الأربعاء 2015/11/11

آخر تحديث: 15:10 (بيروت)

الأوارق المالية المهترئة.. مقبولة رسمياً ومرفوضة "إجتماعياً"

الأربعاء 2015/11/11
الأوارق المالية المهترئة.. مقبولة رسمياً ومرفوضة "إجتماعياً"
حبيقة: اصدار العملات الجديدة يكون بشكل لا تتغير معه حجم الكتلة النقدية (المدن)
increase حجم الخط decrease

تملكت الحيرة نزيه، جابي الكهرباء، الذي يرسم علامات إستفهام عدة حول كيفية استبدال أوراق مالية رفضها المصرف بذريعة أنها مهترئة أو تكاد تكون كذلك، من كثرة تداولها في السوق. ماذا يفعل بـ300 ألف ليرة قبضها من الزبائن، ولا بد من إيداعها في حساب مؤسسة كهرباء لبنان؟ حيرة انسحبت ايضا على محمد وهو صاحب محل بقالة صغير في بيروت. فكيف لمحمد أيضا أن يقبض ورقة نقدية مهترئة وإن كانت من فئة الـ1000 ليرة؟ فأين سيصرفها لاحقاً في حال غُض الطرف عن طرفها الممزق؟ مشكلة بدأت تقرع أبواب المواطنين اللبنانيين بشكل فعلي، بعد كثرة الأوراق النقدية المهترئة من كل الفئات.

في الصين، "أم الإختراعات" تُستخدم الأموال المالية التالفة لتوليد الكهرباء من خلال محطة توليد في "لويانغ" وسط مقاطعة "خنان"، وهناك تحرق الأوراق النقدية القديمة والتالفة بدلا من الفحم، ويمكن لطن واحد من الأوراق النقدية أن يوّلد أكثر من 600 كيلو وات/ ساعة من الكهرباء، وقد أعطى البنك المركزي الصيني، إذنا بحرق الأوراق النقدية التالفة، ورأى فيها وسيلة فعالة لتوليد الكهرباء، فيما أشعلت هذه الفكرة الجديدة صفحات التواصل الإجتماعي، حيث تصدرت عناوين الصفحات الإجتماعية وتناولها الصينيون بفكاهة، ومنهم من قال "أنا على استعداد للعيش سنة من دون كهرباء، فمن فضلكم أعطوني حفنة من هذه النقود".
الحل الصيني لا يعرف طريقه الى لبنان، وبذلك، تستمر المصارف برفض الاموال المهترئة، علماً أن مدير الخزينة في مصرف لبنان مازن حمدان أكد لـ "المدن" عدم وجود أي قرار يحتم على المصارف عدم قبول الأوراق المالية المهترئة، بل على العكس، حدد مصرف لبنان كميات هذه الأوراق التي يمكنه تسلمها من المصارف يوميا وإستبدالها بأخرى جديدة. ولفت الى أنه إضافة الى دور مصرف لبنان في إصدار الأوراق المالية، فهو يقوم كذلك بالفرز، وكل ورقة غير صالحة يجري إتلافها عبر ماكينات الفرز، اما الأوراق الصالحة فتعاد الى التداول. وأوضح أن عمليات الفرز تجري بشكل يومي لكل الأوراق التي تصل من المصارف والقطاع العام، أما الأوراق التي يطلق عليها مصرف لبنان "أوراق مشوهة" فلها تدبير آخر. فهذه الأوراق هي تلك المحترقة أو التي لا تملك كل علامات الأمان أو بعضها، ويطلب مصرف لبنان من المصارف فرزها لتوضع جانباً ولدى وصولها الى مصرف لبنان تفحص من قبل لجنة خبراء، وإذا تبين أنها غير مزورة يجري إستبدالها، وعدا ذلك فهي تتلف ولا يتم التعويض على صاحبها.

وأشار حمدان إلى أن مصرف لبنان يفتح أبوابه يومي الأربعاء والسبت أسبوعيا أمام المواطنين لاستبدال الأوراق التالفة، وحتى للفئات ذات الإصدارات السابقة، ما عدا تلك التي لم تعد تملك قوة إبرائية أي لم تعد متداولة وحكم عليها بـ "الإعدام"، فسحبت من السوق ومنها فئة الـ 10 الاف ليرة ذات اللون "الموف" (mauve) وفئة الـ 500 ليرة الحمراء، حيث سحبتا من الأسواق منذ العام 1994، وبقي المصرف يصدر تعاميمه حولهما لغاية العام الماضي. وطلب حمدان من المواطنين الذين يرفض لهم أي مصرف أوراق مالية مهترئة أن يعلموا مصرف لبنان بذلك لإتخاذ الإجراءات المناسبة.

من جهة أخرى، أكدت مصادر في جمعية المصارف اللبنانية، لـ "المدن"، عدم وجود أي قرار أو حتى نية في عدم قبول المصارف لأوراق مالية مهترئة، وأعادت حالات الرفض الى "شك ما يراود موظف المصرف، حيال ورقة قد تكون مزورة".

الخبير الإقتصادي لويس حبيقه أكد لـ"المدن" أن حالات عدم قبول المصارف أورقاً مالية مهترئة محدودة، مشيرا الى أن "لبنان لا يعيش مطلقا حالة الاوراق المالية التالفة، فمصرف لبنان مسؤول وبشكل مباشر عن هذه الأوراق المالية وبإمكان أي مواطن يملك ورقة مالية مهترئة أن يتوجه الى مصرف لبنان ويقوم بإستبدالها بأخرى جديدة". ولفت حبيقة الانتباه الى ان اصدار العملات الجديدة يكون بشكل "لا تتغير معه حجم الكتلة النقدية، أما في ما يتعلق بالدولار وهو عملة يجري تداولها بكثرة في لبنان، فإن مصير التالف منها أو المهترىء يبقى ايضا بيد مصرف لبنان إذ يرسلها الى مصدرها حيث يجري إستبدالها بأخرى جديدة".


التوضيحات التي تنفي القرارات الرسمية برفض العملة المهترئة أو التالفة، لا تعني غياب الرفض بحد ذاته، إذ ان المواطنين يعانون بشكل يومي من تكدس أموال مهترئة او ممزقة، يصعب عليهم التخلص منها. ويلجأ كثير من المواطنين الى "خداع" الآخرين، عبر "تمرير" اوراق تالفة بين مثيلاتها الجيدة، وتعاني محطات الوقود بشكل رئيسي من هذه الظاهرة، نظراً لطبيعة العمل التي تفرض قبض اوراق مالية كثيرة من المواطنين، وبسرعة تمنع التدقيق بالأوراق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها