الجمعة 2017/03/17

آخر تحديث: 06:00 (بيروت)

أزمة زراعة تلوح في الأفق!

الجمعة 2017/03/17
أزمة زراعة  تلوح في الأفق!
القطاع الزراعي يتهاوى بسبب اتفاقية "التيسير العربية"!
increase حجم الخط decrease
يتحضر المزارع اللبناني لخوض معركة جديدة مع الحكومة اللبنانية، ممثلة بوزارتي الزراعة والإقتصاد، في سبيل حماية القطاع من المنافسة غير الكفوءة، وتتعلّق المعركة بالمنتجات الزراعية المصرية وهي ليست الأولى من نوعها وربما لن تكون الأخيرة.

موافقة وزير الإقتصاد والتجارة رائد خوري على إلغاء البرنامج التنفيذي للتبادل التجاري بين لبنان ومصر فجّر الوضع بين المزارعين اللبنانيين والوزارة ودفعهم الى التهديد بالنزول إلى الشارع وقطع الطرق التي تربط المناطق بالعاصمة بيروت، وفق ما أكد رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين انطوان الحويك في حديث إلى "المدن". فما هو البرنامج التنفيذي الذي يربط البلدين؟ وما هي تداعيات إلغائه؟ وما البدائل؟

تعود اتفاقية التبادل التجاري (أو البرنامج التنفيذي) بين لبنان ومصر إلى العام 1998، وهي تأتي في إطار اتفاقية التيسير العربية، وتُمنع مصر بموجبها من تصدير أكثر من 20 منتجاً زراعياً إلى لبنان، وتحدّد أنواع الأصناف المراد تصديرها إلى لبنان ومواقيتها، لحماية المنتجات المحلية من المنافسة.

تالياً، فإن إلغاء الإتفاقية المصرية اللبنانية يتيح لمصر تصدير المنتجات الزراعية كلها إلى لبنان من دون أي ضوابط تتعلّق بالأنواع والكميات ومواقيت المواسم. ما يعني عودة منح الحرية التامة للتبادل التجاري بين مصر ولبنان بموجب اتفاقية التيسير العربية. وهو ما يمكن أن يشكّل، وفق حويك، ضربة قاضية للزراعة اللبنانية.

فمصر تصدّر إلى لبنان نحو 780 مليون دولار غالبيتها من المنتجات الزراعية ومنها 24% بطاطا، أما لبنان فيصدّر إلى مصر ما لا يزيد عن 50 مليون دولار غالبيتها من التفاح. ما يعني أن الميزان التجاري يميل لمصلحة مصر. وفي حال تم إلغاء الإتفاقية المذكوره أعلاه فإن الصادرات الزراعية المصرية إلى لبنان ستتضاعف من دون أي قيد أو شرط.

في مقابل عجز المنتجات اللبنانية من منافسة نظيرتها المصرية نظراً إلى فارق الأسعار وكثافة الإنتاج، فالبطاطا المصرية، على سبيل المثال، تباع في السوق اللبنانية بـ400 ليرة حداً أقصى للكيلو الواحد، أما البطاطا اللبنانية فتتجاوز قيمة إنتاجها 700 ليرة قبل أن توزع على الأسواق.

ولكن إلغاء البرنامج التنفيذي للتبادل التجاري بين لبنان ومصر هو حق للطرفين، وفق المادة الرقم 11 من الإتفاقية الثنائية، التي تجيز لأحد الطرفين ﺍﻟﻣﺗﻌﺎﻗﺩﻳﻥ إعلام ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍلآﺧﺭ ﺭﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ ﺗﻌﺩﻳل الإتفاقية أﻭ ﻋﺩﻡ ﺗﺟﺩﻳﺩها ﻗﺑﻝ ﺷﻬﺭﻳﻥ ﻣﻥ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻧﺗﻬﺎء ﺍﻟﻌﻣﻝ بها.

ومنذ نحو 6 سنوات دأبت السلطات المصرية على المطالبة بإلغاء الإتفاقية. ما يعني أن الإتفاقية باتت بحكم الملغاة منذ سنوات، وفق ما أكد مصدر في وزارة الإقتصاد لـ"المدن". ولكن وزارة الزراعة اللبنانية عمدت على مدى السنوات الماضية على رفض إلغاء الإتفاق لأن الميزان التجاري يميل لمصلحة مصر بنسبة 1/13، ولا مصلحة للبنان بالعودة إلى تطبيق اتفاقية التيسير العربية مع مصر تحديداً.

فالحل وفق حويك يقضي بالإصرار على الجانب المصري التمسك بالإتفاقية الثنائية "وإلا فثورة الفلاحين قادمة". أما وزارتا الإقتصاد والزراعة فقد حسمتا أمر الموافقة على إلغاء الإتفاقية، وتتجهان وفق مصادر الإقتصاد إلى وضع قيود على الكميات التي تصدرها مصر إلى لبنان، وإلى البحث عن منافذ أخرى سيتم بحثها خلال لقاء قريب في مصر، تتيح للدولة اللبنانية حماية المزارع من المنافسة غير المتكافئة.

وريثما يتم التوصل إلى حل نهائي بديل للإتفاقية الثنائية، عمد وزير الزراعة غازي زعيتر إلى إصدار قرار يقضي بمنع إدخال البطاطا المصرية إلى لبنان اعتباراً من 15 نيسان وفق الإتفاقية عينها، إلى حين قيام الوزارة بالدراسات اللازمة لتحديد كمية البطاطا المسموح باستيرادها، حماية للانتاج اللبناني من المضاربة غير المشروعة.

إلا أن التجارب السابقة لم تشجّع على العودة إلى اتفاقية التيسير العربية، وتحرير التجارة مع مصر والاكتفاء بوضع قيود على الكميات، وفق تعليق حويك، إذ إن المحاولة فشلت في العام الماضي خلال عهد وزير الزراعة السابق أكرم شهيب، حين سمح بتجاوز استيراد البطاطا من مصر حدّه الأقصى، وسمح بإدخال 12 ألف طن إضافي.

وتبقى العلّة الأساسية للقطاع الزراعي اللبناني هي اتفاقية التيسير العربية ويبقى التعويل على مساعي الوزارات المعنية للتوصل إلى صيغة مشتركة مع مصر وغيرها من الدول العربية، كل على حدة، لحماية السوق اللبنانية من الإغراق بمنتجات منافسة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها