الثلاثاء 2017/08/08

آخر تحديث: 12:57 (بيروت)

فينك يستقيل من "ماغنوم" بعدما استسلمت للرأسمالية

الثلاثاء 2017/08/08
increase حجم الخط decrease
رغم اعترافه الصريح بتمتّعه "بحرية غير محدودة في إعتماد النظرة الفوتوغرافية التي تستهويه واختيار المواضيع وحتى مواقيت المباشرة بتنفيذها والمدة التي تستغرقها"، استقال المصور البلجيكي جون فينك John VINK من وكالة "ماغنوم" التي كانت ولم تزل الحلم بعيد المنال الذي راود مصوري الأزمنة الحديثة بإضافة اسمها الساحر إلى تواقيعهم.

ربما فينك من القلائل الذين أقدموا على هذه الخطوة الجريئة، بعدما قضى 20 عاماً في الوكالة التي أسسها روبرت كابا وهنري كارتييه بريسون، بالإشتراك مع زملائهما جورج رودجر، دايفيد سيمور، ووليم فانديفرت العام 1947.

قال فينك الذي دخل "ماغنوم" في 1993 كمرشّح، وفق قوانينها الصارمة، ليصبح بعد 4 سنوات عضواً ثابتاً فيها: "لم يكن بإمكاني توقيع العقد الجديد الذي وُزع على الأعضاء والمتعلّق بالإستعانة باستثمارات خارجية تقررها الوكالة التي عدّلت قوانين عمرها أكثر من 70 عاماً"...

على "ماغنوم"، وفق القانون الجديد، أن تقتطع جزءاً من أرباح المصوّر لحساب المستثمرين الجدد. هذا ما لم يقبل به فينك، الذي تجنب الخوض في تفاصيل القانون الجديد، الذي سيحدّ من حريته في العمل، متمنياً الحظ السعيد للوكالة التي أصبحت من ماضيه المهني. "لا أعتقد أن هناك ما يقنعني بالعودة عن قراري بالرحيل. لن أساوم على حريتي. لقد طلبوا منا صراحة تقديم ما يكفل حقوق هؤلاء المستثمرين الجدد،" كما قال.

يفرض القانون الجديد على المصورين الأعضاء القيام بمهمات في مجالات الإدارة والتحرير والأعمال التقنية، من دون أي مقابل مادي إضافي.

"لم أوقّع العقد الجديد لأني لن أتخلى عما أتطلع إليه وأحبه كمصوّر. أنا لست موهوباً في إدارة ورش تدريبية، وأجهل القيام بمهام إدارية، لا بل أرفض مثل ذلك العمل الذي يشغلني عن مهنتي الأساسية. إن أعمالي المصوّرة لا تجني أرباحاً كافية تجعلني قادراً على تقاسمها مع مستثمرين جشعين. إني أجهد كي أتمكن من عرض بعضها في المتاحف والصالات".

لم يكن سهلاً على فينك تقبّل هذه المتغيرات. الصدمة الأعنف التي تلقاها كانت خبر إستقالة مدير "ماغنوم" الحالي، المصور البريطاني مارتن بار، الذي كان صوّت في الجمعية العمومية التي انعقدت في لندن أواخر العام المنصرم، على الموافقة على النهج الجديد، من دون التواصل مع بعض المعترضين والإطلاع على مواقفهم، إذ كان نشر في حسابيه في "إنستغرام" و"تويتر": "حتماً سنفقد عدداً قليلاً من الناس عند حصول متغيرات، كما الحال مع جون فينك".

فينك بلجيكي (1948) درس التصوير في بروكسيل. عمل مصوراً صحافياً مستقلاً منذ 1971. اهتم بالمواضيع التي تستغرق وقتاً. حصل على جائزة "و.يوجين سميث" للفوتوغرافيا الإنسانية في 1986 عن موضوعه "المياه في الساحل"، حول أزمات المياه في أفريقيا، والذي استغرق تصويره أكثر من سنتين. بعدها، إنضم إلى وكالة "VU" حيث إنصرف إلى موضوعه "اللاجئين في العالم"، 1987-1993 (المكسيك، الهند، باكستان، العراق، السودان، كرواتيا...).

في العام 2000 دفعه ميله إلى التركيز على مواضيعه والإبتعاد عن المشهد الفوتوغرافي الرائج، إلى تجنب السفر المستمر، فبقي في كمبوديا 11 عاماً لتصوير التداعيات الإجتماعية للحروب الأهلية. نشر موضوعه هذا في سادس كتبه "البحث عن الأرض"(2012).
بعد كل هذه السنوات، بدأ فينك اليوم البحث عن مقومات للصمود من خارج مهنة التصوير، معبراً عن رغبته في المحافظة على إيقاع حياتي ألفه، وصان حريته التي دفع ثمنها الخروج من نعيم "ماغنوم": "وجدتُ في منهج عملي إيقاعاً يناسبني لن أتخلى عنه. أتمتّع بحرية لا تُصدّق في طريقة عملي، في مواضيعي وفي أوقاتي، وهذا إمتياز لم يحظ به أحد من الزملاء العاملين مع الوكالات. لو وقّعت العقد لفقدت الكثير. لكنني الوحيد الذي لم ينصاع." قال.
اليوم، أعلنت "ماغنوم" على لسان مديرها التنفيذي دايفيد كوغان خطتها الجديدة "لمساعدتها على مواجهة تحديات العصر الرقمي والتحديثات الضرورية"...

فينك، الذي بدأ منذ 2011 وحتى بداية الصيف الحالي، تصوير مخيمات اللجوء السوري في لبنان مقتنع بأن "ماغنوم"ستستمر في إلهام المصورين، لكن سياق إنتاج الصور سيكون تحولاً مخيفاً لا مفر منه".

بخطتها الجديدة تنهي"ماغنوم"، الرائدة في حفظ حقوق المصوّر وتسويق أعماله بينما يكون منهمكاً في تغطية الحروب والنزاعات، زمناً جميلاً وتستسلم لرأسمالية متوحشة لن تسلم حتى صور مآسي الحروب من غطرستها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها