الجمعة 2015/06/05

آخر تحديث: 15:16 (بيروت)

قوات النظام تنسحب من الحسكة..وتسلمها للمليشيات

الجمعة 2015/06/05
قوات النظام تنسحب من الحسكة..وتسلمها للمليشيات
تقدم وحدات الحماية إلى الجبهة الجنوبية، جاء بعد اشتراطها على قوات النظام، الاحتفاظ بالمناطق التي ستنتشر فيها (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
تشهد مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، أحداثاً متسارعة تنبئ بتطورات عسكرية وأمنية نوعية. وشهدت المدينة اشتباكات بين تنظيم "الدولة الإسلامية" وقوات النظام، وكان من أهم نتائجها تقهقر قوات النظام وفرار عدد من كبار مسؤوليه الأمنيين.

سيناريو تقهقهر النظام، بدأ عندما شنّ تنظيم "الدولة"، هجوماً عنيفاً على المواقع المشتركة بين قوات النظام و"الوحدات" الكردية، على طول خط الجبهة: من الجنوب الغربي إلى الشرق. واستطاع التنظيم، للمرة الأولى، السيطرة على سجن الأحداث القديم شرقي المدخل الجنوبي لمدينة الحسكة، بعد عمليتين انتحاريتين بسياراتين مفخختين؛ الأولى ضربت السجن والثانية حدثت بجوار قرية الداودية. وتلا العمليتين هجوم عنيف من قبل التنظيم، استطاع خلاله بسط سيطرته على السجن.

ردّ قوات النظام المتأخر، بدأ بالقصف على سجن الأحداث القديم، بالمدفعية والدبابات والطائرات الحربية والمروحية، بالإضافة إلى قصف قريتي الداوودية والمجبل جنوب شرقي الحسكة. قوات النظام حاولت استعادة السيطرة على المواقع التي خسرتها، بواسطة الكثافة النارية من خلف السواتر الترابية التي تتحصن فيها. وكانت قريتا الداودية ورد شقرا، قد وقعتا تحت سيطرة التنظيم في وقت سابق.

وعلى الرغم من أن قوات النظام عززت وجودها في المدخل الجنوبي للحسكة سابقاً، إلا أن تنظيم "الدولة" تمكن الخميس، من السيطرة على حاجز الجسر، وتقدم ليدخل حيي الزهور "حوش الباعر" والغويران، المهمين للتنظيم بسبب وجود حواضن شعبية له فيها. تقدّم "داعش" لم يقتصر على ذلك، حيث أكد نشطاء أنه تجاوز المدخل الجنوبي للمدينة، ليصل إلى حاجز البانوراما، وقام بمحاصرته، قبل انسحاب رتل من قوات النظام منه باتجاه طريق قامشلي. ومن بين المنسحبين رئيس فرع "الأمن السياسي" في المدينة، برفقة عدد من كبار ضباط الأمن، وسط أنباء عن أسر التنظيم لعدد من كبار المسؤولين.

الأحداث الأخيرة، دفعت بحالة الاستنفار إلى أقصى درجاتها، مع شيوع أنباء في المدينة عن دخول سيارات مفخخة، ما كثّف من حالة النزوح الجماعي للسكان من الأحياء الجنوبية والشرقية باتجاه الأحياء الشمالية لمدينة الحسكة. فيما أكد الناشط حازم المهند، بأن حركة نزوح مكثفة عن المدينة، سلكت طريقي الحسكة–قامشلي والحسكة–عامودا، واستمرت حتى وقت متأخر من مساء الخميس. المهند أكد عدم وجود آثار لتفجيرات قيل أن التنظيم قام بها، على حاجز البانوراما بالقرب من المدخل الجنوبي للمدينة.

حالة الهلع لدى الأهالي، ازدادت مع تبرير محافظ الحسكة محمد الزعال، بأن التنظيم استطاع السيطرة على المدخل الجنوبي للمدينة عن طريق قيامه بـ13 تفجيراً انتحارياً، في المناطق الممتدة بين حاجزي البانوراما وسجن الأحداث، فيما أكد نشطاء بأن التنظيم قام بتفجيرين انتحاريين فقط.

من جهتها، استقدمت "وحدات حماية الشعب" الكردية، تعزيزات عسكرية من بينها آليات ثقيلة من مصفحات ومدافع، إلى حيي المفتي والعزيزية الكرديين، قبل أن تتقدم للدفاع عن الجبهة الجنوبية؛ حيث تمركزت قناصات الوحدات على سطوح الأبنية القريبة من حاجز البانوراما، وانتشرت قواتها في مناطق قريبة، وخاصة في المدرسة المجاورة للحاجز.

وتواردت أنباء غير مؤكدة، عن سجال دار بين مسؤولين في "وحدات حماية الشعب" و"الدفاع الوطني" (المغاوير)، بعد اتهام وجهته المغاوير للوحدات، بالتخاذل عن التصدي لـ"داعش"، وذلك قبل أن تتقدم الوحدات إلى الجبهة الجنوبية، مشترطة على قوات النظام احتفاظها بالمناطق التي ستنتشر فيها.

التواجد العسكري لقوات النظام في محافظة الحسكة، كان قد أخذ منحى مختلفاً منذ تعيين القائد الجديد للمنطقة الشرقية، اللواء محمد خضور، قبل حوالي ثلاثة أشهر؛ حيث قام خضور، المُتهم سابقاً بتسليم الرقة لتنظيم "داعش"، بالاعتماد على الميليشيات بصورة أساسية، وتهميش دور قوات النظام وفروعه الأمنية. خضور عزّز من سلطة مليشيا "الدفاع الوطني" في الحسكة، وأسس عدداً من الكتائب أهمها "كتائب البعث" وميليشيا "حزب الله السوري".

النظام كان قد قام بتسليم إحدى أهم نقاطه العسكرية في جبل كوكب المشرف على الحسكة، إلى "وحدات حماية الشعب" و"المجلس العسكري السرياني" بعيد مشاركتهما في استعادة السيطرة على جبل عبد العزيز. وأكد المتحدث الإعلامي باسم "وحدات حماية الشعب" بولات جان، لـ"المدن"، صحة تلك الأنباء، وأضاف أن الوحدات لن تسمح لتنظيم "الدولة" بدخول مدينة الحسكة، كما أنهم تنسق مع جميع القوى في المحافظة، ومن أهمها القوى التابعة لعشيرة البكارة. وقال جان إن اجتماعاً عقد بين وفد من "الإدارة الذاتية" التابعة للوحدات وعشيرة البكارة العربية لهذا الهدف.

المتحدث لم يؤكد صحة الأنباء التي تواردت عن انسحاب قادة النظام الأمنيين من المدينة، معرباً عن جاهزية قواته القصوى لمنع دخول التنظيم للحسكة. وأضاف بأن قوات "الصناديد" و"المجلس العسكري السرياني" يشاركون معهم في الدفاع عن المدينة.

ويشير بعض المراقبين، إلى أن هذه الاشتباكات، تشكل تمهيداً لانسحاب قوات النظام بشكل نهائي من المنطقة، وتسليمها إلى الميليشيات المقربة منه، بعد استغلال هجوم تنظيم "الدولة". الا أن الخوف الأكبرهو سعي النظام لترك تلك القوى وحيدة أمام حرب مجهولة المصير، ضد التنظيم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها