الأحد 2017/11/26

آخر تحديث: 10:05 (بيروت)

"أبو وردة السانتا"... فقدان الذاكرة وجه آخر لفقدان الإنسانية

الأحد 2017/11/26
"أبو وردة السانتا"... فقدان الذاكرة وجه آخر لفقدان الإنسانية
من كواليس المسرحية
increase حجم الخط decrease
لم يعايش "مواليد 1990" في لبنان شيئاً من تجارب الحرب الأهلية. لعلهم يتذكرون أموراً بسيطة جداً من الإحتلال الإسرائيلي في لبنان أو من حرب تموز عام 2006،  لكنهم لم يعيشوا الحرب الأهلية وشراستها. هم يسمعون من أهلهم وجدودهم قصصاً قد حفظوها ربما، عن التهجير، والمجازر و"الذبح على الهوية". لكنها تبقى روايات قد يتخيلون أحداثها وقد لا يتخيلونها بينما، من المؤكد أنهم لا يتأثرون بها كما جيل الحرب.


لكن المخرجة عليّة الخالدي وطلابها في "الجامعة اللبنانية الأميركية"، تتيح لمن لم يعش الحرب الأهلية فرصة عيشها فعلياً من خلال الإنغماس في المشاهد والأدوار في مسرحية "أبو وردة السانتا" على مسرح "غلبانكيان" في اللبنانية الأميركية بأسلوب إخراج الـ”Immersive Theater” أو المسرح الإنغماسي.

الملجأ، الهروب، الذل، الخوف، القلق، الموت، التهجير، القهر... هي كلها الحرب، لكن الحديث عنها يبقى كلاماً مفرغاً من أي شعور لمن لم يعش التجربة. أرادت الخالدي، "بنت الحرب الأهلية"، كما تصف نفسها في حديث لـ"المدن" إحياء قصص وتفاصيل عاشتها هي وعاشها الكثيرون ممن أمضوا طفولتهم وشبابهم خلال الحرب الأهلية لكنهم قرروا نسيانها، وهي تذكرهم بها لأن "فقدان الذاكرة هو وجه آخر لفقدان الإنسانية" كما تقول المسرحية. لكن الحرب الأهلية تنتهك الإنسانية في مختلف جوانبها وهذا ما تقوله المسرحية، أيضاً، التي تختصر التجربة الإنسانية خلال الحرب في أشكالها وفئاتها العمرية وحالاته الاجتماعية. وكأنها تقول، إن الحرب تجعل من كل الحالات الإنسانية قتالاً، فالحب في الحرب قتال تماماً كما انتظار رجوع ابن أو ابنة إلى المنزل، أو انتظار الهدنة، أو العبور عن حاجز ما أو حتى السهر وإمضاء الوقت مع الأصدقاء.

يخوض الجمهور في هذه المسرحية رحلة مع أربعة أشخاص، مصوّر حرب ومغنّية وصاحبة مكتبة وأستاذ جامعي حزبي، لاسترجاع ذاكرتهم. الحرب الأهلية المنسية/المتناسية هي اليوم حرب ذو طابع طائفي أقلياتي أكثر من قبل. وكما يقول ألفريد فرج :” لبنان هو النموذج والمختبر والتجربة المعمليّة الصغيرة لما يمكن أن يحدث من المحيط إلى الخليج"، و"أبو وردة السانتا، 4 مسرحيات في مسرحية واحدة" على ما تقول الخالدي. لكن الشخصيات الأربع تعايش الأحداث نفسها وتختبر التجارب ذاتها إنما في تسلسل زمني مختلف "وهذا ما أردت الخالدي من خلاله القول إن كل شخص في لبنان يرى الحرب بطريقته الخاصة على الرغم من أننا جميعاً عايشنا التجارب نفسها. لكن الجميع مقتنع بحقيقة قصته ولذلك ما بحياتنا رح نتفق على رواية واحدة للحرب". وفي نهاية المسرحية، تلاقي كل من الشخصيات واحداً من هذه المصائر "التي تختصر الخيارات التي تركتنا أمامها الحرب" وفق الخالدي، وهي "الموت، الهجرة، البقاء والنسيان أو القتال".

لا يتطلب فهم مشاهد المسرحية خلفية تاريخية حول أحداث الحرب الأهلية والفئات المتحاربة، بل على العكس من ذلك، فإن مثل هذه المعلومات قد توقع المشاهد في دوامة أو "حزورة" حول الطرف الذي يمثله المشهد بينما المسرحية لا تمثل مجموعة بعينها في أي من مشاهدها بل تحاكي "وقائع الحياة التي عايشناها ولا تهدف إلى توجيه أصبع الإتهام إلى أي شخص، بل تريد القول إن كثيرين أخطأوا" على ما تؤكد الخالدي.

بعد مشاهدة المسرحية، سيتغير فهم ومشاعر "مواليد التسعين" تجاه الحرب الأهلية. أما أهاليهم فسيسترجعون الكثير من التفاصيل المؤلمة التي قرروا نسيانها بإرادتهم. بينما تبقى التجربة المسرحية لمشاهدة "أبو وردة السانتا" فريدة من نوعها وتستحق التجربة وهي مميزة لناحية النص الناتج عن عمل جماعي لعليّة الخالدي وطلابها ومستوحى من نصوص المسرحي ألفريد فرج، ميرا الصيداوي وأنس غيبة، ولناحية العناصر المسرحية الأخرى متقنة الصنع من الإضاءة والأزياء والمؤثرات الصوتية والديكور.

 
الفريـق الفنـي
الإدارة التقنية أنس غيبة
سينوغرافيا وليد صليبا 
تصميم الملابس إريك ريتر
تصميم الأكسسوار غنى سباعي
الماكياج لمى صعب
تصميم الإضاءة لين عيتاني
تصميم الصوت هاني السعيدي
تصميم المطبوعات مي غيبة

يستمر عرض المسرحية اليوم 26 تشرين الثاني 2017 وفي 1و2و3 كانون الأول 2017. للحجز يمكن الإتصال على 01- 786464.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها