الإثنين 2016/07/25

آخر تحديث: 14:05 (بيروت)

خلاف البيشمركة والحشد يُعرقل التحضيرات لمعركة الموصل

الإثنين 2016/07/25
خلاف البيشمركة والحشد يُعرقل التحضيرات لمعركة الموصل
العامل الأبرز خلف إعلان وزير الدفاع العراقي هو الشد والجذب بين إيران وأميركا (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
رفضت الحكومة العراقية مشاركة بيشمركة إقليم كردستان في المعركة المزمعة لـ"تحرير" الموصل من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية"، ما من شأنه أن يقوّض جهود الإعداد للمعركة الأهم في سياق الحرب ضد "داعش" في البلاد.

ومهما تعددت دوافع ذلك الرفض، فإن المعطيات الميدانية تميل لغير صالح قوات الحكومة العراقية، فهي الأقل تواجداً في محيط مدينة الموصل. الأمر الذي لا يعطي الحكومة العراقية إمكان فرض خياراتها على الخطة المعدّة أميركياً.

وكانت الحكومة العراقية قد فجرت على لسان وزير دفاعها خالد العبيدي، مفاجأة غير متوقعة، بإعلانه من واشنطن، الجمعة، رفض حكومة بلاده اشراك قوات البيشمركة الكردية في معارك "تحرير" الموصل. وأشار العبيدي في مؤتمر صحافي عقده على هامش مؤتمر وزراء دفاع دول "التحالف الدولي"، إلى أن القوات العراقية ستكتفي بالتنسيق مع قوات البيشمركة، ولن تسمح لها بالدخول إلى مدينة الموصل. ولحق إعلان العبيدي، موقف أكثر تشدداً، لمليشيا "الحشد الشعبي" جاء بصيغة تحذير لحكومة إقليم كردستان العراق من تبعات إشراك قوات البيشمركة في معارك نينوى.

إعلان العبيدي بصفته الرسمية كوزير دفاع، أتى معاكساً لترتيبات المعركة، التي تُعد لها الولايات المتحدة الأميركية منذ شهور، والتي جعلت من الطرف الكردي عصباً محركاً "للمعركة الشاقّة، والتي يستوجب خوضها، عملاً حثيثاً بين جميع الأطراف المحلية والدولية، لتحقيق الانتصار"، بحسب التصريحات الأميركية.

ويُرجّح أن يكون العامل الأبرز خلف إعلان وزير الدفاع العراقي، الذي عُزز ودُعم من قبل مليشيا "الحشد الشعبي"، هو الشد والجذب بين إيران وأميركا، الذي طالما أثّر في سياق الحرب على "داعش" في العراق. وترى الأطراف الشيعية الموالية لإيران، وهي الفاعل الأساس في صياغة التوجهات الحكومية، أن في إشراك البيشمركة الكردية، تعزيزاً للنفوذ الكردي المدعوم أميركياً. وذلك على حساب الحكومة العراقية و"الحشد الشعبي" الذي تحرص الولايات المتحدة على عدم مشاركته في ما بات يُسمى صراحة في الأوساط السياسية العراقية بمعركة رسم خريطة النفوذ الدولي والإقليمي في العراق.

ومن المقرر أميركياً، وهو ما رسخته اتفاقية التعاون المشترك التي وقعتها الولايات المتحدة مؤخراً مع رئاسة إقليم كردستان، أن تشارك فرقتان عسكريتان من قوات البيشمركة، بقوام 50 ألف مقاتل بمهام قتالية موسعة في معركة "تحرير" الموصل على الجبهات الشرقية والشمالية والغربية، إلى جانب 30 ألف جندي من قوات الحكومة العراقية سينطلقون من منطقة القيارة التي تم "تحرير" قاعدتها الجوية مؤخراً، جنوبي الموصل. والقيارة هي النقطة الوحيدة التي تتواجد فيها قوات حكومية عراقية في محيط الموصل، فضلاً عن قوات محلية من متطوعين من أبناء محافظة نينوى في معسكري بعشيقة ومخمور، باشراف وتوجيه مباشر من قبل "التحالف الدولي". فيما لم يُبت بعد بامكانية مشاركة قوات أميركية على الأرض، بمهام قتالية مباشرة.

وحظيت معركة الموصل باهتمام دولي واسع، ما جعلها تتصدر جدول أعمال قمة وزراء دفاع دول "التحالف الدولي" في واشنطن. وظهر في القمة ميل عملياتي لتعزيز حجم المشاركة العسكرية الدولية في معركة الموصل. فأعلنت فرنسا نشر قطع مدفعية "في خدمة القوات العراقية" ما يعطي كل المجال للجزم بدولية المعركة، واقتصار دور الحكومة العراقية على التغطية السياسية والمشاركة الطرفية، كواحدة من أطراف متعددة تخوض حرباً على "الإرهاب" لا كطرف مقرر. وذلك يسحب من رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، إمكانية التأثير في مسار خطة المعركة والقوى المشاركة فيها، وكذلك إمكانية فرض اشراك مليشيا "الحشد الشعبي" تحت الضغط الإيراني.

وتُخفي مليشيا "الحشد الشعبي" والأطراف السياسية الحكومية التي تغطيها، معارضتها لاشراك البيشمركة في معركة الموصل تحت عنوان "الأطماع الكردية لضمّ الموصل". وهو تخوف طالما راود قطاعات وازنة من "العرب السنّة" الذين خبروا الميل الكردي لضم المدينة إلى إقليمهم الشمالي، منذ نيسان 2003، حين سيطرت قوات البيشمركة على المدينة ذات الأغلبية العربية السنّية بمساعدة من القوات الأميركية، وعيّنت محافظاً كردياً عليها. الأمر الذي فجّر وقتها خلافاً مجتمعياً وسياسياً واسعاً، أفضى إلى تلويح وجهاء وقيادات مجتمعية في المدينة بـ"المقاومة" ضد ما سموه "الاحتلال الكردي". وأعلن ذلك عبر المساجد، ليصار بعد ذلك إلى تسوية الأمر، بين أعضاء مجلس الحكم من الأكراد والعرب السنّة، عبر وساطة أميركية، ما أدى إلى انسحاب البيشمركة خارج المدينة، والاقرار بهويتها العربية.

وكانت قوات البيشمركة الكردية، على مدى سنة ونصف، قد استطاعت وبمساندة فعّالة من طيران "التحالف الدولي" انتزاع قرابة 13 منطقة بين بلدة وقرية صغيرة في مناطق سهل نينوى وسنجار وربيعة، ومن بينها بلدات ومدن ذات غالبية سكانية عربية، وأخرى مختلطة، يسكنها أكراد وعرب مسلمون ومسيحيون، بالإضافة إلى مناطق الأقلية الأيزيدية. وتنظر حكومة الإقليم للوحدات الإدارية المنتزعة، على أنها جزء من إقليم كردستان. الأمر الذي يعيد تفجير مخاوف واسعة، من استثمار حكومة الإقليم مشاركتها في معركة الموصل، لقضم أكبر مساحة من محافظة نينوى، وصولاً إلى بعض الأحياء الداخلية من مدينة الموصل. وتروّج جهات سياسية وثقافية كردية على أن تلك المناطق هي جزء من "كردستان" التاريخية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها