تسعى روسيا إلى السيطرة على المنطقة المنزوعة السلاح في ريف حماة الشمالي والغربي، وصولاً إلى ريف إدلب الجنوبي، مستخدمة سياسة القضم البطيء. وعملت روسيا على مدار الشهور الماضية، على ترتيب جبهات ريف حماة، فأعادت نشر مليشيات موالية لها على خطوط التماس فيه مع المعارضة، ودربتها بإشراف ضباط روس.
القصف يتواصل
وتعيش مناطق المعارضة في ريفي حماة وإدلب، تحت وطأة قصف متواصل من الطيران الحربي والمروحي، والمدفعية الثقيلة وصواريخ أرض-أرض. وتعرضت بلدة الهبيط بريف إدلب الجنوبي، لقصف مكثف من الجو وبراجمات الصواريخ. وتعتبر الهبيط هي الهدف التالي لمليشيات النظام الروسية انطلاقا من محور بلدة كفرنبودة التي سيطرت عليها. وشهدت بلدة خان شيخون، قصفاً جوياً ومدفعياً، وكذلك بلدة حيش وقرى عابدين وركايا وكفرعويد وكفرسجنة. وسقط 13 قتيلاً مدنياً خلال الساعات الـ12 الماضية.
هل يتكرر نموذج شرقي السكة؟
وتتبع مليشيات النظام الروسية في تقدمها الحالي خطة مشابهة لمعارك العام 2018 في ريفي حماة وإدلب المعروفة بـ"شرقي السكة". فالمناطق التي تشهد القصف الأعنف ستكون الوجهة البرية للمليشيات. وبحسب القيادي في الجيش السوري الحر النقيب عبدالسلام عبدالرزاق، فإن القصف والتدمير الممنهجين هدفهما تهجير السكان وتدمير القرى والمدن "كي لا يكون هنالك حراك مدني معترض على دخول العدو الروسي كما في الفترات الماضية. وقد تم تهجير حوالي 300 ألف شخص خلال الأيام القليلة الماضية".
وتعتمد الخطة الروسية على التقدم ببطء، وقضم المنطقة. فالمليشيات تتقدم من محور واحد، رغم أنه بامكانها فتح أكثر من محور. وتعتمد روسيا على فرق متنوعة، كانت قد جهزتها سابقاً، بعضها خاص بالاقتحام، وبعضها عادي للتبديل والتثبيت. كما تعمل القوات الروسية على تبديل القوات المقتحمة بشكل مستمر، ففي كل محاولة تقدم نجد مجموعات جديدة. وتعمل على تثبيت قوات لها في محيط المنطقة التي تسيطر عليها، حتى تتمكن من امتصاص أي هجوم مباغت من قبل فصائل المعارضة.
مليشيات "قوات النمر" التابعة للعميد سهيل الحسن، ومنها أفواج "الطرماح" و"الحسام"، تتكفل بمهمة الهجوم، في حين يقع على عاتق مجموعات "الفيلق الخامس" الأقل كفاءة التثبيت في المناطق الجديدة. وقال القيادي في الجيش السوري الحر العقيد الركن فاتح حسون، لـ"المدن"، إن "الحملة العسكرية الروسية تتبع تكتيك قضم المناطق قطعة قطعة، لامتصاص النقمة الإقليمية والدولية التي يمكن أن تحدث نتيجة موجات النازحين الناتجة عن القصف والعمليات الروسية".
وأوضح حسون أن الحملة الروسية تهدف للسيطرة على قلعة المضيق كخطوة اولى، ومن الممكن أن تعمل على محاور أخرى للسيطرة على مناطق محددة من المنطقة منزوعة السلاح التي اتفق على تشكيلها في قمة سوتشي حول إدلب. وأشار إلى أنه لا يعتقد بأن روسيا والنظام سينجحان بالتقدم، كما حصل شرقي سكة الحجاز، وذلك "بسبب وجود نقاط المراقبة التركية، والمقاومة المتزايدة، والخسائر الباهظة في صفوف مليشيا قوات النظام الروسية، بالإضافة إلى الضغط الدولي".
أهداف خارج إدلب؟
ولم تقتصر أهداف الحملة الروسية على المناطق المنزوعة السلاح في ريفي حماة وإدلب على الأهداف المحلية، على استعادة المزيد من المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة وتقليص مساحة نفوذها، وإنما لها أهداف إقليمية ودولية. فـ"الحملة تهدف سياسياً للضغط على الضامن التركي والاتحاد الأوروبي، وكذلك تتحدى الولايات المتحدة غير الموافقة على اجتياح إدلب، وكل ذلك في سبيل فرض رؤيتها بما يتعلق باللجنة الدستورية وتخفيف وتيرة تسارع التقارب التركي الأميركي وإعاقته"، بحسب العقيد حسون.
الملعب الروسي
وكانت القوات الروسية قد عملت منذ مطلع العام 2019، على ضبط مناطق النظام المحيطة بمناطق سيطرة فصائل المعارضة في ريفي حماة وإدلب الغربي. وطردت المليشيات الروسية المليشيات الموالية لإيران و"الفرقة الرابعة". وأغلقت المليشيات الروسية طرق التهريب والمعابر مع مناطق المعارضة، وعملت على تطويع أبناء المنطقة الراغبين بالانتساب إلى مليشياتها وأخضعتهم لدورات مغلقة بإشراف مدربين روس في معسكرات تقع في ريف حماة الشرقي.
القوات الروسية كانت قد جهّزت غرف عمليات خلفية، وقواعد إسناد، على كافة الجبهات. ففي ريف حماة الغربي قامت بتجهيز مطار جب رملة واتخذت منه قاعدة عسكرية لإدارة الخط الغربي في سهل الغاب. كما قامت بإنشاء قاعدة بالقرب من الطليسية بريف حماة الشرقي. ومؤخرا أنشأت قاعدة لقواتها الروسية جنوب غربي قرية حيالين، لتشرف بشكل مباشر وعن قرب على كافة خطوط الجبهة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها