الخميس 2017/02/09

آخر تحديث: 07:24 (بيروت)

البنك الدولي "يساعد" لبنان: منح أم قروض؟

الخميس 2017/02/09
البنك الدولي "يساعد" لبنان: منح أم قروض؟
يجاهر السياسيون برفض الاقتراض لكنهم يمارسونه (زياد الشوفي)
increase حجم الخط decrease

لم يتوان سياسيو لبنان عن الإعلان جهاراً على مسامع المجتمع الدولي، رفض لبنان اعتماد سياسة الاقتراض للتخفيف من أعباء النزوح السوري، ولكن يبدو أن إصرار لبنان على طلب المساعدات والهبات الدولية لا القروض لم يتعد الموقف الشكلي "الضعيف"، لأن الممارسات على الأرض أثبتت ما يخالف المواقف.

فلبنان الذي أعلن مراراً رفضه قبول سياسة دعم المجتمعات المضيفة من طريق الإقتراض، ها هو ينغمس في عملية الاقتراض تدريجاً من البنك الدولي ومانحين دوليين آخرين، والهدف "دعم المجتمعات المضيفة".

بالأمس خصَّصت مجموعة البنك الدولي 200 مليون دولار لتطوير شبكة الطرق في لبنان، التي تشكّل خطراً على السلامة العامة، وعائقاَ أمام الإنماء المتوازن بين المدن والمناطق الريفية والنمو الإقتصادي، على أن يُستخدَم هذا التمويل في إصلاح نحو 500 كيلومتر من الطرق في المرحلة الأولى من خطة حكومية أوسع لتجديد قطاع الطرق المتردّي في لبنان.

في الشكل يظهر البنك الدولي كداعم لخطة سابقة للحكومة تقتضي إصلاح الطرق العامة، ولكن في المضمون فإن البنك الدولي أعلن صراحة على لسان المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط فريد بلحاج أن هذا التمويل يهدف إلى مساعدة لبنان على الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيه وللاجئين السوريين.

ولأن وجود أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان أدى إلى نشوء ضغوط غير مسبوقة على مرافق البنية التحتية "ومنها الطرق" فإن أعمال إصلاح الطرق ستساعِد، وفق البنك الدولي، في توفير مزيد من فرص العمل لذوي المهارات المحدودة، ولاسيما أن النزوح السوري أحدث تغييراً في سوق العمل بزيادة الأيدي العاملة بنسبة 35%.

إذا، فالدعم سببه الأساسي هو النزوح السوري، ولكن ما هي تحديداً الأموال (200 مليون دولار) التي خصّصها البنك الدولي في الأيام الماضية لتطوير شبكة الطرق في لبنان، وكيف يتم تقسيمها؟ هي في  الحقيقة عبارة عن 45 مليون دولار فقط منحة تًقتطع من آلية التمويل المُيسَّر التي يديرها البنك، وإلى جانب المنحة، هناك حزمة تمويل عبارة عن قرض بقيمة 155 مليون دولار سيُسدَّد على مدى 32 عاماً ونصف العام ومنها فترة سماح لسبع سنوات. وبهذه الحزمة الجديدة، يكون الارتباط الحالي للبنك الدولي من المنح والقروض وغيرها من وسائل التمويل الميسَّر تجاه لبنان قد ارتفع إلى 1.3 مليار دولار.

فالمخصصات المقدمة من البنك الدولي تشكّل بغالبيتها قروضاً وليس منحاً، وقد تعهّد البنك الدولي بمساعدة الحكومة اللبنانية على تحفيز شركاء تنمية دوليين آخرين لتقديم مزيد من التمويل (منح وقروض)، وليست المرة الأولى التي يتم فيها تمرير قروض مقرونة بمنح أو هبات، ومنها على سبيل المثال، التمويل الذي حصل عليه لبنان خلال العام الفائت بقيمة 100 مليون دولار من البنك الدولي، كتمويل ميسر مباشر، يهدف إلى مساندة خطة حكومية لتحسين نوعية التعليم الذي تقدمه واستيعاب جميع الأطفال اللبنانيين واللاجئين السوريين بالمدارس.

يُذكر أن المنحة المقدمة من البنك الدولي أي الـ45 مليون دولار تستلزم موافقة مجلس الوزراء. أما القرض الميسّر أي الـ155 مليون دولار فيستلزم موافقة مجلس الوزراء ومن ثم التصديق في مجلس النواب. ما يعني أن السياسيين عالمون بطرق تمويل البنك الدولي "المخالفة" لمواقف غالبيتهم، وعالمون أيضاً بالأسباب الموجبة لتلك القروض.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها