الإثنين 2024/05/06

آخر تحديث: 13:26 (بيروت)

صالتا "حوّاء" و"كورسال" ونزهة غير مرخصة

الإثنين 2024/05/06
صالتا "حوّاء" و"كورسال" ونزهة غير مرخصة
increase حجم الخط decrease
عن قصد ونكاية وسوء نيّة، مررتُ في حيّ بربور متفقدًا صالتي سينما، من دور العرض الثاني، كنت قد اعتدتُ التردّد إليهما مطلع السبعينات، "حوّاء" و"كورسال".

تعمّد أصحاب الصالة الأولى تسميتها "حوّاء" بعثًا للطمأنينة في نفوس نساء الحيّ وتأكيدًا على أنها مخصصة "لهن" وليس "لهم" فحسب. وعلى الرغم من أن الخرافة ربطت اسم حوّاء بإرث الخطيئة ويقظة الأحاسيس النائمة، فعلت التسمية فعلها في تشجيع الإناث على ارتياد الصالة، وأضاف أصحاب الصالة حافزًا شجع العائلات المحافظة على الإقبال، وذلك باختيار الأفلام المصرية ركيزة العروض، مما خفّف حدة المنافسة مع الصالة المجاورة، كورسال، التي مالت أكثر إلى عرض الأفلام الغربية.

أمتار قليلة فصلت الصالتين، عاشتا معًا وجادت كلاهما بروحها في الحرب. جرت محاولة يتيمة لإحياء "كورسال" عندما فتحها الحزب الشيوعي اللبناني، العام 1984، ودعا يعقوب الشدراوي إلى استخدامها للتمرين على مسرحيته المعدة خصيصًا لذكرى تأسيس الحزب، وكان عنوانها "نزهة ريفية غير مرخص بها".

وعلى نحو هذه المحاولة، ومن دون أثر لمنجل الحزب الشيوعي وقَدّومه، قمت بنزهتي غير المرخصة في حي بربور، أو تحديدًا في الضاحية الجنوبية لحي بربور.

تحولت سينما "حوّاء" إلى مقهى، وباتت جارتها "كورسال" مصبغة للألبسة الجلدية. بقيت من شواهدهما لافتتان أكلهما الصدأ، حافظت إحداهما على اسم حوّاء، فيما تكنّت الأخرى بشهرة مالكها من آل شور (ليمتد).

لم أتوقع من نزهتي غير ما رأيته، ولم أنوِ سوى تفقّد الصالتين. استفقاد السينما رحمة، في كل حال.

(*) مدونة نشرها السينمائي محمد سويد في فايسبوك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها