الإثنين 2015/01/05

آخر تحديث: 15:19 (بيروت)

النفط يرفع الصرخة الايرانية:ماذا اذا هبط السعر الى32 دولاراً

الإثنين 2015/01/05
النفط يرفع الصرخة الايرانية:ماذا اذا هبط السعر الى32 دولاراً
روحاني اعتبر هبوط أسعار النفط حرباً تستهدف مصالح الشعوب الإسلامية (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

يبدو واضحاً أن القيادة الايرانية بكل تركيبتها السياسية والامنية والعسكرية وحتى الدينية، باتت مقتنعة بخطورة الازمة الاقتصادية التي تمر بها إيران في هذه المرحلة، بعد التراجع المستمر في أسعار النفط عالمياً، ومدى تأثير ذلك على الموقف الإيراني السياسي، خاصة في اطار المفاوضات الجارية مع مجموعة الـ5+1 حول الملف النووي وامتداداته إلى الملفات الاقليمية.

وقد يكون وزير النفط الإيراني المخضرم، بيجن نامدار زنكنه، الأكثر إدراكاً بين المسؤولين الإيرانيين لمدى التأثيرات السلبية التي قد تصيب الاقتصاد الإيراني وتماسك القرار التفاوضي مع الغرب، وقد عبر عن ذلك من خلال "الخط الاحمر" الذي رسمه لمسار انحدار أسعار النفط، وحدده إيرانياً عند سقف 55 دولاراً أميركي للبرميل.


هذا السقف الذي حدده الوزير زنكنه يعني في القاموس التجاري الإيراني في السوق النفطية، أن الأسعار الدولية يجب أن تكون في حدود 65 دولاراً، وإلا فإن الإنتاج الإيراني لا يمكنه توفير التغطية المالية للموازنة لتسيير الدولة والمؤسسات والحفاظ على المستوى الذي تحقق من الخطة الخمسية للحكومة في حده الأدنى، إضافة إلى أن طهران ومنذ تخفيف العقوبات الدولية على قطاع النفط وبداية تراجع أسعاره في الأسواق الدولية عمدت إلى بيع إنتاجها بأسعار أقل من السعر الرسمي بحوالي 10 دولارات للبرميل، ما يعني أن ملامسة برميل النفط سعر 57 دولاراً قد أوصل المعروض الإيراني في الاسواق إلى أقل من "الخط الاحمر" الذي حدده الوزير، وأن عمليات البيع من خارج حصة منظمة الأوبك لم تعد مجزية أو ذات فائدة لسد العجز المتزايد في الموازنة الرسمية، التي وضعت على أساس أسعار تتعدى المئة دولار للبرميل.


هبوط الأسعار الدولية إلى ما دون 65 دولاراً أخرجت الرئيس الإيراني حسن روحاني عن اتزانه وهدوئه المعهود، ودفعته للتعبير بعصبية عن عمق الأزمة التي تواجهتها حكومته في معركة النفط، والتي تتضافر مع معركة داخلية يخوضها بوجه تيارات داخل النظام لم تستوعب إمكان حصول تسويات دولية وداخلية قد تنال، أو تكون، على حساب جزء من نفوذها في السلطة والنظام.


الرئيس الإيراني، حسن روحاني اعتبر هبوط أسعار النفط حرباً تستهدف مصالح الشعوب الإسلامية، وأن التاريخ سيحاسب الأطراف التي تقف وراء هذه المؤامرة.


التيارات السياسية الإيرانية بمختلف توجهاتها، المحافظة والإصلاحية وحتى المعتدلة، باتت أكثر صراحة في الحديث عن المعركة التي تخوضها إيران على مختلف الصعد الاقتصادية والنووية والأمنية والسياسية، وأن الهدف من المعركة الاقتصادية الحالية هو ضرب الاقتصاد الإيراني وانهياره لإجبار طهران على تقديم تنازلات في ملفات أخرى، وأن تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي حول الملف النووي وتمديد المفاوضات لمدة سبعة أشهر كان هدفه التحضير للمعركة الاقتصادية ضد إيران، وإجبارها على القبول بالشروط الدولية وفرض تنازلات مؤلمة عليها، خاصة أن مسار هبوط أسعار النفط بدأ بشكل جدي مع الإعلان عن تمديد المفاوضات.


طهران وأمام التداعيات المحتملة لما تعتبره معركة اقتصادية من باب أسواق النفط، خلعت قفازات الدبلوماسية في توجيه الاتهامات للدول الداعمة لهذا التوجه داخل مجموعة الأوبك حسب اعتقادها، واعتبرت أن الموقف السعودي داخل هذه المنظمة يشكل رأس الحربة الأميركية لإجبار إيران على تقديم تنازلات سياسية وإقليمية على طاولة المفاوضات، حتى أن المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، حاول تلطيف هذه الاتهامات خلال لقائه التوجيهي مع نواب البرلمان لبحث اتجاهات الموازنة العامة الجديدة للدولة والحكومة، بالحديث عن "وجوب تقديم الشكر للسعودية وأميركيا" لأنهما أجبرتا المسؤولين في إيران على التفكير في إحداث تغيير في الاقتصاد الإيراني، والانتقال من اقتصاد يعتمد على مداخيل النفط، إلى اقتصاد يقوم ويعتمد على الانتاج المحلي غير النفطي، ما يدعم الشعار الذي رفعه مطلع السنة الايرانية التي بدأت في 21 آذار/ مارس 2014 وضرورة بناء اقتصاد مقاوم.


وعلى الرغم من كل الجهود الإيرانية المبذولة للحد من تداعيات هبوط أسعار النفط على الاقتصاد المحلي وقطع الطريق على تأثيراتها السلبية على الملفات السياسية، إلا أن الحقيقة التي يواجهها هذا النظام ومعه حكومة روحاني ستكون أكثر مرارة من الأزمات الاقتصادية التي بدأت تظهر في الداخل، خاصة بعد تراجع قيمة الريال الإيراني أمام الدولار، وتجاوزها عتبة 35 ألف ریال للدولار الواحد، وانعكاساتها على مخططات الحكومة في الحد من التضخم، الذي وصل أواخر أيام الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، إلى حدود 40 في المئة، وعمل روحاني على إيصاله إلى حوالي 27 في المئة، إضافة إلى مساعيه لرفع مستوى النمو الاقتصادي والحد من البطالة وتحريك الأسواق وإخراجها من الركود الذي تعانيه.


الأزمة الإيرانية قد تكون أكثر تعقيداً في حال صحت التقديرات الإيرانية، وليس الدولية هذه المرة، بإمكان هبوط أسعار النفط إلى مستوى 32 دولاراً للبرميل، الأمر الذي قد يجبرهم على إعادة هيكلة لكل ملفاتهم الإقليمية، خاصة التكاليف الباهضة التي تدفعها إيران ثمناً لتوسعها الإقليمي، في ظل إنفاق خارجي على الأذرع في المنطقة، يكلف الخزينة الايرانية ميزانيات كبيرة على حساب التفكير في حل الأزمات الداخلية، إذ ان ما تنفقه إيران على الجماعات المؤيدة لها في المنطقة بدأ من اليمن، الذي يقف على حافة الانهيار الاقتصادي إن لم يكن قد دخلها عملياً، مروراً بالعراق والتكاليف المرتفعة لمعركة إثبات الدور في محاربة الإرهاب و"داعش"، أمام التحالف الدولي، والثمن الكبير الذي يقدم في الدفاع عن نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، وصولاً إلى الحلقتين اللبنانية والفلسطينية وما قد يدخل على الطريق بين هذه الاذرع، كلها تأتي على حساب حصة المواطن الإيراني الذي وقف اكثر من عقد من الزمن على عتبة الانتظار لحل ازمة الملف النووي والتخلص من العقوبات الدولية حتى ينعم بقليل من الرخاء الاقتصادي والحياتي، فضلاً عن أن روحاني، الرئيس المنتخب تحت شعار التغيير والتدبير، لم يخفِ امتعاضه- رغم إدراكه لأهمية الاوراق الاقليمية وملفاتها التي تمتلكها إيران ودورها في تعزيز موقع بلاده ونظامها على الساحة الاقليمية والدولية بحكم المواقع، التي سبق أن شغّلها ومكنته من التعامل المباشر مع هذه الملفات- من كيفية التعامل المالي الإيراني مع هذه الملفات على حساب الداخل وأزماته وعدم إعطاء الاهمية الاقتصادية لتعزيز "خطوط الدفاع" الداخلية لمواجهة التحديات الخارجية والاقليمية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها