الثلاثاء 2017/03/07

آخر تحديث: 11:42 (بيروت)

"نحن وهُم": أليس سبرينغز بعيداً من ظِلّ نيوتن

الثلاثاء 2017/03/07
increase حجم الخط decrease
رغم أن الكتاب الصادر مؤخراً "نحن وهُم" موقّع من المصور الألماني الراحل هلموت نيوتن(1920-2004) وزوجته أليس سبرينغز(1923)، تميل الأنظار إلى صور الأخيرة التي عاشت خلف أضواء شهرة الزوج حتى بعد رحيله، مع أنها حققت أعمالاً مهمة.


مقدمة الكتاب (23x27 سنتم، 200 صفحة) قصيرة، كتبها هلموت قبل وفاته: "يتضمن هذا الكتاب أعمال مصورَين، خصّص أحدهم كامل حياته للفوتوغرافيا، بينما كانت الثانية ممثلة مسرحية ثم رسامة قبل ميلها إلى التصوير، تمارسه وحيدة وبشكل متقطّع، لكن بجدية. إنهما يعيشان معاً منذ 50 عاماً، ويتعاونان في إقامة المعارض ونشر الكتب، لكنهما لا يتواجدان معاً أثناء التصوير. من تبويب الكتاب نلمس أن أحداً لم يتأثّر بالآخر. أُدركُ جيداً حقيقة وبساطة بورتريهات أليس. من جهتي، أتحمّل تحرفات ومعالجات صوري في مرحلة الإعداد للنشر". كتب نيوتن في المقدمة.

إلى المقدمة، هناك خمسة فصول: "هلموت بعدسة أليس". "أليس، بورتريات شخصية". "أليس بعدسة هلموت". "هلموت، بورتريات شخصية". والفصل الأخير "هلموت نيوتن – أليس سبرينغز: هُم".

كما عاشت في الظل كذلك اختبأت خلف أسماء مستعارة اختارتها لنفسها. اسمها الحقيقي جون براوني، ولدت في ملبورن- أوستراليا. بدأت ممثلة مسرح باسم مستعار هو جون برونيل. نالت في 1956 لقب أفضل ممثلة أوسترالية. بعد زواجهما في 1948 انصرفت للرسم. أصبحت مصوّرة بالصدفة في 1970 بسبب مرض هلموت، فحلّت مكانه لتصوير إعلان سجائر فرنسية. أعطاها هلموت بعض الملاحظات السريعة وأنجزت المهمة. بعد هذا الإعلان تهافتت عليها الطلبات. اختارت شخصيات إعلاناتها لتعكس حداثة عصرها: نساء متحررات، شباب يقودون دراجاتهم النارية... ما رسّخ أسلوبها المميز. تقبّل المعلنون صورها الديناميكية المرحة.

كثرت أعمالها المنشورة في صحافة الموضة والمشاهير، وتضاعفت أسماء النجوم والفنانين الذين أبرزت هالاتهم ومقدراتهم، كما مزاياهم ونقاط الضعف. ركّزت على الوجوه منبع الأحاسيس، والأيدي التي تبوح هي أيضاً بحكاياتها. إعتبر البعض أن سر نجاحها يكمن في موهبتها المسرحية، ورغبتها في إلتقاط المفاجئ والمحجوب. أبعد من الوثائقية، أفسحت صورها المجال للتلقائية، خصوصاً في اختيارها لأمكنة التصوير. مالت إلى التبسيط، مفضلة تصوير الوجوه في بيئاتها العائلية الحميمة، في ضوء الطبيعة. اختارت الخلفيات التي لا تنزع عن الشخص قيمته الإنسانية.

بحثت عن الصدع، عن الوجه المخفي لهلموت. لقطت نظرته المشتتة، الحائرة. ألوان ولحظات متناقضة مفاجئة. بدا هلموت غريباً في صور مهتزة، في أعمار مختلفة، بينما جون المختبئة في الأسماء، إختفت وراء خصلة شعر، أو كاميرا، أو نظرة تائهة.

قالت: "لم نصور الموضوع نفسه معاً، مقارباتنا مختلفة. المرأة التي تتعاطى التصوير لا يمكن أن تلتقط في صورتها ما يمكن للرجل أن يلتقطه. استخدمت كل خبراتي في المسرح لجعل الأشخاص أكثر إسترخاءً أمامي، والإبقاء على حقيقتهم".

"نحن..." صور شخصية صوّراها لبعضهما البعض. بورتريهات حميمة، بالأسود والأبيض، إلتقطتها بعد تأمل في علاقتهما. هو النجم، لا الآخر الواقف قبالته. تلك هي المعادلة التي أدركتها أليس، وراحت تلتقط عوالمه الساحرة. أظهرت لازَمَنية وكونية العشق. في منزلهما، لاحقت إنساناً مختلفاً، رقيقاً، نقيض المصور الصارم مع موديلاته. إنها جمالية العشق بالصور. معاً، أعادا تكوين جمالية فوتوغرافية جديدة."... هم" صور الأصدقاء والمشاهير.

كتابتهما البصرية المتشابكة تبقى بحاجة إلى فك أبجديتها. بقدر ما تضج صور هلموت بالفانتازيا، تغرق صورها بالجدية.

جون براوني، واحدة من رائدات الصورة النسوية المعاصرة، تدير اليوم المؤسسة التي تحمل اسم زوجها، وتتضمن صالة صغيرة لأعمالها، مبتعدة عن الأضواء للإعتناء بصور "هلموت نيوتن"، لتبقى هي - أليس سبرينغ أو جون نيوتن أو جون براوني، محط تساؤل: هل كانت حظيت بالشهرة لو لم يخطف هلموت كل الأضواء؟ هل كان يمكن أن تستمر في التمثيل لو لم تقترن بهذا الألماني؟  في النهاية، تستحق أعمالها أن تُعرض لكشف موهبة أكيدة، سعى نيوتن نفسه إلى إظهارها."صورها تحمل البراءة"، قال.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها