الأربعاء 2017/12/20

آخر تحديث: 12:40 (بيروت)

القلمون الشرقي: روسيا تُصعّدُ ضد المعارضة لقبول"مصالحة مُشينة"

الأربعاء 2017/12/20
القلمون الشرقي: روسيا تُصعّدُ ضد المعارضة لقبول"مصالحة مُشينة"
المقترح الروسي "لا يقبل القسمة على اثنين" (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تقرر عقد اجتماع جديد بين كامل ممثلي المعارضة في القلمون الشرقي، ووفد من النظام، برعاية روسية، في المحطة الحرارية قرب بلدة الناصرية، في 25 كانون الأول/ديسمبر. وفي انتظار ذلك، بدأت روسيا تنفيذ تهديداتها السابقة، بعدما رفضت المعارضة مقترحها حول "مصالحة شاملة" مع النظام في القلمون الشرقي.

ومنعت قوات النظام دخول الطحين إلى القلمون الشرقي المُحاصر، ما تسبب بفقدان الخبز بسرعة من الأسواق المحلية. مليشيات النظام المتحكمة بمداخل ومخارج القلمون عادت ومنعت دخول مواد أساسية أخرى كالبرغل والرز وغيرها.

عرض "المصالحة الشاملة" جاء بعد دعوة روسية رسمية لوفد معارضة القلمون إلى العاصمة دمشق، لبحث ملف القلمون الشرقي مع وعود بأن الاتفاق سيكون مرضياً للطرفين. ولبى وفد مصغر من مدينة الرحيبة الدعوة في 8 كانون الأول/ديسمبر، وجرت اجتماعات موسعة بين وفد الرحيبة وضباط من قوات النظام وشخصيات من "وزارة المصالحة"، برئاسة الجانب الروسي.

تلبية وفد الرحيبة المعارض للدعوة إلى "اجتماع دمشق الثاني" مع النظام في 8 كانون الأول، جاءت بعدما اعتذرت بقية أطراف المعارضة في القلمون عن الحضور لأسباب داخلية تنظيمية. وكانت حواجز قوات النظام في منطقة الضمير، قد منعت خروج وفد الضمير، نحو "اجتماع دمشق الأول"، في تشرين الأول/أكتوبر، ما تسبب بتأجيله. وسبق أن سعت المعارضة لضمّ القلمون الشرقي إلى اتفاقات "خفض التصعيد" بالتفاوض مباشرة مع الجانب الروسي، إلا أن النظام رفض ذلك، وناور في موقفه حتى عادت وتبنته روسيا، بل باتت متحمّسة لعقد "المصالحة".

وقالت مصادر مطلعة، لـ"المدن"، إن الجانب الروسي طالب بـ"مصالحة شاملة وانضواء قوات المعارضة المسلحة ضمن التشكيلات المحلية التابعة لقوات النظام كالدفاع الوطني ودرع القلمون وغيرها، مع تسليم كافة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة". كما طالب الجانب الروسي بـ"إشتراك قوات المعارضة المسلحة عقب دمجها بالتشكيلات المحلية في معارك لصالح قوات النظام في المناطق المشتعلة". هذا بالإضافة إلى "تسليم فصائل المعارضة المسلحة نقاط إستراتيجية لها قرب جبال القلمون الشرقي، ومنها ما يطل على مطار الناصرية العسكري وعلى المحطة الحرارية، إلى قوات النظام".

"الضامن" الروسي كان قد رفض في مؤتمر "أستانة-7" طرح المعارضة إدخال منطقة القلمون الشرقي في اتفاقات "خفض التصعيد"، مبرراً ذلك بأنه يعمل عليها بشكل فعال للوصول إلى "اتفاق مصالحة شامل".

وأكدت المصادر، أن اللهجة الروسية في تقديم المقترح كانت حادة، ولم تقبل التفاوض، بل انتظرت فقط قبول وفد المعارضة المسلحة للاتفاق. المقترح الحالي الذي قدمه الجانب الروسي "لا يقبل القسمة على اثنين"، بحسب مصادر "المدن"، و"ليس واقعياً، ويمكن وصفه بكسر العظم، وهو مصطلح عسكري يهدف إلى إذلال فصائل المعارضة بحل مُشين".

وعقب عودة وفد المعارضة إلى الرحيبة، قوبل المقترح بالرفض التام من قبل بقية الأطراف. وعقد اجتماع مباشر مع بقية ممثلي القلمون الشرقي، الذين رفضوا بدورهم المقترح، ووصفوه بالبعيد عن المنطق والواقع، بحسب مصادر "المدن".

واعتبرت المصادر أن وفد المعارضة كان يهدف للوصول إلى حل لتجميد الوضع في القلمون الشرقي، بما يُشبه بقية الحلول المطبقة في مناطق "خفض التصعيد"، وبما يضمن إعادة بعض الدوائر الحكومية إلى المنطقة، كالمنشآت التعليمية والشرطة والقضاء.

وأشارت مصادر "المدن" إلى أن قوات النظام بدأت تجنيد بعض الأشخاص من القلمون الشرقي بغرض الترويج لـ"المصالحة"، وبدء الضغط على وفد المعارضة المسلحة، بالقول إن هناك أطراف في القلمون تؤيد "المصالحة الشاملة" ولا تريد الإنجرار إلى المزيد من المتاهات.

الجانب الروسي، وعبر ضابط الارتباط الموفد من قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري، أرسل عبر القناة المفتوحة مع المعارضة، رسائل متكررة كان آخرها قبل يومين، طالبت المعارضة بالقبول والرضوخ للحل الروسي الذي طرح في دمشق، مرفقة بتهديد في حال الرفض: "الحل العسكري قادم لا محالة"، وفق مصادر "المدن".

مع تشديد مليشيات النظام حصارها على القلمون الشرقي وتطبيقها سياستها المعتادة في "التجويع حتى التركيع"، وسط فقدان المواد الرئيسية من الأسواق، فالمنطقة باتت على شفا كارثة إنسانية. ويعيش في القلمون الشرقي ما لا يقل عن 350 ألف مدني، جلّهم من المُهجّرين من ريف دمشق وحمص. تشديد الحصار مع بداية فصل الشتاء، هو إجراء عمدي، إذ ستكون نتائجه شديدة على الأهالي في منطقة جبلية مشهورة بشدة البرد فيها. مخزونات الوقود ومواد التدفئة بدأت بدورها بالنضوب مع تخوّف المدنيين من الحصار. مليشيات النظام بدأت باستهداف مواقع الفصائل المسلحة في جبال القلمون، بالقذائف المدفعية والهاون، من دون تحقيق أي خسائر بشرية، مكتفية بإلحاق أضرار ثانوية في المواقع العسكرية للفصائل.

مصادر "المدن" أشارت إلى أن الجانب الروسي يريد انسحاب المعارضة من نقاط استراتيجية قرب مدينة الرحيبة، يعتبرها بوابة إمداد لغوطة دمشق الشرقية المُحاصرة بدورها. الجانب الروسي أكد على ذلك الأمر، بشكل رسمي، لوفد معارضة القلمون الشرقي.

ولا تستبعد فصائل المعارضة المسلحة إمكانية دخولها غمار مواجهة عسكرية لصدّ حملة عسكرية لمليشيات النظام، برعاية روسية، في حال فرض عليها ذلك، رغم أنها لا تفضل المُجابهة العسكرية لما ستجلبه من كوارث على المدنيين.

وتحاول المعارضة في القلمون كسب الوقت لتتعرّف على المتغيرات الدولية الراهنة فيما يخص الساحة السورية، خاصة بعد تقليص الدعم الدولي عنها، عسكرياً وسياسياً، بشكل كبير، ربما دفعاً لها كي ترضخ للحل الروسي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها