات مالية لم تحصل في موازنة 2018. وفي حال القروض الميسرة فهي حكماً مع ضمان حق الاسترداد. الشركات والمقرضون لديهم اعتبارات. الدول لديها اعتبارات لأنها تعاني أزمات مالية أيضاً. هناك كثير من التساؤل عما إذا كان من السهل على مؤتمر باريس تقديم تعهدات لحكومة انتقالية قبل الانتخابات. في حين ستتابع التنفيذ مع حكومة أخرى ومجلس نواب جديد بعد الانتخابات. ينسحب ذلك على الاصلاحات المطلوبة من لبنان.

ثالثاً: لا يعلق المجتمع الدولي أهمية كبيرة على إمكان أن تفرز الانتخابات النيابية مجلساً بنخب مختلفة لتعديل التوجهات الاقتصادية والرؤى. وهذه قناعة سائدة في لبنان. لديه تجارب سابقة مع مؤتمرات باريس. أي أن الطبقة السياسية نفسها التي تمثل كتلة مصالح مالية وريعية اقتصادياً، وزبائنية سياسياً، وفاسدة ادارياً، ستستمر بعد الانتخابات تدافع عن نظام سياسي أنتجها لحماية مصالحها. قد تكون الطبقة السياسية أشرس في الدفاع عن مصالحها المهددة في مشروع الشراكة مع القطاع الخاص ومن الاصلاحات التي سيطالب بها مؤتمر باريس. المشاركون في المؤتمر يخشون سيناريوين. أولهما أن تستمر القوى السياسية تعرقل عملية الاصلاح. وثانيهما، أن تتمسك بامتيازاتها في عملية الشراكة. واحتمال ذلك ماثل في التحالفات الانتخابية بين أطراف متباعدة في طروحاتها السياسية. ولا تملك أي برامج اصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي. هي تحالفات منتجة لأكثرية تتصارع في السياسة وتتحالف في المصالح الاقتصادية على نظام استحصاص اتفقوا على التشبث به. لأن استمرار نظام الاستحصاص ومنافعه يحتم حداً أدنى من التوافق بين المؤسسات الدستورية لتنظيمه، ولإمرار المشاريع والقوانين والمراسيم التي تخدم نظام الاستحصاص، وتغذي نظام الزبائنية السياسي وتموله. وهذا لا يعني استقراراً ووئاماً في الضرورة بين سدنة النظامين. فالصراع سيبقى ويحتدم على الخيارات الأكثر نفعاً لهذا الطرف أو ذاك، والأكثر ضرراً بالغالبية الساحقة من اللبنانيين، والأكثر تدميراً لأسس كيان الدولة ومؤسساتها وقدرتها على مواكبة التحديث والتطور.

في هذا المناخ سينعقد مؤتمر باريس. وعلينا ألاّ ننتظر الأعاجيب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها