الإثنين 2016/04/04

آخر تحديث: 17:39 (بيروت)

تسريبات "بنما": هجوم على بوتين والجنّات الضريبية

الإثنين 2016/04/04
تسريبات "بنما": هجوم على بوتين والجنّات الضريبية
11.5 مليون وثيقة أظهرت فضائح مالية لكبار الشخصيات في العالم (الانترنت)
increase حجم الخط decrease

قامت الدنيا ولن تقعد قريباً على الأرجح، بعدما نُشرت تسريبات من إحدى أكبر شركات الـ"أوفشور" القانونية في العالم "موساك فونسيكا". وأظهرت التسريبات التي عُدّت الأكبر في التاريخ (11.5 مليون وثيقة) علاقة ما يزيد عن 200 ألف شركة من أكثر من 20 دولة في العالم مع هذه الشركة التي تتخذ من بنما مقراً لها.

ولكن امتلاك حسابات في "ملاذات ضريبية" وشركات "أوفشور" لا يُعتبر دليلاً قانونياً يدين أصحاب الحسابات، إذ تُعتبر هذه العملية مشروعة في القوانين الدولية ويلجأ إليها رجال الأعمال عموماً لحماية ممتلكاتهم من "السرقة" أو لتجنب التغيرات وعدم استقرار العملة في بلادهم. ولكن عمليات التهرب الضريبي وغسيل الأموال وإخفاء الثروات والتزوير في التواريخ هي ما سيُحاسب عليه في هذه التسريبات، وخصوصاً أنها أظهرت نحو 72 مسؤولاً سياسياً يمتلكون حسابات في هذه الشركة.


وأعلنت السلطات البنمية أنها ستتعاون مع البلدان التي تقرر فتح تحقيقات في هذه الحسابات، في حين قالت الشركة "المخترقة" إن التسريب يشكل انتهاكاً لخصوصية الزبائن وهو "جريمة" على المقاييس كلها.

ويعد هذا الاختراق الضربة الأكبر للملاذات الضريبية حول العالم، إذ رفضت، بنما بالإضافة إلى البحرين ونرو (دولة صغيرة شمال استراليا) وفانياتو التوقيع على معاهدات الشفافية العالمية. وستؤدي هذه التسريبات إلى زيادة الضغوط على هذه الدول وغيرها من الدول التي ترفض قواعد الشفافية العالمية وتُعتبر ملاذات ضريبية آمنة.

والملاحظ من التعاطي العالمي مع هذه التسريبات، أن هناك هجوماً "سياسياً" واضحاً على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما دفع الكرملين إلى اعتبار الوثائق "غير صحيحة" وتستهدف روسيا وبوتين بشكل رئيس. وعنونت معظم الصحف العالمية والعربية "المعلومات الروسية" على أساس أنها تصب في جيبة بوتين بشكل مباشر.

وبالرغم من تأكيد صحيفة "غارديان" البريطانية التي شاركت في التحقيق، أن اسم الرئيس الروسي لم يرد مباشرة وصراحة في أي من المستندات المليونية التي عملت عليها، إلا أن ذلك لم يمنعها من شن هجومها بشكل مباشر عليه باعتبار أن الأشخاص الروس الواردة اسماؤهم هم ضمن الدائرة الضيقة "جداً" لبوتين، وتُقدّر العمليات المالية الخاصة بهم ببليوني دولار أميركي. وبررت الصحيفة أسباب ربط الحسابات باسم الرئيس الروسي بأن حدوثها أقرب إلى المستحيل من دون معرفة بوتين، إضافة إلى أن الأسماء الواردة تعتبر من أكثر الشخصيات قرباً الى بوتين.

وورد في التقرير المصور الذي عرضته الصحيفة بعنوان "كيف تُخفي بليون دولار في خمسة خطوات سهلة" وتصدرت صورة بوتين خلفيته، أنه يتوجب أولاً إيجاد شخص مقرب يمكنك الوثوق به وهو سيرغي رولدوغين "صديقك المقرب وعراب ابنتك الكبرى ماريا والمدير الفني للمنزل الموسيقي في سان بطرسبورغ"، في عبارة موجهة إلى بوتين.

أما الخطوة الثانية وفق التقرير نفسه فإنه سيكون من المفيد ايجاد مصرف يديره "أحد الأصدقاء كمصرف روسيا الذي يديره يوري كوفالشوك"، ويملك رولدوغين حصة 3.2 في المئة فيه. وللمفارقة أن هذا المصرف خضع للعقوبات الأميركية بعدما اجتاحت روسيا القرم.

والخطوة الثالثة لعملية إخفاء البليون تتمثل في إيجاد شركة قانونية متخصصة في شركات "الاوفشور" "كالشركة التي انطلقت منها التسريبات تماماً"، ليبادر المصرف، في الخطوة الرابعة، إلى إنشاء شركات عدة باسم "صديقك المقرب" مثل شركة "سونيت أوفرسيز" و"ساندالوود كونتيننتال" و"انترناشيونال ميديا اوفرسيز" المسجلة في جزر "بريتش فيرجين" على شواطئ الكاريبي حيث تضمن القوانين سرية الحسابات والشركات.

أما الخطوة الخامسة فهي عبارة عن قروض "ضخمة" و"غير آمنة" من مصارف روسية تديرها الدولة مثل "المصرف التجاري الروسي" في قبرص، فيما لم يتضح كيفية موافقة المصارف على هذه القروض "غير التقليدية".

إضافة إلى بوتين، استقال رئيس حكومة آيسلاندا سيغموندور غانلوكسون على خلفية ورود اسمه في "تقارير بنما" بعدما انتخب منذ سبع سنوات. وأظهرت الوثائق المسربة امتلاكه شركة "وينتريس" المسجلة في العالم 2007 في جزر "بريتش فيرجين"، بالاشتراك مع زوجته آنا بالسدوتير.

وامتلك غانلوكسون قبل انتخابه رئيساً للحكومة، حصة 50 في المئة من الشركة قبل أن يبيعها لزوجته التي تحمل النصف الآخر من الأسهم مقابل دولار واحد. ولكنه بعد انتخابه رئيساً للحكومة لم يصرح عن هذه الشركة أو عن امتلاكه حصة في هذه الشركة. ليتضح من خلال الوثيقة أن رئيس الحكومة تنازل عن حصته في الشركة في اليوم الأخير من العام 2009، أي بعد انتخابه رئيساً للحكومة.

وكان غانلوكسون نفى في مقابلة صحافية امتلاكه أو مساهمته في أي من شركات "الأوفشور"، قائلاً إن الشركات الآيسلاندية التي عمل معها "كان لها علاقات مع شركات أوفشور"، إلا أنه أكد أنه لا يملك أي أصول في أي من هذه الشركات.

ومن الأسماء البارزة التي وردت في التقارير التي لن تنشر كاملة قبل شهر أيار/ مايو المقبل، اسم لاعب كرة القدم الارجنتيني ليونيل ميسي ووالده، بالاضافة إلى ميشيل بلاتيني وشركات مرتبطة بالرئيس الصيني شي جين بينغ الذي يحارب الفساد في الصين، ودونالد كاميرون والد رئيس الحكومة البريطانية دايفيد كاميرون.

وورد في التقارير اسم 33 شركة وأشخاص وردوا على اللائحة الأميركية السوداء بسبب علاقتهم وارتباطهم بتجارة المخدرات في المكسيك، وجماعات مصنفة ارهابية مثل "حزب الله"، ودول "شريرة" مثل كوريا الشمالية وإيران، وفق التقارير نفسها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها