الإثنين 2017/01/16

آخر تحديث: 08:05 (بيروت)

لماذا استهدف أوباما نظام الأسد؟

الإثنين 2017/01/16
لماذا استهدف أوباما نظام الأسد؟
AFP ©
increase حجم الخط decrease

قبل أقل من عشرة أيام على نهاية رئاسته، وبعد ثلاث سنوات وأربعة أشهر على الهجوم الكيماوي على ضواحي دمشق، فرض الرئيس باراك أوباما عقوبات على 17 من أبرز أركان نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بتهمة تورطهم في الهجوم المذكور. والعقوبات الاميركية تبدو من دون تأثير في سياق الحرب السورية، لكن أوباما فرضها لسبب.

وإذا ما تابع خلف أوباما، الرئيس المنتخب دونالد ترامب، سياسة مصادقة روسيا، واذا ما تابعت ادارة ترامب سياسة التحريض على المجموعات الاسلامية على أنواعها، المتطرفة منها والمعتدلة، السنية منها والشيعية، بما في ذلك "الدولة الاسلامية" في العراق وسوريا، و"الجمهورية الاسلامية" في ايران، فإن المفاوضات المتوقعة في أستانة بعد نحو أسبوع، وبعدها في جنيف في الثامن من الشهر المقبل، ستبدأ في اتخاذ شكل يختلف جذرياً عما عهده العالم في السنوات الماضية.


صحيح أن ادارة أوباما منعت تسليح أو تمويل المعارضة السورية، وصحيح أن واشنطن تراجعت وتنازلت عن الكثير في وجه المطالب الروسية حول سوريا، إلا أن وزير الخارجية جون كيري أبدى عناداً لم يفارقه لناحية رفض واشنطن إصرار موسكو على رمي غالبية التنظيمات السورية المعارضة في خانة "المجموعات الاسلامية المتطرفة".


وداخل العاصمة الأميركية، كان كيري من أكثر من تصدوا للأصوات، وبعضها جاء من أعضاء في فريق أوباما نفسه، لتصنيف بعض المجموعات السورية إرهابية، خصوصاً التي تحمل في اسمها كلمة "اسلام".


هذا يعني أنه في حال تابع ترامب وفريقه في معاداة المجموعات الاسلامية في سوريا، سيقتصر الحل على الأسد وقواته، التي تحمل طابع "العلمانية" غير الاسلامية. لكن كما أوباما وبوتين، يعلم ترامب ان اعادة تأهيل الأسد وإبقاؤه في الحكم أمر شبه مستحيل، ما سيضطره إلى تسويق حل مبني على نظام الأسد، من دون الأسد.


ولطالما حاولت إدارة أوباما، ومعها بوتين، تسويق النظام من دون رئيسه. ولطالما حاول أوباما، وبوتين في الخفاء، الاشارة إلى أركان في النظام، ممن لم تتلوث ايديهم بدماء السوريين، واعتبار أنه يمكن تسليم هؤلاء حكم سوريا في المرحلة الانتقالية، وربما المرحلة التي تليها.


ولأن أوباما يعرف أنه يمكن لأي توافق بين ترامب وبوتين أن يؤدي إلى تيسير الحل القاضي بإبقاء نظام الأسد، من دون شخص الرئيس السوري، ومن دون معارضيه، عمد أوباما إلى إدارج أسماء 17 من أبرز أركان النظام على اللائحة الاميركية السوداء، وهو ما يجعل من الصعب الاعتماد على أركان النظام من دون تسوية شاملة تتضمن المعارضة.


وبسبب المنشق عن الأمن في النظام المعروف بـ"قيصر"، والنشاط الذي قامت به المعارضة السورية في واشنطن لتقديم قيصر وصوره ومستنداته عن هول تعذيب المعتقلين في سجون الأسد حتى الموت، تدور في أروقة الكونغرس أسماء مسؤولين سوريين كثيرين متهمين باعتقال وتعذيب وقتل سوريين بما يرقى إلى جرائم ضد الانسانية. ويمكن أن يتحرك الكونغرس مستقبلاً في هذا الاتجاه، فيتضاعف عدد أركان نظام الأسد ممن ترد أسماؤهم على اللائحة الأميركية السوداء.


وإدراج أسماء مسؤولين في نظام الأسد على اللائحة الأميركية السوداء ليس مشكلة بحد ذاته، لكنه يجعل إمكان تعامل أي إدارة مقبلة مع هؤلاء أمراً معقداً، ويحتاج إلى وقت والتفافات قانونية متعددة لرفع أسمهم، وتالياً يجعل من أي تعامل أميركي، ودولي معهم، أمراً مكلفاً سياسياً لإدارة ترامب.


أوباما تألم للسوريين، ولكنه لم يقم بما يمكنه لوقف معاناتهم. بيد أنه ربما بسبب صحوة في ضميره، أو لمجرد النكاية الحزبية والسياسية ضد خلفه، رمى في أيامه الاخيرة في الحكم، بسلة من المعوقات التي ستجعل من الصعب على ترامب اللجوء إلى سيناريو الاستناد على نظام الأسد من دون المعارضة السورية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها