الثلاثاء 2018/02/20

آخر تحديث: 01:48 (بيروت)

موازنة "مخادعة"!

الثلاثاء 2018/02/20
موازنة "مخادعة"!
فصل عجز الكهرباء عن حسابات الموازنة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
بعد تأخر دام لأشهر بدأ مجلس الوزراء درس موازنة العام 2018 تمهيداً لاحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها خلال شهر آذار كما هو مقدّر أي قبل انعقاد مؤتمر سيدر واحد في شهر نيسان المقبل.

السباق مع الوقت لدرس موازنة العام 2018 وإقرارها إنما يعود إلى محاولة الحكومة الإلتزام بدعوة المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية وإصراره على ضرورة اتخاذ إجراءات إصلاحية على مستوى الإدارة والمالية العامة، لاسيما في ما يتعلّق بعجز الكهرباء.

فإقرار الموازنة العامة للعام 2018، في حال تم، فإنه سيشكّل رسالة إيجابية عشية المؤتمرات الدولية المرتقب انعقادها خلال الشهرين المقبلين، ولكن كيف سيكون شكل الموازنة؟ وكيف تخطط الحكومة لخفض العجز؟

لن تتضمن موازنة العام 2018 أي ضرائب ورسوم جديدة، إلا أنها لن تشمل تغييرات إيجابية بالمقارنة مع موازنة العام 2017 التي أطلقت معها الحكومة وعوداً بأن تكون موازنة 2018 إصلاحية وتقشفية وذات رؤية اقتصادية واضحة، فموازنة 2018 بشكلها المطروح ستكون بحسب أحد خبراء الإقتصاد "الأسوأ على الإطلاق".

تواجه موازنة 2018 تحديات كبيرة لم يعد ممكناً مواجهتها نظراً لضيق الوقت لإقرارها، ومن المرجّح أن تعالجها الحكومة بالتهرّب وتحريف الواقع، وأبرز تلك التحديات خفض الإنفاق والعجز.

ولأن نحو 77% من إنفاق الموازنة متعلّق بعجز الكهرباء وخدمة الدين العام وأجور موظفي القطاع العام، ونظراً لكون عجز الكهرباء سيرتفع بنحو 300 مليار ليرة مع ارتفاع أسعار النفط العالمية، وخدمة الدين العام ارتفعت نتيجة ارتفاع معدلات الفوائد، وتكلفة الرواتب والأجور تزايدت، بات من الصعب على الحكومة خفض العجز من دون إصلاحات فعلية، فاختارت الطريق الأسهل لتلميع موازنة 2018 وهو فصل الدعم المقرّر لمؤسسة كهرباء لبنان (كلفته مقدّرة بـ 2100 مليار ليرة قبل ارتفاع النفط) عن حسابات الموازنة العامة، واعطاء مؤسسة الكهرباء سلفات خزينة من خارج الموازنة بدلاً من أن تكون من ضِمن أرقام الموازنة الثابتة.

وإذ يصف الخبير المالي غازي وزني في حديث إلى "المدن" موضوع فصل عجز الكهرباء عن حسابات الموازنة العامة بـ"اخفاء العجز الفعلي" للموازنة، كمن يغش نفسه، يشرح أن السلفات من خارج الموازنة هي إمدادات مالية تسدد لاحقاً وبما أن سلفات الكهرباء لن تسدد إذاً ستشكّل عجزاً خفياً على الخزينة العامة غير مدرج في الموازنة.

والنتيجة أن الموازنة العامة 2018 لن تتضمن العجز الحقيقي أي عجز الموازنة والعجز المقدر بحسابات الخزينة العامة، وبحسب مصدر مطلع لـ"المدن" فإن  العجز الإجمالي سيتجاوز 9 آلاف مليار ليرة قبل فصل عجز الكهرباء والسلفات المالية المرصودة لبواخر الطاقة المرتقب استقدامها والمقدرة بـ1000 مليار ليرة.

وبحسب الإرقام المتوقعة لموازنة العام 2018 فالإيرادات تقدّر بنحو 17 ألف مليار و934 مليون ليرة، أي نحو 11.9 مليار دولار، والنفقات تقدّر بـ25 ألف مليار و503 ملايين ليرة أي نحو 17 مليار دولار. والنتيجة أن العجز يقارب 7569 مليار ليرة أي أكثر من 5.1 مليار دولار (باستثناء عجز الكهرباء بحسب المصدر).

وبالمقارنة مع أرقام موازنة 2017 يظهر بوضوح ارتفاع العجز بنسبة كبيرة، فالإيرادات في موازنة 2017 قدّرت بنحو 16 ألفاً و384 مليار ليرة، أي 10.9 مليارات دولار، والنفقات 23 ألفاً و670 مليار ليرة لبنانية، أي نحو 15.7 مليار دولار، والنتيجة أن العجز بلغ 7286 مليار ليرة في موازنة العام 2017، وهو ما يقارب 4.8 مليارات دولار (مشمولاً بعجز الكهرباء).

إذا، فالحكومة ستُسقط ما تعهّدت به سابقاً في ما خص الموازنة الإصلاحية كما أنها ستذهب إلى مؤتمر سيدر1 في شهر نيسان المقبل بموازنة عامة "مخادعة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها