الأحد 2017/12/24

آخر تحديث: 10:43 (بيروت)

"كالاميتا": العودة إلى ثورة "كراوت روك"

الأحد 2017/12/24
"كالاميتا": العودة إلى ثورة "كراوت روك"
تحرير المفهوم من رتابته إذا جازت العبارة
increase حجم الخط decrease
قدمت شركة Ruptured "صدع" لزياد نوفل آخر إصداراتها "كالاميتا"، وهو تأليف مشترك لشريف صحناوي، عازف الغيتار المعدّل والتجريبي، وطوني عليّة عازف الغيتار الكهربائي المعدّل أيضاً، الذي ينتج أصواتاً غير بعيدة عن أصوات الموسيقى الإلكترونية. 
الثنائي يقدم للمرة الأولى تجربة يمكن وضعها جزئياً في خانة موسيقى الـ"كراوت روك"Krautrock، الموجة التي جسدت ثورة موسيقية في ألمانيا (الغربية) في السبعينات (افترقت بشكل جذري عن الروك الإنكليزي والأميركي الذي كان سائداً في ألمانيا الغربية) وقدمت خلفية موسيقية لثورة ايار 1968 الطالبية في أوروبا وألمانيا، ممهدة الطريق لولادة عدة أنماط موسيقية كالبانك روك والتكنو (تأثرت بالروك المهلوس وموسيقى الدرون وتضم فرق مثل فاوست، Kraftwerk، Tangerine Dream، Neu!).

أحد أبرز مقطوعات الألبوم "FTS" هي بمثابة تحية لتجربة "فاوست" في العام 1973 في تعاونها مع الموسيقي والمخرج الأميركي طوني كونراد لتأليف ألبوم "Faust and Tony Conrad"، الذي ارتكز في جزء منه مفهومياً على فكرة الثبات الإيقاعي والنغمي لفترة طويلة والإختزال من ناحية الإختلافات Variations وتعدد طبقات الكمان. ورغم التصاق عليّة وصحناوي في الجزء الأول من المقطوعة بهذا المفهوم، يحاولان في الجزء الثاني تحرير المفهوم من رتابته إذا جازت العبارة، من خلال تغيير الريتم والإيقاع، وتحويله إلى طابع أكثر إيجابية وفرحاً.

المقطوعات الأخرى، بعضها أكثر صخباً، يقارب وجه آخر من الـ"كراوت روك" ذي الطاقة والفولتاج الأعلى، أيضاً بشكل أكثر تحرراً من تقنيات هذا النمط التقليدية، وبعضها الآخر يرتكز على حوار بين الروك والإرتجال والضجيج "الحر" بإضافاته وتعديلاته التقنية. أيضاً يقدم ثلاث مقطوعات من الإرتجال والتجريب الذي يحاول إدخال عناصر موسيقى الروك إليه، في علاقة مقلوبة مع مقطوعة FTS.

يبتعد صحناوي ظاهرياً عن نفسه في عمله على موسيقى الروك في هذا الألبوم، وقد مهد لهذا الدخول منذ سنوات بتعزيز استخدامه للتأثيرات الكهربائية على غيتاره المعدل. هذا بعكس طوني عليّة القادم من خلفية موسيقى البانك روك مع فرقة "سكرامبلد إغز"، التي نشطت في بيروت بداية الألفية الثالثة، وقد تحول بعدها إلى مسارات أكثر تجريبية.

الظاهر في التغيرات التي تطرأ على اشتغال صحناوي، يمكن لمسها أيضاً في عمله مع فرقة "كرخانة" للموسيقى الشرقية، وما شهده مهرجان إرتجال مع إدخال الموسيقى الشرقية ("أصيل" مصطفى سعيد، "التنين" قبيسي الحوت) إلى برنامجه. لكن جميع هذه التغيرات تبقى مرتبطة مفهومياً بموجة الـAvant Gard الفنية "ما بعد جون كايج" التي نشطت في الستينات والسبعينات، وينتمي إليها طوني كونراد (أحد مؤسسي مشروع Theatre of Eternal Music مع لاموني يانغ) الذي يعتبر "كالاميتا" تحية إليه أيضاً.

يرى صحناوي أن أحد الأنماط التي مهدت للموسيقى الحرة في الستينات يمكن أن تكون مناسبة لزمننا هذا. يقول لـ"المدن" عن عمله في فرقة "كرخانة": "إن حررت موسيقى الجاز الحر  الجاز من قوانينه، وبالتالي بإمكان الموسيقى الشرقية أن تفعل الشيء نفسه، وقد لمسنا هذا في مقطوعة "توحّد" لمصطفى سعيد التي تحولت إلى الضجيج في إحدى الفترات".

ما فعله مصطفى سعيد ليس بعيداً عما يفعله الثنائي في العادة. فسعيد بدأ في "توحد" بمقام تقليدي ثم تحول لاحقاً إلى الضجيج والإرتجال الحر، ورغم أن الإرتجال بدا "غير متماسك" إلا أن المقطوعة بشكل عام، كانت شبه مكتملة وجميلة. الثنائي يلعبان على الفكرة نفسها، والتي يسميها صحناوي بـ"توسيخ الموسيقي" أي نقلها من نظافتها النمطية إلى وسخ سمعي ونغمي يصل إلى حد الضجيج. طبعاً السياق مختلف كلياً مع الكراوت روك التي تحتاج أحياناً تنظيفاً أكثر من التوسيخ، وهذا كان على كل حال تحدياً في "كالاميتا" وسؤالاً لا يتوقف عن طرح نفسه خلال زمن الألبوم. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها