السبت 2017/12/30

آخر تحديث: 12:25 (بيروت)

"إدارة المركبات": المعارضة تسيطر على حي العجمي

السبت 2017/12/30
"إدارة المركبات": المعارضة تسيطر على حي العجمي
بدأت المرحلة الثانية بعملية انتحارية (المدن)
increase حجم الخط decrease
اطلقت المعارضة، ظهر الجمعة، المرحلة الثانية من معركة "بأنهم ظلموا" على محور "إدارة المركبات" من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية، بهدف السيطرة على حي العجمي بالكامل، وقطع طرق إمداد قوات النظام عن "إدارة المركبات". وبدأت المرحلة الثانية بعملية انتحارية نسفت الخطوط الأمامية لمليشيات النظام في حي العجمي، وفتحت الطريق أمام المعارضة لبدء الهجوم.

هجوم المعارضة على العجمي، هي استراتيجية جديدة غير متوقعة للسيطرة على "إدارة المركبات"، بعدما ظنّت مليشيات النظام أن الهجوم على الإدارة سيكون مباشراً كما حصل في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، خلال المرحلة الأولى من المعركة. حينها سيطرت المعارضة على ثلثي مساحة الإدارة، قبل أن تتمكن المليشيات لاحقاً من استرجاع بعض المواقع بالمواجهة المباشرة. مليشيات النظام لجأت بعد ذلك لعدم المواجهة المباشرة بعدما كلفتها فاتورة بشرية ومادية كبيرة.


(المصدر: LM)

المرحلة الأولى من "بأنهم ظلموا" كانت قد بدأت صباح 14 تشرين الثاني/نوفمبر، بالهجوم على تجمع مباني الإدارة من ثلاثة محاور؛ العجمي شمالاً، الخُمس شرقاً، ومحور رحبة الدبابات والمعهد العسكري جنوباً. المعارضة جهزت للعملية بحفر أنفاق من مناطق سيطرتها في محيط الإدارة وصولاً إلى داخل أبنيتها التي يفصلها عنها سور كبير. وتمكنت المعارضة في يوم المعركة الأول من السيطرة على حوالي ثلثي الإدارة، ووصلت مساءً إلى مدخلها الرئيسي من جهة الغرب، والذي يعتبر طريق إمدادها الوحيد. وبذلك أحكمت المعارضة السيطرة على حدود الإدارة الشمالية، وفصلتها عن حي العجمي شمالاً الذي تتقاسم وقوات النظام السيطرة عليه. وبقي المنفذ الوحيد للإدارة هو الأراض الزراعية من الجهة الغربية التي لا تسمح للآليات والعناصر بالحركة بحريّة كونها مرصودة من نقاط الثوار المتمركزين في مدينة عربين.

قوات النظام استوعبت الصدمة وقررت شنّ هجمات معاكسة لإيقاف زحف المعارضة التي خفّت وتيرة هجومها خوفاً من الوقوع بالكمائن الليلية. وما شجع قوات النظام على قرار استعادة السيطرة هو صمود عناصرها في أهم المحاور؛ "رحبة الدبابات" رغم عزلهم عن بقية محاور الإدارة الشمالية، وعدم تمكن المعارضة من التقدم على ذلك المحور. هذا بالإضافة إلى استعصاء مجموعات من قوات النظام في بعض الطوابق العليا في حي العجمي المطل على الجهة الشمالية للإدارة، ما اعتبر نوعاً من الصمود، تمكنت من خلاله رصد طرق إمداد المعارضة على المحور الشمالي الواصل إلى المدخل.

بدأت قوات النظام هجومها المعاكس ليل 14-15 تشرين الثاني، مستخدمةً تغطية نارية كثيفة، وقذائف غاز الكلور من جهة مدخل الإدارة. وشنّ الطيران الحربي عدداً كبيراً من الغارات داخل الإدارة وفي محيطها، ما أجبر المعارضة على التراجع شرقاً عن مدخل الإدارة وبعيداً عن الطرق المرصودة. وسرعان ما وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة لقوات النظام إلى داخل الأبنية المستعصية لتبدأ بالهجمات المعاكسة.

تواصلت المعارك المباشرة داخل الإدارة 20 يوماً، بدعم جوي وصاروخي كثيفين. القصف تركز على الإدارة والبلدات الثلاث المحيطة بها؛ حرستا ومديرا وعربين. ولم يكن للمواجهة المباشرة فعالية كبيرة لاستعادة السيطرة على الأبنية داخل حرم الإدارة، فاتبعت المليشيات حينها سياسة الأرض المحروقة، واستخدمت الطيران والقذائف الثقيلة لتدمير الأبنية والهنكارات التي سيطرت عليها المعارضة بشكل كامل. وبالفعل تم تدمير عدد من الأبنية وتراجع الثوار إلى نقاط أكثر تحصيناً وتمركزوا فيها، ولم يفلح النظام في إخراجهم خلف سور الإدارة الذي طالما حلموا بعبوره خلال السنوات السبع الماضية. وحافظت المعارضة على حوالي ثلثي الأبنية التي حررتها داخل الإدارة، بالإضافة إلى مساحات من البيوت العربية والأراضي الزراعية التي تقع بين حرم الإدارة وحي العجمي شمالاً. وأصبحت الأبنية المدمرة خطاً فاصلاً بين الطرفين لاستحالة المرابطة والصمود داخلها.

أدركت قوات النظام أن إخراج المعارضة من حرم الإدارة سيستمر في استنزافها، بعدما قُتِلَ عدد كبير من الضباط والعناصر على رأسهم نائب مدير الإدارة اللواء وليد خواشقي، خلال معارك الكرّ والفر. وأيقنت المليشيات أن سبب صمود مقاتلي المعارضة، بالدرجة الأولى، هو البنية الهندسية المتينة للأبنية التي يتمترسون داخلها، واعتمادهم على الأنفاق والخنادق الواصلة بين هذه الأبنية. فقررت قوات النظام تغيير استراتيجيتها بإخراج المعارضة من المناطق التي سيطرت عليها، و تطبيق فكي كماشة نارية على مواقعهم، من خلال الحفر تحت الأبنية الشرقية في الإدارة من جهة بلدة مديرا وتفجيرها، وتفجير أبنية حي العجمي التي يستخدمها المقاتلون لرصد حرم الإدارة.

إزالة هذه الأبنية كشفت طرق إمداد المعارضة وافسحت المجال لرصد تحركات عناصرها داخل خنادق الإمداد، كما ابعدت قناصة المعارضة عن رصد حرم الإدارة. وبذلك أصبحت الأبنية التي تسيطر عليها المعارضة داخل أسوار الإدارة محاطة بمساحات خالية من الأبنية ومرصودة بشبكة نارية، ما سيضيق الخناق على المعارضة ويجبرها على التراجع عن الأبنية التي تسيطر عليها.

قوات النظام فجّرت مخارج الأنفاق التي تسلل منها مقاتلو المعارضة، ثم بدأت بحفر أنفاق اعتراضية لكشف أنفاق المعارضة الجديدة وتفجيرها، ثمّ حفرت أنفاقاً باتجاه أبنية المعارضة في حي العجمي شمالاً لتلغيمها وتفجيرها. وقد اعتبر الطرف الجنوبي الغربي لحي العجمي خط الدفاع الأول عن الإدارة، وكان لاستعصاء عناصر النظام في هذه المنطقة الدور الأكبر في إيقاف زحف المعارضة ومنعها من تطويق الإدارة بالكامل.

إلا أن المعارضة، تمكنت الجمعة، من السيطرة على معظم حي العجمي من جهة الإدارة، خاصة الأبنية التي كانت تستخدمها المليشيات لرصد طرق إمدادها. وليس معروفاً إذا ما كانت المعارضة قد قطعت خطوط إمداد المليشيات، بسبب اعتماد المليشيات على بعض الأنفاق بين الإدارة وغربي حرستا من جهة "المخابرات الجوية". تغيير استراتيجية المعارضة في الهجوم، واستهداف خط دفاع قوات النظام في حي العجمي، قد يكون مقدمة للسيطرة الكلية على إدارة المركبات، ودليلاً على أن المعارضة ما زال بإمكانها المناورة عسكرياً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها