الأحد 2017/01/08

آخر تحديث: 12:11 (بيروت)

هل تأخذ صورة اللاجئ حقها؟

الأحد 2017/01/08
increase حجم الخط decrease
في معرض مراجعة موضوع اللاجئين وعلاقتهم بالصورة، تساءل الناقد فريد ريتشن: "هل أعطينا صورة اللاجئ وآلامه حقها؟ وهل يكفي هذا الكم الهائل من صور هذه الكارثة لإتخاذ تدابير عادلة تحل المعضلة؟".

فيما مضى، عندما كانت تُطرح هذه الأسئلة على المصورين كان الجواب يؤكد على أولوية الموضوع كعقد إجتماعي لجهة تصوير المأساة والتأثير على المجتمع. لم يكن تصوير الألم تلصصية ولا استراق نظر، بل كان الهدف شهادة تُجبر الحكومات المعنية على التحرك.

هذا ما قصده كورنل كابا عندما طرح، قبل نصف قرن، "الفوتوغرافيا الملتزمة". مهّد هذا التعبير لمعنى ما، ربما المؤاساة، وذلك بعد مقتل شقيقه المصوّر روبرت في 1954 أثناء تغطيته الحرب في الهند الصينية. معنى قيّم أعمال العديد من المصورين مثل فيرنير بيشوب، لويس هاين، دوروتيا لانج، دايفيد سايمور ووليم يوجين سميث...

برز هذا العقد الإجتماعي بعدما نُشرت صورة الطفل السوري الغريق أيلان. أعرب المسؤولون عن حزنهم، وتذكروا أطفالهم. بدا أن هناك شيئاً مختلفاً طرحته هذه الصورة، ما لم تفعله صور اللاجئين وويلاتهم. لكن الحقيقة المروّعة التي أكدتها الصورة كانت تخلّي المجتمع عن هؤلاء.

لم يكن الطفل الغريق يطلب شيئاً من المشاهد – كان الأوان قد فات. ولم يكن المشاهد يواجه نظرات اللاجئين الباحثة عن خلاصها عند أسلاك الحدود. بدلاً من ذلك، لمّحت صورة الطفل إلى ما يشبه النعمة والشعور بالإرتقاء فوق الكارثة التي حاولت عائلته الهروب منها. بدلاً من الإنضمام إلى حرب إستغلال الصور والتلاعب بها، أكّدت الصورة المأساة دون سجال.

رفض آخرون نشرها لأنها "تخرج عن حدود اللياقة". ردّ مدير "يومان رايتس واتش": "العار في عدم إتخاذ إجراءات تمنع مثل هذه الكوارث".

من دون الإرادة السياسية، يمكن أن تبدو هذه الصور، لا كلقطات مؤثّرة، بل كمشاهد إستعراضية. تلك هي حال بعض صور الحرب الفيتنامية في 1968 و1972، وصور سجن أبو غريب - العراق.

كان لصور أبو غريب(2004) وصورة الطفل أيلان، وصور أخرى إن وُجدت، تأثيرها المدوّي في الرأي العام العالمي. لم تحقق صور أخرى مثل هذه الأصداء حتى ولو إلتقطها محترفون كبار. غالباً ما مثّلت الصورة الصحافية المحترفة وجهات نظر تعني "هم" لا "نحن". شعر المشاهد أن صور أيلان وأبو غريب هي صور شخصية.

"التصوير الصحافي وسيلة عظيمة لسرد مواضيع بسيطة" قال المصور سيمون نورفولك، الذي عمل في افغانستان لسنوات. تعقيد أزمة اللاجئين المعاصرة، في ظل عدم وضوح الحلول السياسية، وخوف الدول المعنية من فتح حدودها وزعزعة إستقرارها، أدّت إلى إستحالة السرد المرئي المبسّط. لكن "كان من الصعب تجاهل صورة واحدة لطفل غريق" حسب ريتشن. 
هل ستلتقط صور بهذه الجدية، خصوصاً مع تزايد أعداد معارضي اللجوء؟

المشكلة أكبر لكون الصور عرضة للتلاعب ولإنعدام المسؤولية الجماعية. إن صورة الفنان الصيني "آي وي وي" التي قلّد فيها مشهد الطفل الغريق، هي ترويج إعلاني لمهرجان فني وليس تعاطفاً. هناك محاولات خجولة لمساعدة اللاجئين، مثل مشروع وكالة "NOOR" في مخيم الزعتري- الأردن، للفت الرأي العام إلى قضيتهم، عبر تعليق صور جدارية تُظهر حياتهم اليومية البائسة. كما أقيمت ورش فنية تدرّب اللاجئين أنفسهم على التصوير للتعبير عن حقائق تساعد على تفهم أوضاعهم.

صور الأيزيديات المختطفات وسرد معاناتهن، التي حققتها مصوّرة عراقية، لم تلق إهتمام الصحافة الغربية لولا مارسيا أليرت، مديرة التصوير في "دايلي بيست" وأقامتها معرضاً بعنوان "تمثيل الحرب: من روبرت كابا إلى إنستاغرام".

ما هي تداعيات العقد الإجتماعي الذي يعتبر أن شهادة الصورة يمكن أن تكون حافزاً للتحرّك؟ وهل تمثّل ملايين الصور المحمّلة يومياً عبر الإنترنت العالم، أم تبقى مجموعات مجزأة تجعل من الصعب تحديد الصورة والحدث، بينما يُفترض أن يكون للصورة دلالاتها في الأسباب والنتائج؟ قد تكون السجالات المتكررة عن التلاعب بالصور، وتسارع الأحداث قد ساهما في تضاؤل مكانة الصورة باعتبارها مرجعية إجتماعية. وربما يُنظر إلى أشرطة الفيديو القصيرة وقدرتها على السرد، على أنها أكثر مصداقية كشهادة لا تُدحض.  

وإن تناولَ مصوّرو اليوم، مآسي اللاجئين باهتمام، فإنهم عاجزون عن إعلان حقوق أخلاقي في عالم تتنازعه الإنقسامات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها