الثلاثاء 2018/02/27

آخر تحديث: 16:45 (بيروت)

ما هي روسيا؟

الثلاثاء 2018/02/27
ما هي روسيا؟
أوليغارشيا تعمل بتنسيق مع ديكتاتورية الكرملين (Getty)
increase حجم الخط decrease
ليس لروسيا من خطة في سوريا غير الحل العسكري البربري. روسيا لم تُعرف يوماً بالسياسة أو الديبلوماسية، منذ عهد القياصرة مروراً بالحقبة الشيوعية حتى اللحظة البوتينية. ولكن ما هي روسيا؟

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، توقع الغرب نهاية حقبة مظلمة طويلة من تاريخ الصراع بين الشيوعية والرأسمالية، واحتفى كثر في العالم بانتصار القيم الليبرالية. إلا أن السنوات التي اعقبت انهيار المنظومة الاشتراكية، شهدت قفزة نوعية هائلة، في عدد الأثرياء الروس، ممن وجدوا طريقهم إلى المؤسسات العامة والثروات الطبيعية لروسيا المتهلهلة من وقع الصدمة، وافتتحوا أعمالاً غير شرعية في موطنهم، قبل أن ينشروا شركاتهم حول العالم. الأوليغارشيا الروسية ليست سوى تحالف مافيوي، فشل الراحل بوريس يلتسن في إدارته، فجاء بوتين بالحل: أوليغارشيا تعمل بتنسيق مع ديكتاتورية الكرملين.

قبضة بوتين الفولاذية، وسط استبعاده وضمه لأثرياء روسيا، أثبتت نجاعتها. وسرعان ما نهضت روسيا، في عهده، من ركام الانهيار، واجدة ضالتها في السوق. السوق الليبرالية. نعم، فخر المنتج الرأسمالي، الذي اعتقد الغرب أنه هزم السوفييات به. نخرت الأوليغارشيا الروسية الغرب، وعاثت فيه فساداً، وانتشرت عمليات غسل الأموال غير الشرعية في العالم، بدءاً من أوروبا الشرقية، متكئة على عملاق الاقتصاد الروسي غازبروم.

بوتين استعاد مجد القياصرة، وأهان ذكرى السوفييات. أراد عالماً تجد فيه روسيا موطئ قدم، وتكون فيه منافساً للكيانات الحضارية الغربية. فأغرقها في منتجاتها. الدعاية والبروباغاندا، الفايروسات، غسل الأموال، تجارة الرقيق، الحسابات البنكية السرية، الرشاوى لزعماء الأحزاب اليمينية واليسارية، صفقات تهريب الأسلحة والنفط والمخدرات. بوتين، تعلّم درس الرأسمالية جيداً، وعالجها ببث الفوضى فيها.

قد لا يكون بوتين وراء التدخل في الانتخابات الأميركية لإيصال دونالد ترامب رئيساً، بشكل مباشر. التدخل كان لنشر الفوضى، والأخبار الكاذبة، وزرع بذور الشك في الديموقراطية الغربية. الخطة واضحة وسهلة. أغرقوهم بمنتجاتهم.

انتصار روسيا لانهيار الاتحاد السوفيياتي، كان انتصاراً للامبراطورية، لا للقيم. إن كان هناك من قيم لدى البولشفيك. وعودة روسيا إلى الحلبة الدولية، كان عن سابق إصرار، ووفق خطة محكمة. الديموقراطية والليبرالية أعداء. والحل بنشر الفوضى والشك.

روسيا اليوم، تسخر من العالم، وتعلن "هدنة إنسانية أحادية" لخمس ساعات في الغوطة الشرقية، بعد اقرار مجلس الأمن للقرار 2401، القاضي بهدنة لشهر. خمس ساعات لإخلاء الغوطة من أهلها، و19 عشرة ساعة لقتلهم يومياً. هل صدقتم ذلك؟ حتى الخمس ساعات التي أمر بها بوتين، ليست شيكاً على بياض. سنخرق "الهدنة" التي أعلناها. نحن من يقرر متى وماذا وكيف.. روسيا هي السيدة في سوريا، والعالم.

نعم، لقد انتصرت روسيا، ولقّحت الليبرالية الغربية ببذور الفوضى، فعادت آمراً ناهياً، في الشرق والغرب. قد يجادل أحدهم: ولكن اقتصادها أصغر من اقتصاد إيطاليا؟ نعم، ولكنها تخنق أوروبا بصنبور غازها، وتلاعب أميركا حول العالم برعاية المجرمين كأنظمة الخامنئي والأسد وذلك المعتوه في كوريا الشمالية.

الأوليغارشيا الروسية، خارج موسكو، هي مافيا دولية، تعمل وفق خطة مدروسة، لتغيير العالم. انهيار الاتحاد السوفياتي لم يكن سوى لحظة من الصراع بين روسيا والغرب، واليوم جاء دور الرد الروسي: سيموت أهل الغوطة الشرقية، ومن له عينان فليغمضهما، ومن له أذنان فليسدهما، ومن له لسان فليخرس. هذا هو النموذج الذي تريد روسيا تعميمه في العالم؛ تحالف المافيا والديكتاتورية. فمن يجرؤ على الاعتراض؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها