"العمال الكردستاني" يسيطر على سنجار..وبرزاني يعلن تحريرها

مشرفاً على مدينة سنجار التي غابت عنها مظاهر الاحتفال، وأمامه علم كبير لإقليم كردستان كسا صوامع القمح، أعلن رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني، ظهر الجمعة، خلال مؤتمر صحافي، تحرير قضاء سنجار من يد تنظيم "الدولة الإسلامية".

بدا على برزاني الانزعاج، في المؤتمر الصحافي الذي لم يدم سوى 12 دقيقة، استراح خلاله للحظات مخفياً دموعه بعد شكره مساندة الولايات المتحدة الأميركية وقوات "التحالف الدولي" على دعمها لقوات "البيشمركة" في تحرير قضاء سنجار. برزاني أكد وفاءه بالوعد الذي قطعه للأيزيديين بتحرير سنجار من "داعش" وأن "البيشمركة" انتقمت لدماء الأكراد والأيزيديين. 

وفي رد على سؤال عن حقيقة مشاركة قوات برية بريطانية في عملية التحرير، نفى برزاني ذلك، مؤكداً أن سنجار تحررت فقط بيد قوات "البيشمركة" ولم تشارك قوة مشاة أخرى في عملية التحرير.

وختم برزاني المؤتمر الصحافي بالكشف عن أن المخطط القادم بعد تحرير المدينة سيكون السعي لجعل سنجار المحافظة السادسة لإقليم كردستان، بعد الاتفاق مع حكومة بغداد على تحويل القضاء إلى محافظة.

المؤتمر الذي لم يحضره سوى عدد محدود من الصحافيين جاء ليزيد من غموض عملية التحرير، إلا أنه حمل إشارات سياسية توضح ما أثير حول المدينة من خلاف بين الحزب "الديموقراطي الكردستاني" -التابع لبرزاني، وحزب "العمال الكردستاني" الذي تعسكر قواته في ناحية سنونو التابعة لقضاء سنجار.

بداية الغموض كانت مع الإعلان المبكر عن تحرير المدينة في عملية قدّرها المشرف على العملية من ثلاثة إلى عشرة أيام، ثم جاء الإعلان بعد عشرين ساعة فقط من بدء العملية التي سميت بـ"غضب طاووس ملك" (الطائر المقدس عند الإيزيديين).

وازداد الغموض مع البث المباشر لفضائية "روداو" الكردية التي تابعت سير المؤتمر، دون الدخول الى أحياء المدينة قبل أن يشير مراسل الفضائية إلى صعوبة الدخول إلى الأحياء بسبب الألغام.

"المدينة مليئة بالألغام ولا يمكن الدخول إليها"، أكد على ذلك أيضاً قائد الفصيل الأيزيدي في قوات "البيشمركة" في سنجار قاسم ششو، مضيفاً أنهم سيطالبون أن تكون سنجار محافظة تابعة لإقليم كردستان، رافضا أي سيناريو مغاير، مبرراً ذلك بأن إقليم كردستان هو القوة الوحيدة القادرة على حماية الأيزيديين والمحافظة على خصوصية سنجار.

ششو نفى لـ"المدن" مشاركة قوات كردية أو أجنبية أخرى في عملية التحرير، موضحاً بأن حصيلة الاشتباكات التي جرت بينهم وبين تنظيم "الدولة" كانت 30 قتيلاً من "داعش" مقابل 5 من "البيشمركة"؛ بينهم مقاتلان من قوات "بيشمركة روج آفا" وصلت رفاتهما إلى مدينة القامشلي السورية بعد ظهر الجمعة. الأمر الذي أكده لـ"المدن" عضو اللجنة المركزية للحزب "الديموقراطي الكردستاني" في سوريا، محمد سعدون، الذي أوضح بأن المقاتلين استهدفا من قبل قناصة مقاتلي التنظيم في اشتباكات بالقرب من قرية صولاخ الواقعة على سفوح جبل سنجار من جهة الشرق. سعدون أكد أن 3000 مقاتل من قوات "بيشمركة روج آفا" بينهم 120 مقاتلة شاركوا في عملية سنجار.

من جهة أخرى، معروف ان لحزب "العمال الكردستاني" طموحات في مدينة سنجار، وكان قد أعلن قبل سنة عن إقامة كانتونه الرابع في ناحية سنونو التابعة لسنجار. وأكد القيادي الأيزيدي قاسم ششو، بأنهم لن يسمحوا لـ"العمال الكردستاني" باغتصاب إرادة الأيزيديين وتحويل معابدهم في جبل سنجار إلى معسكرات لقوات "العمال الكردستاني". 

ومن جهة أخرى، نشرت قوات حزب "العمال الكردستاني" بياناً لوسائل الإعلام، أعلنت فيه تحرير مدينة سنجار بمشاركة قواتهم وقوات "وحدات حماية الشعب" و"وحدات حماية المرأة". وتوافق ذلك مع بيان "الإتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة جلال طالباني، الذي أكد على مشاركة قوات "العمال الكردستاني" وقوات حزب "الاتحاد الديموقراطي" في عملية التحرير.

الغموض في تحرير سنجار، تكشف بعد لقاء تلفزيوني لفضائية "روج آفا" التابعة لـ"العمال الكردستاني" بث من وسط مدينة شنكال، مع قائد مقاتلي حزب "العمال الكردستاني" دمهات عكيد، أكد فيه أن قواته شاركت في عملية السيطرة على سنجار، مضيفا بأن قواتهم مع قوة نسائية من قوات "وحدات حماية المرأة" هي فقط المتمركزة في المدينة. وأشار عكيد إلى أن الرايات المرفوعة على المباني الحيوية في المدينة مقتصرة على الأعلام التي تمثل القوتين.

وأشار عكيد إلى أن السبب في تأخير السيطرة على مدينة سنجار، يعود إلى الصراع بين حزبي "الديموقراطي الكردستاني" و"العمال الكردستاني"، داعياً إلى حل هذه الأمور بالطرق السياسية.

من جهته، دخل حزب "الاتحاد الديموقراطي" ساحة الصراع لصالح "العمال الكردستاني" لكونه جناحه العسكري في سوريا، ودعا الأيزيديين عبر بيان نشر في وسائل الإعلام، إلى إعلان "الإدارة الذاتية" الخاصة بهم. 

ويعتبر مراقبون أن المؤتمر الصحافي لرئيس إقليم كردستان، لم يتجاوز الفوائد الإعلامية الشخصية لمسعود برزاني، وحزبه "الديموقراطي الكردستاني" التي أراد منها تشريع بقائه لفترة رئاسية إضافية، فيما أن سيطرة مقاتلي حزب "العمال الكردستاني" على المدينة تشير إلى أن "التحالف الدولي" يعتمد بصورة أساسية في حربه ضد تنظيم "الدولة" على قوات مقربة من الحلف الإيراني-الروسي.

وفي السياق، أعلنت "قوات سوريا الديموقراطية" في بيان رسمي، عن تحرير بلدة الهول في ريف الحسكة السورية، من تنظيم "الدولة". إعلان جاء بعد ساعات من الإعلان عن تحرير سنجار. ونفى الناطق الرسمي لـ"قوات سوريا الديموقراطية" العقيد طلال سلو، وجود علاقة في تزامن تحرير المنطقتين. 

وأوضح سلو لـ"المدن" بأن سيطرتهم على بلدة الهول جاء بعد قطع طريق الامداد عن مقاتلي "داعش" من الأراضي العراقية، مؤكداً إن جثث مقاتلي التنظيم تملأ شوارع البلدة، وتمكنهم من أسر 3 مقاتلين من التنظيم، في حين رفض الكشف عن خسائر قواته خلال عملية التحرير. 

وأكد سلو بأن حملتهم مستمرة لتحرير كافة الريف الجنوبي لمدينة الحسكة، مضيفاً بأن الخطوة التالية ستكون باتجاه مدينة الشدادي، أحد معاقل تنظيم "الدولة".