الجمعة 2017/08/25

آخر تحديث: 12:38 (بيروت)

المهرجان الدولي للتصوير الصحفي: الموصل والحروب الطائشة

الجمعة 2017/08/25
increase حجم الخط decrease
تفتتح مدينة بربينيان الفرنسية نشاطها العريق؛ المهرجان الدولي للتصوير الصحفي، أو "فيزا الصورة-2017" في دورته الـ29 (من 2 حتى 17 أيلول).

كعادتها، تتوزع مواضيع المشاركات على ميادين الحروب والصراعات والقضايا البيئية والإجتماعية، في ظل استمرار أزمة الصحافة المطبوعة، التي طالما كانت المنصة الأهم لنشر الصورة الصحفية، أمام غزو الشاشات المتواصل.

كتب مدير المهرجان جان-فرنسوا لوروا، مشجعاً المصورين الصحفيين على نشر أعمالهم بالطرق الصحيحة: "لنتوقف ونفكّر، من الواضح أنه في هذه الأزمنة المضطربة تبقى هناك حاجة ماسّة إليكم وإلى صوركم التي تلعب أدواراً أساسية. العالم اليوم بحاجة إليكم أكثر من أي وقت مضى. نعم! نحن بحاجة إليكم، لا تتركونا ننهار وحدنا"...

للموصل الحصة الأكبر في المهرجان لكونها آخر الحروب التي تجذب الصحافة المصورة: "معركة الموصل"، تصوير لوران فان در ستوكت الذي يحكي في صوره عن نهار الثاني من حزيران الطويل، وتقدم القوات العراقية إلى آخر المواقع المحتلة من قلب المدينة القديمة التي تحولت إلى جبهة قتال رغم وجود أكثر من مليون مدني. وسط فوضى المعارك ونار القناصين والقنابل والصواريخ يظهر مدنيون من بين الأنقاض هاربين من جحيم المعارك. يترك المصوّر كاميرته ويشارك في إنقاذ هؤلاء. فان در ستوكت بلجيكي (1964)، صوّر رومانيا بعد تشاوشيسكو وحروب يوغوسلافيا، أفغانستان، الشيشان، الخليج وأخيراً العراق.

"سقوط الخلافة" عمل آخر للإيطالي لورنزو ميلوني (33 عاماً). شهد هو أيضاً على أوضاع المدنيين أثناء القتال في الموصل. أحب التصوير فترك عمله في الهندسة. في 2009 صوّر أحداث الشرق الأوسط: فلسطين، اليمن (2010)، ليبيا (2011)، لبنان (2012- 2014)، وسوريا. يعمل في "ماغنوم" منذ 2015.

"الموصل: الإستعادة المريرة" تغطية ألفارو كانوفاس (باريس 1968)، من "باري- ماتش" الفرنسية. رافق ألفارو تقدّم "الفرقة الذهبية" العراقية، كما يسميها الأميركيون، إلى قلب المدينة. أظهرت صوره قتالاً شرساً حاصر المدنيين الأبرياء وتسبّب في مآسيهم. "إنه الإنتصار الأول على داعش، لكن بأي ثمن؟"، خلص كانوفاس. بدأ ممارسة مهنة التصوير الصحفي منذ 1989، بعدما صوّر عروض الأزياء ووجوه المشاهير والعديد من المواضيع الإجتماعية والبيئية. بعد 11 أيلول 2001 انصرف إلى تغطية الأحداث الدولية: أفريقيا، الشرق الأوسط... مركزاً على الصراعات الطائفية في باكستان والعراق. أصيب أثناء إقتحام مقر القذافي في باب العزيزية.

لإفريقيا أيضاً مكانتها بين المواضيع المعروضة: "حياة على حد السكين" للجزائرية زهرة بن سمرة التي التقطت صورتها الأولى في سن الـ24 لضحايا تفجير في العاصمة الجزائرية، عندها لم تتوقف عن البكاء طيلة أيام. تقول: "في الغد تحولتُ إلى شخص آخر، مختلف. أدركتُ أن الفوتوغرافيا، بنظري، تبيّن وتفضح آلام الحروب". أمضت سنوات متخفية تصوّر العنف الذي حلّ في وطنها. هي أول مصورة صحفية جزائرية. في سنوات العنف، برعت في إخفاء كاميرتها التي لم ترفعها إلى مستوى العين لتلتقط الحدث دون إثارة انتباه الآخرين. بعد إنضمامها إلى "رويترز"، صورت أحداث ليبيا، سوريا، العراق، أفغانستان، السودان، مصر، الصومال... تناولت حياة المدنيين وسط هذه الصراعات لإيمانها "أن الناس متساوون، أينما وجدوا ومهما تنوعت هوياتهم وعقائدهم الدينية".

"بربر المغرب: ثقافة تقاوم"، عمل فرحات بودا المولود في منطقة القبائل في الجزائر التي تركها العام 2000 لدراسة التصوير في فرنسا. مقيم في ألمانيا، دائم التردد إلى مسقط رأسه حيث يصوّر إحتياجات وقضايا شعبه. تناول فرحات القبائل، في تنوعها العرقي والديني الممتد على مساحات شاسعة من الشمال الأفريقي، وسعيها إلى الإعتراف بالهوية والإستقلال ورفض الإندثار. في صور فرحات أناس "إنسجموا مع إيقاع أرضهم، حتى لو عاشوا حياة بدائية.  تجمعهم روابط عائلية وثيقة، وللمرأة مكانتها في غياب الرجال العاملين في أراض نائية، فتحولن إلى حارسات للذاكرة الحيّة وللتقاليد وللثقافة الأمازيغية"، كما يقول.

من المشاركات الأخرى: رافاييل ياكوبزاده "أوكرانيا من حرب إلى أخرى"؛ رينيه باير "معركة جديدة: حياة اللاجئين الأفغان في الولايات المتحدة"، عن المتعاونين مع الأميركيين في أفغانستان حيث كانوا يمارسوا مهنهم، أما اليوم فهم عرضة لآفة الجريمة والفقر؛ دانييل بيريوالك "إنهم يقتلوننا مثل حيوانات" عن مكافحة عصابات المخدرات في الفيليبين. صوّر بيريوالك عائلات ضحايا هذه الحملات؛ ماركو لونغاري "صخب وعزلة في أفريقيا"، قارة ينهشها الفساد والحروب؛ ساره كارون "إنشالله كوبا" عن المسلمين الكوبيين؛ إيزادورا كوزفسكي "قاصرون في السجون"، عن العدالة في الولايات المتحدة؛ ميريديث كوهوت "فنزويلا حافة الهاوية"؛ إد كاشي "وباء جديد"؛ أنجيلا روميرو "بيرو: الإخفاء القسري للنساء"؛ إيمانويل سكورسيللتي "إيطاليا الجريحة: زلزال 2016"؛ دارسي باديلا "حالمون" عن الفقر في الولايات المتحدة؛ دو غوانغ "الصين: إنماء وتلوث"...

بربينيان التي تكرّم هذا العام المصور الراحل ستانلي غرين (1949- 2017)، تقدم إضافة إلى عشرات المعارض (أكثر من 25) عروضاً ليلية وطاولات مستديرة ولقاءات مع مصورين وعاملين في مجال النشر والتصوير الصحفي، وتختتم أسبوعها الأول بتوزيع جوائزها. وكما كل عام، تستمر معارضها حتى إفتتاح العام الدراسي لإتاحة فرصة مشاهدة المعارض أمام الطلاب ونشر ثقافة الصورة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها