الخميس 2015/11/26

آخر تحديث: 14:30 (بيروت)

موسم تذكّر الكتاب

الخميس 2015/11/26
موسم تذكّر الكتاب
معرض الكتاب العربي في دورات سابقة(المدن)
increase حجم الخط decrease

هذه السنة أيضا سنتأخّر، لا بدّ، عن حضور الندوات التي دعانا الكتّابُ إلى حضورها. هي زحمة السير التي علّمتنا السنوات الماضية أنها ستكون، هذه السنة أيضا، ملازمة لنشاط معرض الكتاب. في كل أمسية من الأمسيات العشر ستغصّ الطرق الموصلة إلى البيال بالسيارات حتى الإختناق. أما المرائب المحيطة بالقاعة الضخمة فستكون قليلة وسيبدو موظّفو هذه المرائب كأنهم، في كل لحظة، متفاجئين بعدد السيارات الذي لم يكونوا يتوقّعونه. من الخارج القريب والبعيد سيكون الإقبال كثيفا على حضور معرض الكتاب. إنه طقس سنوي متكرّر بتفاصيله ذاتها، على رغم الإصدارات الجديدة وسعي الندوات إلى مجاراة الراهن.

لا أعلم إن كانت المعارض الأخرى التي تقام في المكان نفسه (معارض الأعراس مثلا، أو معارض السيارات أو المنتجات الغذائية) تجد هذه الإعداد من الزائرين. ربما كانت هذه، على رغم ضخامة القاعة، مقصودة من المهتمين والمتخصّصين وحدهم. أما معرض الكتاب فنجح في أن يصير أشبه باحتفال ذي طبيعة عامة. يرجع ذلك إلى ما يقوله اللبنانيون عن المكانة الرمزية للكتاب واحتفالهم بصلتهم الخاصة به. في إحدى التعبيرات عن هذه الصلة الخاصة، أو عن الزعم بها، قيل مرّة: "اللبنانيون يوم ضاقت بهم الدنيا التجأوا إلى الكتاب". والمعرض يكاد يكون الإطار الحصري لهذه العلاقة في جوانبها المختلفة، الرمزية والنشرية والإجتماعية... إلخ.

الأيام العشرة، أو الأكثر قليلا، هي أيام لتذكّر الكتاب الذي لن يكون حاضرا في الأيام الأخرى من السنة. نعرف ذلك من الفارق بين الزحمة الموصوفة أعلاه وندرة التردّد إلى المكتبات، على رغم قلّتها والتناقص التدريجي في أعدادها. كما نعرف أن في مقابل تلك الصفوف التي ينتظر أصحابها دورهم للحصول على التوقيعات، هناك غياب تام للكتاب في مجرى الحياة اليومية. لا مشهد أو صورة لرجل يقرأ مثلا، أو لامرأة تقرأ.

أما في ما خصّ دور النشر فالصرخة لا تفتأ تتعالى منذ سنوات. لكن لا بدّ من المشاركة في المعرض، وهذه المشاركة قد تستغرق نصف النشاط الذي تبذله هذه الدور لعملها السنوي. وقد تخطر لواحدنا أننا لسنا وحدنا، نحن في لبنان، من نحصر العلاقة بالكتاب بمعرضه وحده، فالمعارض العربية هي أيضا تؤدّي هذا الدور. تدلنا إلى ذلك الإحصاءات الفضائحية النتائج عن القراءة في العالم العربي، وكذلك عن النشر في هذا العالم. وهذه الإحصاءات التي من قبيلها أن ما ينشر باللغة الإسبانية في سنة واحدة، ترجمة وكتابة، يوازي ما نشر بالعربية من أيام العباسيين.

وفي المعرض يجيب الناشر الواقف أمام واجهته بحركة من يديه تعني أن الإقبال هذه السنة ليس على ما يرام، لكن على الرغم من ذلك تمكن منظموه من أن يأتوا بهذا الحشد إليه. وهذا يبدو مدعاة إلى العجب أيضا إن تذكّرنا المحاولات التي تقوم بها جمعيات مدنية لتنظيم حلقات قراءة. تلك المحاولات تبدو، لاستعصائها، كأنها تردنا إلى زمن بدء اختراع القراءة. أما المكتبات العامة فتبذل مجهودات كبيرة لتحصل على النتيجة الأقلّ. ولنتذكّر التغطية الإعلامية القليلة والإهتمام العام الأقل أيضا في المكتبة الوطنية التي شارف تجديدها على ختامه، ذلك الإهتمام الذي لا يداني أبدا ما نزعمه من علاقتنا الخاصة، بل المميّزة أحيانا، بالكتاب.

هذه السنة أيضا سأعلق في زحمة السير الخانقة وسأضيّع وقتا كثيرا في الدخول إلى المرائب والخروج منها. في السنة الماضية تبين لي أن ركن السيارة بين الفور سيزنز والسان جورج والذهاب مشيا إلى المعرض سيستغرق وقتا أقل. ربما هذا ما ينبغي أن أفعله هذه السنة. رياضة، أقول، إضافة إلى توفير الوقت وسمّ البدن الذي تسببه الزحمة. وسأقوم بذلك كل يوم فالدعوات إلى حضور التوقيع كثيرة، أكثر من السنوات السابقة طالما أن الإقبال على الكتابة يشهد ازديادا مطّردا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها