الأربعاء 2015/07/01

آخر تحديث: 12:03 (بيروت)

هند رستم/العقاد:لم تكن مجرد جسد.. لم يكن مجرد عقل

الأربعاء 2015/07/01
هند رستم/العقاد:لم تكن مجرد جسد.. لم يكن مجرد عقل
وجوه لهند رستم
increase حجم الخط decrease
"لا، لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة".
عباس محمود العقاد (يونيو 1889- مارس 1964)، تمر ذكرى ميلاده هذه الأيام، وفي هذه المناسبة يتذكر آخرون لمحة من حياة من عُرف عنه بأنه "كاره النساء".

في وصف ظالم بامتياز، وإن كانت أسبابه مفهومة، عَنون المتابعون مقابلة هند رستم والعقاد: "لقاء العقل والجسد". العنوان الأخّاذ صحافيًا، لعب على الصورة المُرسّخة في الوعي العام، والمرتاح داخلها شكل تقليدي للمثقف والمفكر الكبير بِسِمات تابوهية للحكمة والعمق وما وراء المشاعر العادية للعامة، خصوصًا مع ما كان يشاع بعدائه للمرأة. وهي الصورة نفسها، التي يحمل وجهها الآخر تلقٍّ شائع أيضًا، لفنانة الإغراء عمومًا، وأيقونته العربية هند رستم بشكل خاص، تلك الجالسة على عرش هذا المجال، ربما حتى هذه اللحظة.

في تلك الليلة السابقة للقائها بصاحب رواية "سارة"، لم تعرف عينا هند النوم. هذا ما قالته للصحافي كمال سعد، الذي نسق المقابلة. لم ترتَح لكلام مرافقها عندما حاول طمأنتها، وأشار إلى عدد من عمالقة الفكر الذين انهاروا أمام طغيان الجمال والإغراء. قال لها إن آرثر ميللر كان يرى العبقرية في زوجته الأسطورة مارلين مونرو بينما كانت تراه مارلين مجنونًا، وأن أحد شعراء إيطاليا الكبار دفعته العاطفة لاقتحام حجرة بريجيت باردو ليراها على طبيعتها. لكن هند قالت: "أضع كل هؤلاء ومعهم مئة في كفة، وأضع العقاد في كفة أخرى، وأتصور الفرق الضخم بينى وبين هذا الرجل، هو يجلس على قمة تجارب البشرية كلها، ويضع فلسفة الإنسانية داخل برشامة فى رأسه، وأنا كل تجاربي من الحياة معدودة.. يا ترى بأى لغة يا هند هتتكلمي مع عملاق الأدب والصحافة؟".


هو هذا التعبير الذي لا ينمّ فقط عن تقديرها للرجل، والذي انكبّت على قراءته منذ عرفت أنها ستقابله، بل تستطيع أن ترى فيه بوضوح صياغة حُلوة لفنانة. ربما تتساءل بينك وبين نفسك، وببعض الحرج، حول ما إذا كانت ثمة مبالغة في تصور هند رستم لتجارب العقاد الحياتية، مقارنة بتجاربها هي. لكنك تتذكر أيضا أن أهمية الجملة لا تأتي من دقتها بقدر ما تأتي من قدرتها على المجاز، ووضع هذا العقل الأنثوي العارف بقيمة العقاد، أمام اختزالها في قالب الجسد الجميل. لم تكن هند مجرد جسد، والعقاد لم يكن مجرد عقل.

اللقاء كان بمناسبة ترشيح العقاد لهند رستم كي تقوم ببطولة فيلم سينمائي كمعالجة لروايته الوحيدة "سارة"، والتي تحمل اسم الحبيبة المعروفة للعقاد.

السيدة الخبيرة، الذكية والقارئة لمحدثها، أدركت منذ البداية أن هذا رجل يحب المرأة، وأن عداءه لها مصنوع. ربما فوجئت أيضًا بصورة مغايرة للعملاق الذي تخيلته صلبًا، معصومًا من المشاعر البشرية.

ـ يعني حضرتك بتؤمن بحب المرأة؟

ـ أؤمن بالحب وبالإرادة.. وأنا في الواقع ضعيف أمام العاطفة!

يقول: "عندما رأيتك لأول مرة في فيلم شفيقة القبطية، ذكرتني بأول مرة رأيت فيها انغريد برغمان، كان عمرها 22 سنة، وكانت صريحة وطبيعية مع انفعالاتها، وفي رأيي أقرب إنسانة الى سارة، لذا أنا أرشحك لتمثيل هذا الدور، إنك سارة نفسها، بكل ما فيها من ذكاء الأنثى، وطبيعة الأنثى، ورغبتها في أن تستجيب. الفارق الوحيد بينك وبين سارة هو أن الناحية العصبية عندك طاغية، وهي على عكسك، لدرجة أنك لو قفلت شفتيك بدون كلام لمدة خمس دقائق لارتعشنا على الفور.


(*) اللقاء، فرغّه الصحافي كمال سعد، ونشرته مجلة "آخر ساعة" في ديسمبر 1963، وأعاد نشره الناقد المصري محمود عبد الشكور قبل سنتين في موقع "عين على السينما".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها