الإثنين 2018/09/03

آخر تحديث: 12:09 (بيروت)

"التحديث والدمقرطة في العالم المسلم" لشيرين ت. هنتر

الإثنين 2018/09/03
"التحديث والدمقرطة في العالم المسلم" لشيرين ت. هنتر
increase حجم الخط decrease
صدر عن دار ألكا للنشر/باريس كتاب "التحديث والدمقرطة في العالم المسلم" لشيرين ت. هنتر، ترجمة فالح حسن.

جاء في تعريف الكتاب:
ما النقاش الدائر بشأن الإسلام بالأمر الجديد في الغرب. إنما في السنوات القليلة الماضية، راجت كتابات كثيرة عن الإسلام، وبخاصة، منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001. إذ قيل وكتب الكثير عن الإرهاب وصلته بالإسلام. وصار الإسلام موضوع مئات الكتب، والمقالات، والمؤتمرات، وهكذا زادت فرص "المتخصصين" المُحدَثين في إضافة "خبرتهم" الغضة إلى المعرفة المتأسسة لدى الأكاديميين، والرحالة، والدبلوماسيين البارعين الذين عاشوا وعملوا مع المسلمين وبين ظهرانيهم.

لا ريب أن نتاجا ثمينا وضع عن الإسلام، والثقافة الإسلامية، والقيم الإسلامية. بيد أن عددا كبيرا من الدراسات هي أعمال تحريضية، وأحادية الجانب، توجّهها العواطف والميول الأيديولوجية. ففي الحقيقة، تبدو النزاهة سلعة نادرة في زماننا هذا لمّا يتعلق الأمر بمناقشة الإسلام، فغدت أكثر المناقشات مسيّسة وذاتية. على كلٍ, تبقى هنا مسألة أساسية، واعني بها: كيف العيش مع ما يزيد على 1.2 بليون مسلم موزعين في أرجاء العالم كافة.

التحديث والدمقرطة في العالم المسلم: العقبات والعلاج Modernization and Democratization in the Muslim World: Obstacles and Remedies إسهام فذ في النقاش المتواصل عن الإسلام، والإسلامويين، والمسلمين. فهذا العمل واسع النطاق، الذي يدمج السياسة، والتأريخ، والاقتصاد، وشؤون التنمية، يبذل جهودا جديرة بالثناء لتبيان قضايا معقّدة، ناهيك عن تبيان الترابط بين تلك القضايا. ويقوم بذلك بنحو غير جدالي، معلّما أو مذكّرا القرّاء بوضع الأشياء في سياقاتها المتعدّدة. على أن هذه المقاربة، لا تعذر أو تدافع عن الحكومات القائمة في العالم المسلم. بل بالعكس، أن زعماءها مدعوون هنا لملاحظة "أن بعد انقضاء ما يربو على خمسة عقود من الجهود في مجال التحديث، لمّا يزل العالم المسلم متخلفا ليس عن العالم الغربي المتقدّم وحسب، بل حتى عن عدد من البلدان الآسيوية شرقا." وتمضي هذه الدراسة إلى أبعد من ذلك عندما تحلل "ثغرة تحديث وديموقراطية العالم المسلم". إن عواقب هذا العجز، الذي ينطوي على تبعات ضمنية لأمنها، قد أصبح شغل صنّاع السياسة الشاغل، خصوصا في البلدان الكبرى، وخصوصا في الولايات المتحدة، وفي العديد من الدوائر القيادية في العالم المسلم. وعلى الرغم من وجود إجماع عامّ على حقيقة فجوة التحديث والدمقرطة بين الدول المسلمة والبلدان الغربية، إلا أن تفسير أصولها والحلول الممكنة لملئها، يشكّل كبرى المشكلات. فالأفكار النمطية الشائعة، ومنها تلك الرائجة في البلدان المسلمة، لا تساعد على إقامة البنى التي تردم هذه الثغرة. ومن المهم القول إن هذه الدراسة لم تهوّن من شأن الإرهاب الجسدي أو النفسي أو الشفاهي، ومهما كان مصدره. على أن تركيز هذه الدراسة الأكبر ينصبّ على السعي إلى تحديد الظروف الملائمة للسلم والأمن العالمييْن، كما الظروف التي تنطوي على التنمية الاقتصادية.

تذكّرنا الدراسة كثيراً بأولوية يومنا الراهن في وضع تحليلات الإسلام في سياقاتها الجغرافية والاقتصادية والتاريخية الصحيحة. ولأجل هذا، يجهد هذا العمل لإنقاذ التأريخ من أيدي الخبراء الجدّد، ومؤرخي الإسلام. ولربما ليس مؤرخي الثقافة والمستشرقين بمخطئين كليا في آرائهم، التي طرحوها بشأن أسباب تخلف البلدان المسلمة، لكنّهم "مدعوون إلى عدم إهمال تنوّع عملية التحديث " وعليهم أن يتذكروا أن " التقاليد، ومن ضمنها الدينية، ما زالت قائمة في المجتمعات الغربية الحديثة، بل في بعض الحالات مثل الولايات المتحدة، تراها صارت أقوى". وفي ما يتصل بالدمقرطة، تشير الدراسة مرة أخرى إلى أن "بريطانيا كانت البلاد الوحيدة حيث كان التحديث والدمقرطة ظاهرتان أصيلتان فيها، وتحققتا في حقبة سلام نسبي على امتداد ما يزيد على 200 سنة". وعلى النقيض من ذلك، في الجارة فرنسا، كان التطور الديموقراطي محفوفا بالعنف. من هذا الباب، ينصحنا الواقع بإقامة نقاش "أقل تعصبا" و "أقل تجريدا" في موضوعة الإسلام والديمقراطية. والمقارنات بين الثقافات الأخرى والديموقراطية من ناحية، والسياقات التاريخية من ناحية أخرى، لهو أمر لا غنى عنه في التقييمات العلمية لتطور الثقافات. كما أن الحداثة والديموقراطية ما كانتا سيرورتان خطيّتان  linear process. وتمتلئ هذه الدراسة بالبراهين المهمة جدا عن ترابط الأحداث الماضية، التي تلاقي إهمالا أو تهوينا في الوقت الراهن، مع أنها كانت حاسمة في وقتها.

لا شكّ أن هذا المنهج يساعدنا على فهم بعض التحولات التاريخية وموضعتها في المنظور الصحيح. إن القوى الكولولنيالية ومظاهر الوجود الأجنبي الأخرى، قد ولّدت إدراكا لدى السكان المحليين بضرورة الدفاع عن أنساقهم الدينية والثقافية الخاصة بهم، وعليه إعادة تنظيمها. إن رفض، أو تكييّف، أو دمج نماذج المُستعمِر  colonizer's models كثيرا ما خضعت للنقاش، والعودة إلى شكل تأريخي مثالي للحكومة لطالما نُظر إليه في العالم الحديث درعا ضدّ التدخل الأجنبي أو الاقتحام الحديث  modern intrusion.

تخلص الدراسة إلى مجموعة من التوصيات الواقعية. إذ تلحظ أن الثقافات والقيم أشياء ليست ثابتة، كما أن التغيرات التي تطرأ على البنى الاقتصادية والاجتماعية غالبا ما تقود إلى تحولات ثقافية. وفي الحقيقة، أن الإصلاح أمر ممكن لو يصار إلى اتخاذ جملة أفعال متعاضدة وفي مستويات مختلفة. إن المبادئ العامّة ـ على سبيل المثال، احترام حقوق الإنسان والشفافية ـ يجب أن تلقى تأييدا على امتداد مدة طويلة من الزمن. وفي المستوى الوطني، أن بناء رأس المال البشري أو تعزيزه يجب أن يكون بنحو ثابت مع ثقافة التسامح والقبول. وأخيرا، أن الديمقراطيات الناضجة، التي تتوفر على أوتاد راسخة في أمن العالم المستقر، ينبغي أن لا تنقطع عن دعم التحديث في غيرها من البلدان. ففي الواقع، في عصر الاتصال الجماهيري هذا، على القيم العالمية أن تهزم المكاييل المزدوجة، ويتوجب تنظيم جهود جدّية لتعضيد مصداقية المجتمع الدولي، وهكذا، يساعد هذا الوضع على معالجة جذور سوء الفهم الحالّ بين الثقافات والمناطق. ينبغي إيقاع الهزيمة بالإرهابيين، والعدميين، وكلّ أولئك الذين يروجون لأيّ شكل من أشكال التوتاليتارية إن كان في المقاربة أو في الفعل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها