الإثنين 2017/09/25

آخر تحديث: 13:24 (بيروت)

عندما حاضَرت غادة عبدالرازق في ما يشرّف مصر

الإثنين 2017/09/25
عندما حاضَرت غادة عبدالرازق في ما يشرّف مصر
أحمد الفيشاوي نشر فيديو يعتذر فيه عن اللفظ
increase حجم الخط decrease
1
المحامي المصري سمير صبري رجل شديد النشاط. لا يؤجل عمل اليوم إلى الغد، ولا يتردد لحظة في التصدي لحماية أخلاق المصريين من الانهيار.

لم تمر 24 ساعة على انتهاء فعاليات افتتاح الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي، والجدل الذي أثاره الممثل أحمد الفيشاوي بتلقائيته في مسرح الافتتاح، حتى تقدم المحامي النشيط ببلاغ للنائب العام، يتهم فيه أحمد بإعاقة جهود الدولة في استعادة النشاط السياحي والاستثمار الخارجي، وإثارة حفيظة الضيوف من السينمائيين الأجانب! وقال في البلاغ، وفق مواقع إخبارية: "في الوقت الذي تعمل فيه أجهزة الدولة جميعها على تنشيط السياحة في الأراضي المصرية، وإعادة مصر لدورها الحضاري العالمي وتنظيمها المهرجانات العالمية؛ لتشجيع الاستثمارات وتنمية الاقتصاد وإعادة السياحة إلى أكثر مما كانت عليه، قام المُبَلَّغ ضده أحمد الفيشاوي، بعمل غريب، خلال افتتاح الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي، حيث صعد على خشبة المسرح وكان يبدو مخمورًا".

الحكاية التي احتلت سقف اهتمام السوشال ميديا، بدأت بأن الفيشاوي بطل فيلم افتتاح المهرجان "شيخ جاكسون"، وقف على المسرح في أداء عفوي لا يتصنع رصانة. وأشار إلى شاشة العرض، قائلًا: "أتمنى نعرف نشوف الفيلم على البتاعة الخرا دي".

المهرجان الذي أنشأه رجل الأعمال نجيب ساويرس، بدا افتتاحه في شاشة التلفزيون جيدًا، متفاديًا لكثير من مشاكل مهرجانات الدولة، وإن عابه منع الصحافيين المدعوين لتغطيته من حضور الحفلة، ما أغضب بعضهم، بينما مرر بعضهم الأمر طمعًا في "أسبوع استجمام في الجونة" بحسب وصف الصديق والمحرر الفني أحمد فاروق. غير أنه لم يتم عمل حساب الهواء الشديد الذي تسبب في اهتزاز شاشة عرض الفيلم، ما علق عليه الفيشاوي بالـ"الخرا"، لتقُم الدنيا على أطراف أصابعها منزعجة من التعبير الذي هو إحدى مفردات حياتنا اليومية، سواء من أبناء الطبقة البسيطة بمعناه الحرفي، أو من أبناء الطبقة الراقية على سبيل "الترويش" والمجاز.

2
المحامي صاحب الخبرة الطويلة في محاكم الأخلاق الحميدة، نصّب نفسه منذ فترة حارسًا على بوابة مشاعر المصريين، جالسًا على دِكّته بالعصا لكل من يتجرأ على خدش حياء الشعب. هذه المرة رفع عصاه حاميًا الضيوف الأجانب من تهور فنان يبدو مخمورًا. وعلى المرء أن يشكر الله لأن الرجل تغافل عن أن "سكر وعربدة" أحمد الفيشاوي هي أفعال تتيحها أماكننا السياحية لضيوفها الأجانب، حيث النهار على الشواطئ أو في المزارات الأثرية، والليل في باراتها الجميلة بين زجاجات "ستلا" فخر الصناعة المصرية.

"المتر صبري" يتمنى على النائب العام، في بلاغه، أن "يتخذ الإجراءات القانونية؛ لمحاسبته على "الفضيحة التي تقيد جهود عودة السياحة مرة أخرى، نظرًا لإساءته لمصر، وتقديمه للمحاكمة الجنائية". وهو لم يخرج في أمنيته عن كتالوغه المعتاد، مستحليًا الحكاية، بعدما نجح في معارك عديدة من هذا النوع، نتج عن أشهرها حبس الروائي المصري أحمد ناجي سنة، بتهمة خدش الحياء، والذهاب بالمحامي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي إلى النيابة مرتين أو أكثر للتحقيق وهو "متهم" برفع إصبعه الوسطى في وجه مؤيدي اتفاقية "تيران وصنافير"، وبعض المعارك الأخرى التي تقع جميعها في منطقة "قلة الأدب".

3
للحياة اليومية سخريتها التي ترطب علينا شقاءها، لذلك لم يكن محامي الأخلاق منفردًا في استيائه وخوفه على سمعة مصر. عدد من الإعلاميين والفنانين وقفوا معه كتفًا بكتف.
الإعلامي عمرو أديب أزعجته كلمة "خرا". وأنا اندهشت لأن عمرو الذي كتب في صفحته: "أحمد الفيشاوي قليل الأدب"، هو نفسه عمرو الذي ظل صامتًا على ظلم مبارك له، بحسب ادعائه، إلى أن رحل مبارك فأخذ حبوب الشجاعة وسبّ الدين لنظامه على الهواء، قائلًا بالحرف: "ده نظام خصى شعب بالكامل وطلع دين أمه".

هناك أيضًا مذيع العشاق والنصائح العاطفية، أسامة منير، الذي اتهم الفيشاوي بالتفاهة، ما يثير الاندهاش صدقًا من راحة الضمير هذه في إعطاء الواحد من هؤلاء لنفسه أهمية أن يقول رأيه في الغير سبّاً، وبأريحية.

غير أن كبيرة كبائر الضحك في هذه المعركة، كانت بطلتها الممثلة المصرية غادة عبد الرازق، التي أزعج شخصها الوقور، أداءُ أحمد الفيشاوي. فكتبت في تويتر: "اختيار سليم لشخصيات سليمة، وجهة مشرفة لمصر، هذه هي الديموقراطية، والحرية الشخصية، برافو مهرجان الجونة، خسارة، طلعتونا بأوسخ شكل"!

ولأن المعاملة بالمثل صعبة على بعضنا، لا يستطيع الواحد انتهاز فرصة أن غادة من أخصب التُّرب التي يسهل التعامل معها في هذه المناطق، وبيتها من زجاج هشّ، غير أن عواقب الأمور تسلطت عليها عبر الراقصة سما المصري، صاحبة اللسان المِبرد، فبادرتها بردح، مذكرة إياها بالفيديو الشهير الذي سجلته ثملة وتسبب في خروج ثديها كاملًا أمام الملايين. وحسمت سما الأمر بجدية: "كلنا فاسد لا أستثني أحدًا".

4
على عبثية الحدث وما يثيره من ضحك، يبدو أن علينا أخذ الموضوع بشيء من الجد، ذلك أن البيئة المحيطة توفر للمحامي سمير صبري أجواء طيبة للعمل، والقضايا الشهيرة التي انتصر فيها لمحكمة الأخلاق الحميدة، بدأت غالبيتها على أرضية ساخرة.

أحمد الفيشاوي نشر فيديو يعتذر فيه عن اللفظ. ومع ذلك ما زال يواجه خطر الوقوف أمام إحدى محاكم الأخلاق التي اعتدنا أنها مثل الحمّام: "دخوله مش زي خروجه".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها