الإثنين 2016/07/25

آخر تحديث: 14:13 (بيروت)

"يا مال الشام".. حمى البحث عن الجماهيرية

الإثنين 2016/07/25
"يا مال الشام".. حمى البحث عن الجماهيرية
تحاول مهرجانات بيت الدين التمايز عن مهرجانات لبنانية أخرى باستضافة "الراقي"
increase حجم الخط decrease
قدمت "مهرجانات بيت الدين" حفلة بعنوان "يا مال الشام" شارك فيها كل من شربل روحانا، لينا شماميان ونصير شمة. لم يقدّم الثلاثة أي جديد، مفضلين البقاء في ذلك المكان الذي يُظَن سلفاً أنه سيثير حماسة الجمهور. قدم الثلاثي مجموعة من أغانيهم المعروفة أو التراثية و"الأليفة" والتي بالفعل أثارت تفاعل الجمهور معها.

تبدو محاولة ارضاء الجمهور دائما ذات خطورة. فالجمهور بحسب ما تعرفه العقلية السائدة محصور في صورة واحدة لا يمكن تغييرها. هو ابن زمنه أو ابن "الدارج" في زمنه. ليس الدارج بالضرورة أغاني "بوب"، بل بإمكانه أن يكون تراثاً يستكين "الجمهور" لسماعه ويحتاج فقط لمن ينقله إليه. لبى جمهور "بيت الدين" نداء "الإحتفال بتراثنا وثقافتنا الوطنية" على ما جاء في وصف المهرجانات لحفلة "يا مال الشام"، ليصبح الإحتفال بالتراث طريق الموسيقى المضمون إلى قلب "الجمهور" الذي لا يحبن بحسب العقلية السائده عنه، التجريب أو البحث عن إحساس جديد في ما لا يعرفه. كأنه لا آذان "فردية" في "بيت الدين"، بل هي بلوك واحد يختصر مجموعة الأشخاص المواجهة للمسرح.

بدأت الحفلة مع شربل روحانا، الذي عجز بعد عقود من عمله المجتهد أن يتحول الى ملهمه الأول مارسيل خليفة! يثير فشل روحانا الأسى، فهو فعلاً يبدو، في جلوسه مع العود والأروكسترا خلفه، نسخة عن خليفة. كان عرض روحانا مخيّباً للتوقعات، وهو يحاول جاهداً كسب رضا الجمهور. لم ينجح إلا عندما قرر أن يصبح شبيهاً بجوليا بطرس ويغني "ما بتعب منك يا بلدي لو قد ما تقسى يا بلدي"، ويغني أغنية أخرى تطالب اللبنانيين بالتكلم بالعربية والتعبير عن "وطنهم" بالعربية. استعاد روحانا في أغان أخرى، مآسي بلده من الفساد الى تسلط الزعماء التي قدّمت "خصوصية" لبنانية له، في مقارنة مع غناء كل من شماميان السورية وشمة العراقي.


انتظرنا مجيء المغنية السورية لينا شماميان كي نشعر بالتفاعل. أعادت شماميان أداء أغاني "عالروزانا، ويا مال الشام، وفوق النخل" وغيرها من الأغاني التي توصف بالتراثية. كما قدّمت الفنانة الأرمنية-السورية صورة "عالمية"، إذ غنّت مقاطع بالإنكليزية، أحدها لمغنية السوبرانو الكندية لورينا مكانيت، كما أدت أغاني تراثية أرمنية.  تكلمّت الفنانة بعض الكلماتْ في حديثها مع الجمهور بالإنكليزية، مشددة على رسالة السلام التي تحملها من أجل الشعب السوري في ما يبدو أنه محاولة لاتباع خطى فايا يونان، لتصبح هي الأخرى "مغنية من أجل السلام".


كانت النهاية مع الفنان العراقي نصير شمة، الذي أوصل تفاعل الجمهور الى أقصاه. قدم صاحب "رحيل القمر" عدداً من مقطوعاته المعروفة والتي يستعرض فيها مهاراته في العزف على العود و"مهارات" الأروكسترا المرافقة له. وقدم أغنية مهداة الى شهداء الكرادة، مذكّراً الحاضرين بما يحصل في العراق بعدما ذكّرنا كل من شربل روحانا ولينا شماميان بما يحصل في بلديهما.


تحاول "مهرجانات بيت الدين"، التمايز قدر الإمكان عن مهرجانات لبنانية أخرى من خلال استضافتها ما يوصف بالـ"راقي"، مقارنةً مع السائد. لكن، إذا افترضنا أن الفنانين الثلاثة يحملون في جعبتهم أكثر مما قدموه، فإن هذا "الراقي" يضطرهم أن يجعلوا من أنفسهم شبيهين لدرجة كبيرة بالمغنين الشعبيين، ظناً منهم أن هذا هو السبيل لكسب رضا الجمهور. طبعاً، لا حكم سلبياً هنا على "المغني الشعبي"، لكننا نعرف أن روحانا لن يصبح نجوى كرم حتى لو بدا شبيهاً بها في إحدى الأغنيات، ولن يلهب الجماهير بأغانيه الوطنية مثل جوليا بطرس لأنه ببساطة ليس كذلك وكل ما يفعله ليس سوى جزء من تلك الحمّى الباحثة عن تفاعل الجمهور. 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها