الخميس 2015/09/10

آخر تحديث: 16:27 (بيروت)

وصل الروس.. والنظام يُخلي مطار اللاذقية من ضباطه

الخميس 2015/09/10
وصل الروس.. والنظام يُخلي مطار اللاذقية من ضباطه
طائرة "ميغ - 31" الاعتراضية الروسية التي وصلت 6 منها إلى مطار المزة العسكري بدمشق الشهر الماضي (سبوتنيك)
increase حجم الخط decrease
تأكد منذ أيام، وصول تعزيزات عسكرية روسية إلى مطار اللاذقية، شمال غربي سوريا، عبر ثلاث طائرات شحن عملاقة. قبل ذلك، تمّ تفريغ المطار من القوات الجوية السورية المتواجدة فيه، ومن المعدات والطائرات العسكرية القديمة.

المطار سيتحوّل إلى قاعدة عسكرية جويّة روسية، لم تتحدد مهمتها بعد. وشوهد فيه المئات من الجنود الروس، وقوات سورية تساعدهم في وضع أبنية مسبقة الصنع لإيواء القوات الروسية، والتحضير لبناء برج ملاحة جوي جديد.

وقد تم إنشاء القاعدة، بحسب التصريحات الروسية، بناءً على دعوة من الرئيس بشار الأسد لروسيا، لإنشاء قواعد عسكرية في سوريا، بغرض "تأمين توازن في المنطقة" بعدما فقدته مع انهيار الاتحاد السوفييتي. ونقلت صحيفة "الثورة" السورية، كلاماً قديماً للأسد، عن دعوة رسميّة وجهها عن طريق وزير الخارجية وليد المُعلم، إلى الروس بهذا الشأن.

الإعلام الرسمي السوري تجنب الحديث عن عمليات إفراغ المطار من القوات السورية، وترحيل الطائرات العسكرية والمعدات إلى مطارات عسكرية أخرى. وتم التركيز على المعدات العسكرية والذخيرة الحديثة التي قدمها الروس للسوريين، والتي أكد وزير الخارجية الروسية تسليمها، أثناء ردّه على استفسار وزير الخارجية الأميركي جون كيري، عن الوجود العسكري الروسي الجديد في سوريا.

ويحاول النظام تحويل أبعاد وجود القاعدة العسكرية الروسية، إعلامياً، باتجاه دعمه وتحصين وجوده، خاصة وأن القاعدة العسكرية الروسية لاقت صدى إيجابياً لدى مؤيدي النظام، كونها تؤسس -حسب زعمهم – مشروعاً عسكرياً دفاعياً عن الساحل السوري المُحاصر من كل الجهات -عدا البحر- من قوات المعارضة المُسلحة. المعارضة كانت قد أدخلت الصواريخ وقذائف الهاون إلى معركة الساحل، ولم يستطع النظام إيقاف قصف المدن والقرى العلوية، منذ ثلاثة أشهر، حيث ازدادت وتيرة القصف منذ سيطرة "جيش الفتح" على مدينة إدلب.

صفحات الساحل الإعلامية الموالية للنظام في مواقع التواصل الإجتماعي، روّجت بقوة للقاعدة العسكرية، وأشارت إلى الارتياح العام، جراء وجود القاعدة العسكرية لحماية الساحل، إلا أنها أشارت أيضاً إلى عمليات إفراغ المطار من السوريين، وحصانة القاعدة العسكرية من أي سوري. فالروس لم يصرحوا بعمليات تعاون أو دعم لوجستي بالمعركة، وحتى الرئيس بوتين قد صرح بعدم وجود مهام عسكرية مباشرة حتى هذه اللحظة، للقاعدة المستحدثة.

التهليل للقاعدة الجوية العسكرية الروسية، من قِبل الموالاة والإعلام الرسمي، لم يُلاقِ استحساناً من القادة العسكريين الذين عَمِلوا في المطار لسنوات عديدة، وتمت أزاحتهم عن إدارته. والضباط العلويون، سيطروا منذ العام 1970، على المطارات السورية، والقرارات الأكثر أهمية تصدر عنهم، واستثنائهم حالياً، وجّه صفعة لهم بعدما باتوا يشعرون بأنهم بلا أية أهمية.

ونشأ تذمر من الأهالي في الريف الساحلي، الذي تقطنه غالبية علوية، من إرسال أبنائهم من مطار اللاذقية الآمن، إلى المطارات العسكرية الأكثر خطورة، بسبب القاعدة الروسية، وخاصة أن أغلب المطارات العسكرية الأخرى تخضع لعمليات حصار عسكري، من قِبل المعارضة.

التذمر كان قد أخذ شكلاً انفعالياً في وجه النظام، في مدينتي طرطوس واللاذقية، حينما حاول بعض الأهالي التظاهر ضد النظام لإهماله فك الحصار عن مطار كويرس، وعدم سحبه للجنود من هناك حفاظاً على حياتهم.

ولمطار اللاذقية العسكري ميزة خاصة، وهي سيطرة ضباط من مدينة القرداحة -مسقط رأس الأسد- عليه، ومنهم كُثرٌ من آل مهنا، إحدى أكبر العائلات العلوية في القرداحة، والتي فقدت في الحرب أكثر من 15 قتيلاً خلال العمليات العسكرية. إفراغ المطار من السوريين، جعلت الضباط المسيطرين على قيادته سابقاً، في حالة من التذمر، وقاموا برفض الفرز العسكري الجديد الذي فرضته القيادة العسكرية في دمشق عليهم، والقاضية بنقلهم إلى مطارات أخرى.

حركة التذمر امتدت لتتصل بالاعتراض العام الذي يتنامى لدى الضباط العلويين من حجم التدخل الأجنبي في ساحة المعركة على حسابهم، ابتداءً بالتدخل الإيراني وصولاً للتدخل الروسي. فعمليات العسكرة في الساحل تقوم كُلها تحت قيادة إيرانية سواء شمالي مدينة اللاذقية أو شرقها. والأخبار التي تنتشر في مدينة اللاذقية عن رفض ضباط من القرداحة والريف الساحلي عموماً، الالتحاق بمطارات عسكرية مُحاصرة أو خطرة، باتت تُشكل عبئاً على النظام. فعمليات تسليم الإدارة العسكرية للأجانب تُهين كرامة الضباط السوريين لشعورهم البديهي بأنهم معنيون بحماية مناطقهم أكثر من العسكري الأجنبي المعني بترتيب المعارك العسكرية وفقاً للأوراق السياسية التي يُريد فرضها على طاولة التفاوض الإقليمية والدولية. ونطاق تعبير الأهالي في الأرياف والمدن يَضيق دوماً، فالنظام يمنع أي اعتصام أو تظاهرة يطلب فيها الأهالي بسحب الأبناء العسكريين من المناطق المحاصرة من المعارضة، أو جعلهم يقاتلون في قراهم لحماية أمنهم الأهلي في مناطقهم.

وتُشير عمليات الفرز العسكري التي يُريد النظام فرضها على عسكريّيه، إلى ضعفه وضعف سلطته على أشد ضباطه ومواليه، الذين باتوا يرون بأن النظام يدفعهم للموت على حساب إرضاء القوى العسكرية الأجنبية، التي تكفل له بقاءه. حركة التذمر والاعتراض في النخبة العسكرية الجوية، قد لا تطول، إلا أنها تزيد نقمة جماهير النظام ومواليه على الحالة التي قد تصل إليها البلاد جراء تدخل الغريب. وخاصة أن الروس لم يصرّحوا حتى الآن عن جدوى وجودهم ونطاق عملياتهم.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها