الأحد 2016/02/07

آخر تحديث: 16:33 (بيروت)

ديرالزور بين الحصار والتجنيد الإجباري

الأحد 2016/02/07
ديرالزور بين الحصار والتجنيد الإجباري
النظام اعتقل منذ 24 كانون الثاني، إلى 3 شباط/فبراير، أكثر من 200 مدني. (منظمة دير الزور 24)
increase حجم الخط decrease
تمكن تنظيم "الدولة الإسلامية" من التقدم على حساب قوات النظام في مدينة ديرالزور، مؤخراً، وسيطر على مواقع استراتيجية غربي المدينة. ما تسبب في ازدياد معاناة أكثر من 180 ألف مدني في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام والتي يحاصرها التنظيم منذ أكثر من عام. كما أدخل تقدم التنظيم قوات النظام في حالة ارتباك، فعملت على اعتقال المدنيين في مناطق سيطرتها، وإجبارهم على القتال في صفوفها، لتدارك النقص العددي بعد خسارتها للمئات من عناصرها في المعارك الأخيرة.

أسباب متعددة تقف وراء تردي الأوضاع المعيشية للمدنيين المحاصرين في حيي الجورة والقصور ومنطقة هرابش، وأهمها خسارة قوات النظام لحي البغلية الواقع غربي المدينة. وكان البغلية قبل سيطرة "الدولة" عليه أواخر كانون الثاني/يناير 2016، أحد شرايين الحياة للمناطق المحاصرة.

الناشط محمد الخضر قال لـ"المدن"، إن حي البغلية كان بمثابة معبر لتهريب المواد الغذائية من مناطق سيطرة "الدولة" إلى مناطق سيطرة النظام. وذلك بواسطة بعض التجار المتعاملين مع الطرفين، منذ أن فرض التنظيم حصاره على تلك الأحياء، قبل عام تقريباً.

وأضاف الخضر بأن البغلية هي المنطقة الوحيدة التي كانت تحت سيطرة قوات النظام، وتوجد فيها أراض زراعية تزوّد المناطق المحاصرة بالخضروات والفواكه والمشتقات الحيوانية. لكن الأمر توقف بعد سيطرة تنظيم "الدولة" على الحي واخلائه من سكانه، نتيجة القصف المكثف من الطيران الروسي ومدفعية قوات النظام، ما تسبب في فقدان الخضروات والألبان في الأحياء المحاصرة بشكل كلي.

خسارة قوات النظام لحي البغلية لم تكن السبب الوحيد في تدهور الوضع الإنساني في مناطق سيطرتها، فأجهزة النظام الأمنية تقاسم المدنيين الذين أنهكهم الجوع بعض الشحنات التي يقوم الطيران المروحي بإلقائها على الأحياء المحاصرة كمساعدات إنسانية. وبدل أن توزع على السكان المحاصرين الذين يتضورون جوعاً، تذهب المساعدات إلى مقرات الأجهزة الأمنية والدوائر الرسمية وتجار السوق السوداء.

قوات النظام ومنذ اندلاع المعارك مع تنظيم "الدولة" في مدينة ديرالزور، بدأت إلقاء المساعدات الإنسانية على الأحياء المحاصرة عن طريق المظلات، بعد خروج مطار ديرالزور من العمل نتيجة العمليات العسكرية في محيطه وقصف التنظيم لمدرجاته. وفي كانون الثاني/يناير، ألقت المروحيات 4 شحنات كبيرة على حي الجورة و"اللواء 137" ومنطقة طريق دمشق-ديرالزور، لتتمكن قوات النظام من جلبها ونقلها إلى مستودعات قصر المحافظة، على أن توزع بعدها للمدنيين.

لكن رؤساء الفروع الأمنية والمحافظ قاموا بتوزيع قسم من هذه المواد على عناصر قوات النظام ومليشيا "الدفاع الوطني" وبعض العائلات المقربة من الأجهزة الأمنية. ولم يتم توزيع شيء على المدنيين الذين لا يجدون ما يأكلونه، ويقتصر الطعام على الزعتر والماء بديلاً للزيت. أما القسم الأخر من المساعدات فتم بيعه لتجار محسوبين على النظام، والذين يعرضون بضائعهم في السوق السوداء، وبأسعار تتجاوز السعر بعشرة أضعاف. وذلك ليس بالجديد، فهي سياسة تتبعها قوات النظام منذ بدء الحصار، ولكنها زادت في الآونة الأخيرة، ليقف الأهالي عاجزين عن شراء احتياجاتهم. وكثير منهم باتوا بلا أعمال ولا نقود، وتدنى دخل الكثير إلى أقل من 100 دولار شهرياً ما لا يكفي لشراء كيلوغرام واحد من اللحم ومثله من السكر.

احدى ساكنات حي القصور الخاضع لقوات النظام أكدت لـ"المدن" أنها لم تستلم أي حصة من المساعدات التي تصل إلى ديرالزور رغم مراجعتها لدوائر التسجيل في مبنى المحافظة و"الهلال الأحمر العربي السوري" منذ بدء الحصار، بينما تستلم جارتها -زوجة أحد عناصر جهاز "أمن الدولة"- حصصاً غذائية بشكل دوري، فهم "أبناء البطة البيضاء ونحن أبناء البطة السوداء".

تنظيم "الدولة الإسلامية" سيطر أيضاً على نقاط عسكرية استراتيجية غربي المدينة، كان أهمها مستودعات "عياش" للذخيرة و"معسكر الصاعقة". وتمكن التنظيم من قتل أكثر من 225 عنصراً من قوات النظام، في المعارك المستمرة منذ منتصف كانون الثاني/يناير إلى الآن، ما شكّل خطراً كبيراً على تعداد قوات النظام، فلجأت إلى اعتقال المدنيين واجبارهم على التطوع في صفوفها، لتعويض النقص لديها، وصدّ هجوم التنظيم على المطار العسكري و"اللواء 137" وحيي الجورة والقصور.

حملات التجنيد ليست بالجديدة في مناطق سيطرة قوات النظام في ديرالزور، فقد بدأت منذ أكثر من سبعة شهور عن طريق دوريات الأجهزة الأمنية، بشكل حملات صغيرة غير مستمرة، طالت أعداداً قليلة من المدنيين، استثني منها موظفو الدوائر الحكومية وطلاب الجامعات والمعاهد.

لكن الأمر تطور مع هجوم تنظيم "الدولة" الأخير، وبدأت قوات النظام باعتقال المدنيين من الشوارع والطلاب من الجامعات. وشمل الأمر موظفي الدوائر الحكومية ومن يملكون أوراق تأجيل دراسي وحتى المعفيين من الخدمة الإلزامية.

الإعلامي عمر أبو ليلى، قال لـ"المدن"، إن النظام اعتقل منذ 24 كانون الثاني، إلى 3 شباط/فبراير، أكثر من 200 مدني. وأشار أبو ليلى إلى أن حملات التجنيد مستمرة، والنظام يقوم بنقل المعتقلين إلى مقراته في "اللواء 137" و"معسكر الطلائع" للخضوع إلى دورات تدريبة لا تتجاوز مدتها 10 أيام، من ثم يزج بالمدنيين على خطوط القتال الأولى مع التنظيم. وغالباً ما يكون مصير أولئك هو الموت لعدم امتلاكهم الخبرة الكافية، في القتال واستخدام السلاح.

من جانب آخر، يقوم تنظيم "الدولة" أيضاً بسحب المقاتلين الذين كانوا منتمين لفصائل الجيش الحر والكتائب الإسلامية سابقاً. ويقوم بأخضاعهم لدورات "استتابة" ويسوقهم إلى جبهات القتال، رغماً عنهم. وقام التنظيم منذ أيام بنقل مجموعات من هؤلاء المقاتلين من ريف ديرالزور الشرقي إلى جبهات القتال في حي البغلية ومطار ديرالزور العسكري.

التنظيم بدوره يعاني من نقص في الكوادر البشرية، نتيجة قلة المنتسبين إلى صفوفه من أبناء محافظة ديرالزور ذات الطبيعة العشائرية، وتشتت قوات التنظيم على جبهات القتال في سوريا والعراق.
 
     
  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها