الأحد 2017/10/08

آخر تحديث: 13:28 (بيروت)

جنت على نفسها اسرائيل

الأحد 2017/10/08
جنت على نفسها اسرائيل
وقف الأعمال القتالية يقلّص من مقدرة الإسرائيليين على ضرب شحنات الأسلحة الإيرانية إلى "حزب الله" (Getty)
increase حجم الخط decrease
كتب جوناثان سباير، في مجلة "فورين بوليسي"، عن الاستياء الإسرائيلي من السياسة الأميركية في سوريا، ولفت إلى أن ضربة اسرائيل في مصياف السورية، والتي استهدفت معامل اسلحة كيماوية وصواريخ أرض-أرض في 7 أيلول/سبتمبر، كانت بمثابة توسيع للدور الإسرائيلي في الحرب السورية.

وقال سباير، ان اسرائيل غير راضية عن الأداء الأميركي في سوريا، بما في ذلك توافق واشنطن وموسكو على إقامة منطقة "خفض تصعيد" في الجنوب، مع نشر شرطة عسكرية روسية مهمتها ابقاء المليشيات الموالية لايران على بعد 30 كيلومتراً من المنطقة منزوعة السلاح، التي تفصل بين سوريا والجولان السوري المحتل، معتبراً ان وقف الحرب يعطي قوات الرئيس السوري بشار الأسد وإيران فرصة للتقدم سلمياً، وإقامة بنية تحتية عسكرية متاخمة للإسرائيليين، وتالياً تهديدهم.

كما أن وقف الأعمال القتالية يقلّص من مقدرة الإسرائيليين على ضبط وضرب شحنات الأسلحة الإيرانية إلى "حزب الله" اللبناني، بحسب سباير.

وعَكَسَ سباير، تصريحات سابقة لوزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي قال في مؤتمر هرتزليا السنوي: "نأمل ان تكون أميركا أكثر فعالية في المسرح السوري… حيث نواجه الروس والايرانيين، وكذلك الأتراك وحزب الله، وهذا أمر لا يمكن التعامل معه ببساطة بشكل يومي".

وكان أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، قد ألمح في خطاب أن أي مواجهة عسكرية مقبلة مع اسرائيل لن تكون بالضرورة في جنوب لبنان، أي أن التدريبات التي اجرتها اسرائيل على القتال في بلدات لبنانية قد لا تنفع. وألمح نصرالله إلى أن حزبه لن يخوض الحرب منفرداً كما في الماضي، وهو ما يعني أنه سيتمتع بدعم عددي من المليشيات العراقية والأفغانية الموالية لإيران.

وسباير، الذي سبق له أن زار المناطق السورية التي يسيطر عليها الأسد والتقى وزراء في دمشق، هو من القائلين إن "وجود الدولة السورية انتهى فعلياً"، وإن نصف البلاد خارج سيطرة الأسد، وإن النظام المتبقي هو في يد الإيرانيين والروس، معتبراً أنه "في الصورة الأكبر، ترى اسرائيل تغييراً كبيراً في موازين القوى الإقليمية في مصلحة الكتلة التي تقودها إيران".

والرؤية الاسرائيلية تجاه ما يجري في سوريا صحيحة وواقعية إلى حد بعيد، فقوة الأسد كحاكم أوحد في سوريا تلاشت الى حد بعيد، وحلت مكانها القوة الايرانية، مع دعم روسي، وكل محاولات إعادة تأهيل الاسد، التي قادتها إسرائيل، كانت تعني فعلياً السماح للإيرانيين بتكريس سيطرتهم أكثر على سوريا وتوسيعها.

إسرائيل اليوم غاضبة من سياسة أميركية كانت تل ابيب في صدارة من ساهموا في صناعتها، فتوجيه الغضب الدولي ضد الإسلاميين، على أشكالهم، فتح الباب لإيران لتصوير نفسها على أنها تقود حرباً على الإرهاب في العراق وسوريا، وأدخل روسيا الحرب السورية تحت العنوان ذاته، وسمح لإدارتين أميركيتين متعاقبتين بحصر سياستيهما بالقضاء على تنظيم "الدولة الاسلامية"، من دون الالتفات الى باقي انحاء سوريا، او بالاحرى اعطاء الأسد ومليشيات ايران حرية الحركة والسيطرة على كل مساحة المشرق غربي الفرات.

ويوم حذر كثيرون من أن حصر أميركا لسياستها في سوريا والعراق بالحرب على الإرهاب هو تبسيط لأزمة أكثر تعقيداً، وأن هذه السياسة ستقوّض موقع الولايات المتحدة نفسها، أسكتت إدارتي الرئيس السابق باراك أوباما، والحالي دونالد ترامب، المنتقدين باتهامهم بالانحياز للاسلاميين، ولتركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان.

الأسبوع الماضي، كان اردوغان في طهران يشارك في حرب إيران على الارهاب، فيما شنت اسرائيل حملة سياسية وديبلوماسية ضد السياسة الأميركية المتهاونة في سوريا. وكأن من صنع هذه السياسة الأميركية المُسايرة للأسد، وتالياً لايران، هم غير الإسرائيليين أنفسهم، الذين يشنون هذه الحملة.

مثل براقش، جنت على نفسها اسرائيل، واعتقدت أن الحرب السنية-الشيعية داخل سوريا ستكون مثل الحرب السنية-الشيعية بين صدام حسين والخميني، حرباً مفتوحة لا تنتهي. لكن هذا النوع من الحروب ينتهي، وتجد اسرائيل نفسها في مواجهة قوة المنتصر، إما صواريخ سكود صدام، أو مليشيات إيران الأكثر فعالية وفتكاً من الصواريخ بما لا يقاس.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها