الأحد 2017/12/31

آخر تحديث: 10:56 (بيروت)

ستيفاني مرشاق تريد احتلال الإنترنت

الأحد 2017/12/31
ستيفاني مرشاق تريد احتلال الإنترنت
الموسيقى شيء مجرد، لا يقول شيئاً بشكل مباشر
increase حجم الخط decrease
في حال نظرت إلى أرشيف موسيقى ستيفاني مرشاق في السنتين الأخيرتين (2016 - 2017)، ستجد عدداً من الألبومات والمقطوعات يمكن أن تكفي مسيرة فنان بأكملها. تقول مرشاق أنها تريد إنتاج أكبر قدر من الموسيقى بنوعية جيدة، لأن ذلك ما تحب أن تقوم به، وبما أنها غير قادرة على تأمين الجمهور بشكل تقليدي، عن طريق حفلاتها ومشاركاتها القليلة، فتستمر بالقيام بذلك على الإنترنت. المهمة لا تحتاج سوى إلى كومبيوتر وبعض الآلات، لكن المشكلة تبقى أنه نوع من الوجود ذي طابع رقمي أو ديجيتالي، متناثر على مواقع ومنصات، وهو غير قادر على جعلها اسماً معروفاً، بما أنها تنتج أنماطاً غير تجارية، كالغليتش، نويز، درون، آمبينت، دارك آمبينت، وغيرها.

هذا النص هو إعادة تركيب لأجوبة مرشاق على أسئلة طرحتها "المدن"، مع بعض الإضافات لكاتب السطور.

1

دخلت الكونسرفتوار لأني أحب التنويت والتأليف الموسيقي، وقد تعلمت البيانو لهذا الهدف. كنت أحلم بورقة وقلم ليس إلا، بدون أن أكون أنا بالضرورة من أعزف ما أؤلفه. هذا قبل أن اكتشف أن الكومبيوتر قادر على القيام بالمهمة، وترجمة التأليفات إلى أصوات آلات إفتراضية وإعطائي القدرة الكلية على إنتاج العمل من الألف إلى الياء. ما أبعدني كلياً عن البيانو، الذي لا يزال مهملاً في غرفتي منذ 15 عام. لم أعد أشعر أني بحاجة إليه من أجل التأليف، وأن أحصر نفسي في خيارات محدودة.

لكن هناك مشكلة مع الآلات الإفتراضية وصوتها الديجيتالي النظيف، ولذلك رغم أني لم أكن أحب رؤية الكثير من الأسلاك والآلات في غرفتي، اضطررت لاقتناء بعضها. لتجاوز مشكلة النظافة، بدأت أيضاً في تسجيل أصوات حية عبر هاتفي وأنظمها عليه بشكل مباشر. أسجل في ورشة أو محادثة في السرفيس، فأي مصدر للصوت يمكن أن يكون جيداً، وليس مهما نظافته وخلوه من الضجة، فسيتحول بعد تعديله إلى شيء آخر، لا يعود يعرف أصله.

ما سيبقى من الصوت هو نسيجه أو إحساسه الأورغانيك، فإن سجلت أصوات ضحكات حقيقية، ثم عدلتها وبزيادة تأثيرات تحولها إلى شيء آخر، سيبقى أثر منها رغم كل شيء، ومن المستحيل أن تتمكن من تنظيفها نهائياً.

2

يستغرب الناس عندما اقول اني درست في الكونسرفتوار. كنت محظوظة أني تعلمت على يد أستاذ هارموني ذي عقلية منفتحة، لم يكن يكتفي بإعطاء أمثلة من المدرسة الروسية الأحب إلى قلبه، بل من البيتلز ومن بينك فلويد، وشتوكهاوزن وكايج. كما أخذت صفاً في معهد آخر لاحقاً، ارتكز على تحليل مقطوعات غير كلاسيكية من القرن العشرين، منها ما هو لا مقامي A Tonal،dodecaphonic، aleatoric، سوريالي، وما ينتمي إلى مدرسة دارمشتات الألمانية. وكل ذلك ساعدني للإنفتاح على التجريب والخروج من أنماط التأليف الكلاسيكية.

التجريب يساعدني بشكل دائم على إيجاد أفكار قابلة لأن تصبح مشاريعاً كبيرة، فما أحتاجه اليوم من أجل الظهور أكثر، هو أسلوب عمل يسمح لي بإنتاج أكبر عدد من الاعمال على أكبر عدد من شركات الإنتاج والمواقع الموسيقية، لاحتلال الإنترنت وفق تعبير أحد الأصدقاء. طبعاً شركات الإنتاج هذه صغيرة الحجم، ذات هامش ربحي صغير، وتسعى مثلي إلى الحصول على مزيد من المرئية، في عالم يريد جميع سكانه أن يكونوا مرئيين، وأصبح مليئاً بالموسيقيين الإلكترونيين والشركات.

لن تتواصل الشركات الكبيرة معي، إن لم يكن لدي عشرات الآلاف من المتابعين والمتفاعلين على وسائل التواصل، وإن لم أكن مشاركة في حفلات بشكل دوري. لذلك ألجأ إلى إصدار الموسيقى على منصات عامة على الإنترنت من أجل الحصول على المرئية، أو عن طريق منصات للفنانين متعددة الإختصاصات، تسمح بترخيص الأعمال أو بيعها. ليس سهلاً أن تحصل على مستمعين لأنماط أندرغراوند، كالـ"آمبينت" والـ"دارك آمبينت"، فما بالك بأن تجد من يستثمر فيها.

3

انت مجرد رقم ومقطوعاتك الموسيقية بيانات رقمية مسجلة في بحر من الأرقام. البيع على الإنترنت متاهة لا تنتهي. أصدرت EP على شركة اسمها Arelle، تبيع الألبوم مع بطاقة بريدية بباوند واحد، وألبوم آخر أصدرته شركة على الإنترتت عرفت أن السعر يحدد من قبل المشتري، وعلى كل حال ما وصلني كان أقل من 1%. في النهاية إنه استثمار طويل وعليك الإستمرار في ما تقوم به، وتطوير صورتك على السوشال ميديا ومحاولة نسج علاقات مع منسقي اسطوانات ومبادرات موسيقية، وطبعاً إصدار الموسيقى باستمرار، وبنوعية جيدة، فحتى لو ارتفعت وتيرة الإنتاج لست مضطرةً لإصدار شيء غير مقتنعة به.

في العادة، ما أؤلفه يكون شبيهاً ومساوياً بالنوعية لما أريد سماعه، ولما أحتاجه في تلك اللحظة. هناك رابط ذاتي، أحب تطويره ليشكل قصة تكون وراء الألبوم، وتساهم في إرشاد أحاسيس الأشخاص لما يستمعون إليه. حتى لو كنا نعيش في هذا البحر الديجيتالي والرقمي، فليس من المفترض أن يضيع الرابط الذاتي والشخصي. فالموسيقى شيء مجرد، لا يقول شيئاً بشكل مباشر، سوى إن كان هناك كلمات، ولذلك عليك كموسيقي أن تنسج رابطاً آخر مع المستمع، أن تخبره قصة ما، حتى لو لم تكن واضحة في الموسيقى، إلا أنها ستجعل العمل أقرب إليه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها