الأحد 2015/06/14

آخر تحديث: 14:01 (بيروت)

روسيا..المناهِضة الأولى للإتفاق الإيراني-الأميركي

الأحد 2015/06/14
روسيا..المناهِضة الأولى للإتفاق الإيراني-الأميركي
يبدو التناقض واضحاً في المصالح بين الروس من جهة، والإيرانيين والأميركيين من جهة ثانية (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

أكثر المتوجسين من التقارب الإيراني الأميركي هي روسيا، والخطر الذي تستشعره موسكو من الإتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى، يصل إلى درجة تقرّبها من دول الخليج، في هذه اللحظة المفصلية من التوترات في الإقليم الواسع للشرق الأوسط.

تدق على أبواب موسكو لحظات الحقيقة بطعمها المرّ، فتجد روسيا نفسها محاصرة سياسياً وعسكرياً وإقتصادياً، فاستمرار العقوبات الغربية المفروضة عليها نتيجة موقفها من الأزمة الأوكرانية، وسحب البساط من تحت قدميها في سوريا، بالإضافة إلى أطواق أخرى تفرض عليها قد تدفعها إلى تغيير في تحالفاتها.


دفعت حماسة روسيا الطامحة لإعادة إحياء صراع القطبين، بدعم موسكو اللامتناهي لنشاطات إيران في المنطقة، لكن "غباء" الإمبريالية الروسية، أدى إلى اصطدام الطموحات بجدران عديدة، فاستثمرت إيران بالنووي الذي حصلت عليه من الروس وبأذرعتها المنتشرة في المنطقة العربية، ما أوصلها إلى طاولة المفاوضات، فيما أُجلس الروس على الهامش.


ويبدو التناقض واضحاً في المصالح بين الروس من جهة، والإيرانيين والأميركيين من جهة ثانية، إذ إن روسيا خسرت من سوريا حديقتها الخلفية لصالح السيطرة الإيرانية، ومن هنا تبحث موسكو عن استعادة بعض مما خسرته، ولذلك فهي لا تفصل بين ثلاثة ملفات أساسية هي أوكرانيا، سوريا، ومحاربة الإرهاب. وهي بالتأكيد تريد إزالة العقوبات المفروضة عليها من قبل الغرب على خلفية الأحداث الأوكرانية، وبحال عدم اكتسابها ذلك فلا بد من البحث عن بديل إلتفافي على هذه العقوبات، عبر استنباط مصادر تمويلية جديدة بعقد صفقات كبيرة مع عدد من الدول.


الصراع بين روسيا وإيران على الأدوار في المنطقة تاريخي، لاسيما في سعي كل منهما للسيطرة على آسيا الوسطى والقوقاز أولاً، والصراع على التجارة والثروات النفطية في بحر قزوين ثانياً، وبالتالي فإن أي اتفاق دولي مع إيران يفتح الباب أمامها للمشاركة في بناء خطوط الغاز العالمية، ما يضرّ بالمصالح الروسية المرتكزة على تصدير الغاز إلى أوروبا.


في موازاة ما تحاول إيران بلوغه، هناك أطرف أخرى تسعى إلى محاصرة روسيا، محاربتها بسلاحها، عبر إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز من منطقة بحر قزوين باتجاه الأراضي الأوروبية، ويطلق عليه اسم ممر الغاز الجنوبي، وهنا تجد موسكو نفسها أمام مأزق جديد، والخناق الإقتصادي والمالي عليها يضيق أكثر، وعليه فإنها تجد أنه لا بد من إنتهاج سياسة جديدة أو البحث عن بدائل للدفاع عن مصالحها القومية.


وأمام هذا الحصار، لا يبدو أمام بوتين طريقٌ غير التقارب مع دول الخليج، عبر نسج إتفاقات حول مشاريع إقتصادية ومالية ونفطية كبيرة، تعيد إلى روسيا بعضاً من التوازن، وتستعيد استنهاض إقتصادها المتهاوي، لاسيما أن التقارب الأميركي-الإيراني سينتج تقارباً خليجياً روسياً. وكما لروسيا مصالح ومطالب لدى الخليجيين، فهم أيضاً لهم مطالبهم، وتتمثّل أولاً بتسهيل روسيا للحلّ في سوريا عبر التخلّي عن الأسد في المرحلة الإنتقالية، مقابل عدد من الصفقات وأولها ضمان المصالح الروسية في سوريا.


وما قد يعزز وجهة النظر هذه، هو أن روسيا تفترق في نظرتها إلى المنطقة عن النظرة الأميركية-الإيرانية المشتركة حديثاً، والتي عمادها مبدأ التقسيم والدويلات الطائفية والمذهبية، فروسيا تعتبر نفسها متضررة من مثل هذا المشروع وإنعكاساته داخلياً، لاسيما في المناطق الإسلامية على البقع الروسية المترامية الأطراف، وهنا أيضاً يلتقي الروس مع الخليجيين، وهذا ما قد يجعل روسيا المقاومة الأولى للإتفاق الأميركي-الإيراني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها