السبت 2015/07/04

آخر تحديث: 12:57 (بيروت)

ليطاني الجنوب ينافس بحر صور

السبت 2015/07/04
increase حجم الخط decrease


يخترق نهر الليطاني عدداً كبيراً من بلدات الجنوب اللبناني، ليصب في بحر صور الذي لا يختلف عن الليطاني بجماله وجاذبيته السياحية. والمنافسة على جذب الناس بين الليطاني وبحر صور ازدادت حدّتها بعد التحرير في العام 2000، اذ ان التحرير دفع بأهالي القرى المحررة المهجرين، الى العودة، وبالتالي الى تشكيل حركة داخلية لم تكن ممكنة إبان الإحتلال.
وبرغم تنشيط الحركة الداخلية، الا ان الوجه السياحي لتلك الحركة بقي خجولاً، ومقتصراً على أبناء المنطقة وزوارهم الآتين من بيروت والمناطق الأخرى، خاصة وان الطرق المؤدية الى الأنهار، كانت إبان الإحتلال وما بعده، طرقاً وعرة غير واضحة المعالم، وبأحسن الأحوال موجودة لكن غير معبّدة. واقع الحال تغيّر تدريجاً بعد حرب تموز في العام 2006، حيث نشطت السياحة الداخلية في الجنوب، فكثرت أعداد الإستراحات السياحية على مجرى النهر، بعد ان كانت لسنوات طويلة أماكن تقدم بعض الخدمات البسيطة، في حين ان رواد النهر كانوا يحضرون أغراضهم معهم، ويفترشون العراء تحت ظل الشجر، ومن لم يكن يحالفه الحظ في إيجاد ظل شجرة، كان يحضر مظلة أو إثنتين، يكمل في ظلهما رحلته السياحية.


تُقدّم منطقة قاعقعية الجسر في النبطية، نموذجاً عن النشاط السياحي الداخلي على مجرى الليطاني، وقد عانت المنطقة لسنوات طويلة من الموت الإقتصادي الذي فرضه الإحتلال الإسرائيلي، وبقيت آثاره لسنوات لاحقة. لكن مع تبدل الأحوال اليوم، بات مجرى "نهر القاعقعية"، وهو التسمية المحلية لنهر الليطاني، يضم حوالي 10 منتزهات واستراحات يتراوح تصنيفها بين "الشعبية" و"الدرجة الأولى والثانية"، وتؤمن فرص عمل للعديد من شبّان المنطقة. وبذلك، تُعد هذه المنتزهات "المحرك الإقتصادي للمنطقة"، بحسب ما يذكره رئيس بلدية قاعقعية الجسر، حيدر حيدر. ولا يقتصر دور المنتزهات على الإقتصاد، إذ يعتبر حيدر في حديث لـ"المدن"، ان المنتزهات "تساهم في تحسين الوضع العام لمحيطها، وتعطي صورة حضارية عن المنطقة".
أدخلت منتزهات نهر القاعقعية المنطقة في حركة دائمة لا تتوقف بعد انتهاء فصل الصيف، لأن بعض المنتزهات الكبيرة يشهد حركة خفيفة في فصل الربيع وفي أيام الخريف غير الماطرة. وقد تطور العمل في منتزهات مجرى النهر الى حد إجتذاب الزبائن من مدينة صور وضواحيها، الذين يقسمون رحلاتهم بين بحر مدينتهم ونهر القاعقعية. وفي هذا الإطار، يقول حسين، ابن بلدة برج رحال الجنوبية، انه يقصد نهر القاعقعية "مع ان نهر القاسمية (التسمية المحلية لنهر الليطاني، والذي يمر في منطقة القاسمية قرب برج رحال) يمر على طرف البلدة، وبحر صور قريب أيضاً، لكن المسألة ليست بقرب المسافة أو بعدها، بل بالراحة وبكسر الروتين"، ويضيف ان "النهر هناك لم يكن معروفاً في السابق، فالمنطقة بعيدة ولم تكن المنتزهات ملائمة لإستقبال الزبائن، فكنا نفضل الذهاب دائماً الى البحر وإلى نهر القاسمية الذي اعتدنا ارتياده منذ الطفولة".


يشكّل منتزه "حلو الرواق" نموذجاً عن المنتزهات التي انتشرت على جانبي النهر. رسم الدخول الى المنتزه "هو 10 آلاف ليرة للشخص الواحد"، بحسب قول مالك المنتزه ابراهيم حيدر، الذي يضيف في حديث لـ "المدن" ان المنتزه "يستقبل يومياً بين 300 الى 400 شخص"، ويصف الحركة خلال هذا العام بالجيدة، اذ "تحسن الوضع بنسبة 30% مقارنة مع الوضع في العام الماضي". وعن الطعام، يشير حيدر الى انه "بإمكان الزبائن احضار الطعام معهم من الخارج، دون إلزامهم بالطلب من المنتزه، لكن في هذه الحالة على الزبون ان يدفع مبلغ 20 ألف ليرة أجرة الطاولة".
هذه التسعيرة لا تعتمدها منتزهات المنطقة جميعاً، اذ حدّد منتزه "البستان" مبلغ 10 آلاف ليرة أجرة الطاولة، بينما يتراوح ثمن الدخول للشخص الواحد من 2000 الى 4000 ليرة، في وقت لا تستوفي منتزهات أخرى رسم دخول أو إيجار للطاولة. في السياق نفسه، يقيّم مالك منتزه "حلو الرواق"، أحمد حلاوي، الوضع هذا العام بـ "المقبول المائل إلى التراجع، خصوصاً مع قدوم شهر رمضان في منتصف الموسم". ويعلّل حلاوي أن الوضع الاقتصادي الصعب والغلاء قد أثرا سلباً على الربحية، فنحن بالكاد نجني مصاريف السنة".
يُعد بيع الكحول عاملاً مربحاً لأصحاب المنتزهات، إلا أن معظمها يمتنع عن بيعه او السماح بشربه. ويشير حيدر في هذا الاطار الى أنه لا يقدّم المشروبات الكحولية للزبائن عموماً، الا انه يسمح لعدد منهم باحضارها من الخارج. فـ"إذا سمحت بها، يصير محتّماً على الجيش القدوم وتحويل الجوار الى ثكنة عسكرية، بسبب المشاكل التي تحصل احياناً نتيجة السكر"، علماً انه "في حال تقديمي للمشروبات الكحولية، فسيزيد ذلك من الارباح، في الوقت الذي أدفع فيه ما يقارب 15 ألف دولار سنوياً ثمن إيجار الأرض".
الذهاب في رحلة اسبوعية، إلى أحد هذه المنتزهات، وبهذه المبالغ المذكورة، قد يبدو مقبولاً، إذ أن دفع مبلغ 20 ألف ثمن طاولة لعائلة ليس بالمبلغ الكبير، أمام دفع ضعف هذا المبلغ ثمن الدخول الى مسبح خاص للشخص الواحد. على أن المفاضلة بين ارتياد المنتزهات والمسابح الفاخرة والنهر من جهة، وبين ارتياد البحر من جهة أخرى، ترجّح كفة للبحر، نظراً للأعداد الكبيرة التي ترتاده. ويُجمع عدد كبير من أصحاب الإستراحات على شاطىء صور، أن "البحر يعتبر الوجهة المفضلة للناس في الصيف"، ويشيرون إلى ان "الكلفة لا تختلف كثيراً بين البحر والنهر، فهناك الكثير من منتزهات النهر باتت أسعارها أغلى من اسعار منتزهات البحر".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها