الإثنين 2017/10/30

آخر تحديث: 00:08 (بيروت)

نفق إيران وحزب الله وترامب

الإثنين 2017/10/30
نفق إيران وحزب الله وترامب
مارس اللوبي الصهيوني ضغطاً على الكونغرس لتشديد العقوبات على إيران وحزب الله (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease
دخل لبنان في حلقة من القلق المستديم على وضعه المصرفي والاقتصادي. العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية الملف النووي والدور الإيراني في المنطقة تحملنا على الاعتقاد في ذلك. العقوبات الجديدة التي فرضت على حزب الله في سياق العقوبات على إيران، ستبقى سيفاً مسلطاً على لبنان ونظامه المصرفي، ما بقيت القضية الأساس بلا حلول.

الوفود اللبنانية التي زارت الولايات المتحدة، وكان أهمها الوفد المصرفي أَميل إلى هذه القناعة. عبثاً يحاول لبنان الرسمي والسياسي والمصرفي القول للسلطات الأميركية إن حزب الله جزءٌ من النسيج الوطني والمجتمعي والسياسي في لبنان. ومن مجلس النواب والحكومة. يستمع الأميركي ولا يصغي جيداً. يصغي لما يقوله الحزب ويعلنه جهاراً، انتماءه الى "الأمة، وعلاقته روحياً وفكرياً بالمنظومة الدينية- السياسية في إيران". ولبنان مجموعة من الأمم، متعددة الثقافات الدينية والحضرية والسياسية. لها امتداداتها وعلاقاتها الدينية والثقافية في الخارج. لكنها ارتضت لبنان دولة نهائية.

لا تبدو إيران في وارد التخلي عن مشاريعها الاقليمية في المنطقة. ولا حزب الله في وارد التغيير. فقط لبنان الدولة يضعف والمؤسسات الدستورية. فمن أين يدخل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي؟ وكيف لنا أن نبدد المخاوف على القطاع المصرفي والمالي؟ وهو مندمج مع منظومة مصرفية ومالية دولية، ويمتثل لقوانينها وتشريعاتها باستنان ما يماثلها من قوانين محلية. المفارقة، أن حزب الله مدركٌ ذلك. وهو من صانعي تلك القوانين. وجزءٌ أساسي من القرار الحكومي. وطهران تدرك ذلك أيضاً. ما ليس مفارقة، أن الولايات المتحدة والعالم مدركان هذا الاستعصاء.

إذا كانت إيران من خلال الاتفاق النووي، باعت منتجاً لا تملكه للولايات المتحدة ومجموعة 5+1، فمن الحكمة القول، إن الولايات المتحدة اشترت منتجاً ستمتلكه إيران في غضون سنوات معدودة. وهو إنتاج يكفي من البلوتونيوم المخصّب الكافي لإنتاج قنبلة نووية أو أكثر. وفي الحالين، البائع سوّق مخاوف المنتج الاحتمالي، والولايات المتحدة ومعها شركاؤها في الاتفاق، اشتروا تبديد المخاوف بطمأنينة موقوتة. وضعت في "حساب أميركي لأجل" ينتهي في سنة 2025. وعلى رئيس الولايات المتحدة بموجب قانون عن الكونغرس مراجعة الاتفاق كل 90 يوماً للوقوف على صحة تنفيذه من الجانب الإيراني. تعليق العقوبات الاقتصادية على إيران الذي حصل بموجب الاتفاق رهن بمراجعة الرئيس. لكن دونالد ترامب الذي كان هدّد بإلغاء الاتفاق النووي "إذا لم يفعل الكونغرس شيئاً"، لم ينفذ تهديده. ليس نتيجة رفض الدول الاوروبية المعنية موقفه في حال انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد، بل على الأرجح لأنه سيضع ادارته في موقف حرج، من دعواتها المتكررة لكوريا الشمالية التي تمتلك السلاح النووي بالفعل إلى التفاوض على الملف. وسيظهر الولايات المتحدة دولة لا تلتزم تواقيعها والمعاهدات. وهذا يخدم ديكتاتور بيونغيانغ.

إلى ذلك، فتقارير المفتشين الدوليين باشراف الامم المتحدة لم تظهر انتهاك إيران الاتفاق النووي. والاتفاق لا يتضمن اشارة إلى الصواريخ الباليستية ومشاريع إيران في المنطقة وتهديدها الاستقرار اللذين يستند إليهما ترامب لإلغائه. لم يستجب الكونغرس أيضاً طلب ترامب تصنيف الحرس الثوري ارهابياً. كتبنا في مقالة سابقة عن خطورة هذا الأمر على إيران خصوصاً في الجانب الاقتصادي والمالي لأنه يحول بينها وبين مشاريع الاستثمار والتحديث بالتعاون مع الدول الاوروبية والصناعية. رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة النووية علي أكبر صالحي اعتبر التصنيف لو حصل "يعادل إعلان الحرب". ماذا فعل ترامب حيال ذلك؟ لجأ إلى وزارة الخزانة لتشديد العقوبات على إيران وحزب الله. من دون أن يثير حفيظة الاوروبيين الذين باشروا عقوداً استثمارية مع طهران. قال لهم، "ما عليكم. إكسبوا مالاً من إيران". الكونغرس سيراجع الموقف من إيران والملف الاتفاق النووي بعد 60 يوماً. وما على لبنان إلاّ "الصبر الجميل" في حرب اقتصادية ومالية مفتوحة!

إذ بحسب المعلومات من مصادر مرجعية من الوفد المصرفي إلى الولايات المتحدة الذي اجتمع بمسؤولين في الكونغرس والخزانة، كان انطباع الوفد أن المستهدف الأساسي من العقوبات على حزب الله هو ايران أولاً، والحزب في الدرجة الثانية. فالحجج التي ساقها الوفد اللبناني حيال الأثر الخطير على استقرار البلد ونظامه واقتصاده لو طالت العقوبات مواقع أخرى يعتبرها الأميركيون بيئة حاضنة للحزب، قابلها المسؤولون الأميركيون بـ"الحرص على استقرار لبنان والقطاع المصرفي". سألوا عن الشيعة. فكان جواب الوفد إنهم جزءٌ أساسي من الاستقرار. وكلما اقترب الوفد من القضايا التي تثير المخاوف محلياً ومباشرة، راح المسؤولون الأميركيون إلى الصواريخ الباليستية الايرانية ودور حزب الله الضاغط على الحكومة اللبنانية وسلاحه. وإلى دوره في سوريا. وكان مفاجئاً تركيز المسؤولين المعنيين على نظام بشار الاسد واستخدامه الاسلحة الكيميائية. وظهر تصميم على وجوب إلى محكمة الجنايات الدولية.

لمس الوفد المصرفي في الكونغرس الضغط الذي مارسه اللوبي الصهيوني لتشديد العقوبات على إيران وحزب الله. ووجود تيار يعتبر أن هناك تأثيراً للحزب على الجيش اللبناني. ويعارض تقديم المساعدات العسكرية له. بينما أكد المسؤولون في البيت الأبيض أن المساعدات العسكرية الأميركية مستمرة من خارج لائحة المساعدات العسكرية التقليدية. وبقرار من ترامب.

اجراءات مصرف لبنان كان مسؤولو الخزانة راضين عنها وعن امتثال المصرف لها. قال الوفد لمارشال  بيلينغسلي الذي خلف دانيال غلايزر في الخزانة مسؤولاً عن مكافحة أموال الارهاب، نأمل الا تضغطوا كي لا نبدد جهود الامتثال التي تقوم بها المصارف ويتابعها مصرف لبنان والهيئة الخاصة. و"اذا كانت الاجراءات غير كافية يهمنا أن نعلم ذلك". فكان تنويه من بيلينغسلي باجراءات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

سئل الوفد اللبناني عما إذا كانت المصارف قادرة على قول لا لحزب الله لو طلب إليها أمراً. فكان الردّ جازماً بأن المصارف وجمعية المصارف تضع في أولوياتها الامتثال لتعاميم مصرف لبنان والهيئة الخاصة فوق أي اعتبار آخر. لم يتردد أحد مسؤولي مجلس الأمن القومي الذي سأل الوفد المصرفي شؤوناً ذات طابع أمني عن القول لضيوفه، "لا. لدينا معلومات أكثر مما لديكم".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها