السبت 2025/05/03

آخر تحديث: 13:03 (بيروت)

مبادئ بديهية ولكن أساسية في تغطية الانتخابات

السبت 2025/05/03
مبادئ بديهية ولكن أساسية في تغطية الانتخابات
لتغطية الانتخابات العديد من المحظورات أهمها عدم الانحياز أو الترويج لطرف ضد آخر (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
كما بات معروفاً، تجري الانتخابات البلدية والاختيارية هذا العام من دون إشراف ورقابة "هيئة الاشراف على الانتخابات". وتبذل وزارة الداخلية والبلديات جهداً لتعويض غياب الهيئة. فألزمت وسائل الاعلام الراغبة بتغطية الانتخابات توقيعَ مدونة سلوك تتضمن بعضا من مواد القانون، وأصدرت تعاميماً وقرارات تنظيمية محدودة لتغطية ثغرة كبيرة، وهي تطبيق إجراءات وتدابير منصوص عنها في فصلين كاملين من قانون الانتخاب تُعنى بالانفاق والإعلام الانتخابي، كانت "الهيئة" بالكاد تستطيع التصدّي لها ولكنها لم تحقق نجاحاً يذكر.

تنافس حر بين المرشحين
ماذا ينتظرنا إذن في ظل عدم وجود الضوابط القانونية على الانفاق وعلى الاعلام غير الفوضى والتجاوزات على القانون وعلى المبادئ والقواعد البديهية (وهي أساسية) لعمل وسائل الاعلام والعاملين فيها داخل وخارج الاستوديو وغرفة التحرير؟

للتذكير هذه الضوابط إنما وضعَت أولا لضمان فرصة تنافس حرٍّ وعادل بين المرشحين، وثانيًا للحدّ من تفشي وانتشار خطاب الكراهية أو التحريض على العنف أو بث الشائعات والأخبار الكاذبة، بغية التأثير غير الشريف على الجمهور لحضّه على الانتخاب في هذا الاتجاه أو ذاك..

من هذه التدابير التي تخصّ الإعلام "الصمت الانتخابي" المفترَض أن يبدأ في اليوم الذي يسبق يوم الاقتراع ويستمرّ لغاية إقفال الصناديق. ويعني التوقّف الكامل عن الحملات والتصريحات والمهرجانات الانتخابية والبرامج الاعلامية والدعايات التي تروّج لمرشحين. الهدف منه إتاحة فرصة أخيرة أمام الناخبين لاختيار مَن يرونه الأصلح والأنسب لتبوؤ مسؤولية القيام ببلدتهم أو مدينتهم بعيدًا من الضغوط المعنوية والمادية والاعلامية المنهمرة فوق رؤوسهم. 

من الضوابط أيضاً إلزام وسائل الاعلام تأمين العدالة والتوازن والحياد في المعاملة بين المرشحين وبين اللوائح في برامجها وفي نشراتها الإخبارية، إلى موادٍ أخرى في القانون من شأنها إذا ما تمالالتزام بها الانتقال بالعملية الديمقراطية إلى مستويات تلامس الطموحات. ولكن مَن سيلتزم بها ومَن سيراقب ذلك؟ 

ليس لوسائل الاعلام والعاملين فيها التذرّع بعدم وجود "هيئة إشراف" للتهرّب من هذه الضوابط. وهي في معظمها قواعد أساسية بديهية لأي عمل إعلامي مهني محترف تدّعي الوسيلة الإعلامية احترامه والتقيّد به، وعلى أساسها (إلى جانب غيرها من القواعد) نالت أصلا رخصة مباشرة عملها عند إطلاقها. هل مَن يتذكّر ذلك؟ المجلس الوطني للإعلام شبه معطّل ومستقيل من وظيفته التي لم يمارسها يوماً أصلا كما يجب. ووزراء الاعلام، بانتظار إقرار قانون جديد موعود للإعلام، يبدو أنهم مهتمّون  لظهوراتهم في هذه القنوات الخاصة أكثر من حضّها على العودة إلى أصول المهنة وحِرَفيتها وغاياتها الأساسية وليس التجارية. وقد أصبح بعضها يروّج علناً ودائماً لأصحابها أو رؤسائها ويعد ذلك خرقاً فاضحاً لقانون الترخيص ولأبجدية عمل وسائل الإعلام في الدول الديمقراطية.

تغطية الصحافي
ولكن بعيداً من سياسة الوسيلة الاعلامية وسلوكها الانتخابي الذي يطغى عليه غالباً عامل التربّح المادي غير المشروع من الاستحقاق، أي كل ما لا يدخل في الدعاية المباشرة المدفوعة بحسب تعرفة واحدة معمّمة على الجميع ومشار إليها بوضوح، لا بأس من تذكير الصحفيين الشباب من ذوي الخبرة المتواضعة في الانتخابات ببعض الإرشادات لمساعدتهم على إتمام عملهم على الوجه الأمثل. فبالإضافة إلى المبادئ والقواعد التي يلتزم بها طوعيًا ومهنيّا أي صحفي محترف (الدقة والموضوعية، عدم التحيّز، التغطية الشاملة والمتوازنة، المسؤولية الأخلاقية، التحليل المعمق واستقصاء المعلومات) فيما يلي بعض الخطوات العملية:

1. الاستعداد المسبق:

  • التعرّف على القوانين واللوائح الانتخابية المحلية، بما في ذلك حقوق الصحفيين في مراقبة مراكز الاقتراع.
  • الحصول على الأذونات اللازمة من وزارة الداخلية والبلديات لدخول وتغطية مراكز وأقلام الاقتراع.
  • إعداد قائمة بمراكز الاقتراع التي سيتم تغطيتها، مع تحديد المواقع الأكثر أهمية.
  • التأكد من تجهيز جميع المعدات اللازمة، مثل الكاميرات، أجهزة التسجيل، وأجهزة الاتصال.
  • تنسيق المهام مع فريق العمل، لتوزيع الأدوار والمسؤوليات.

2. تغطية مراكز الاقتراع:

  • ينبغي الوصول إلى مراكز الاقتراع قبل فتحها عند الساعة السابعة صباحاً لمراقبة عملية الإعداد.
  • مراقبة سير العملية بما في ذلك تدفق الناخبين، والتأكد من هويتهم، سرية التصويت، وجود مراقبين من اللوائح والمرشحين، وأي مخالفات أو مشاكل تواجه الناخبين.
  • توثيق أي مخالفات أو مشاكل مثل تأخر فتح المراكز، وجود حملات انتخابية داخل المراكز، محاولات تزوير أو تلاعب، منع الناخبين من التصويت.
  • إجراء مقابلات مع الناخبين للحصول على آرائهم حول العملية الانتخابية.
  • إجراء مقابلات مع مسؤولي مراكز الاقتراع للحصول على معلومات حول سير العملية.
  • التقاط الصور ومقاطع الفيديو لتوثيق سير العملية الانتخابية وأي مخالفات.

3. مراقبة عملية الفرز:

  • التواجد في مراكز الفرز لمراقبة عملية عد الأصوات.
  • مراقبة مدى شفافية عملية الفرز، والتأكد من اتباع الإجراءات القانونية.
  • توثيق النتائج المعلنة في مراكز الفرز.
  • مقابلة مسؤولي الفرز للحصول على معلومات حول عملية العد.
  • التحقق من النتائج المعلنة من مصادر متعددة.

4. الالتزام بالمعايير المهنية:

  • الحياد والموضوعية وتجنب إظهار أي تحيز.
  • التأكد من دقة المعلومات التي تنشر، وتجنُّب نشر الشائعات أو الأخبار الكاذبة.
  • احترام خصوصية الناخبين، وتجنب نشر أي معلومات شخصية.
  • التعاون مع المراقبين لتبادل المعلومات وتنسيق الجهود.
  • الالتزام بالقوانين والقواعد الانتخابية، وتجنُّب أي سلوك قد يعيق سير العملية الانتخابية.

5. استخدام الوسائط المتعددة:

  • استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات والصور ومقاطع الفيديو بشكل فوري.
  • إعداد تقارير متعمقة حول سير العملية الانتخابية وأي مخالفات.
  • استخدام الرسوم البيانية لتوضيح البيانات والإحصائيات المتعلقة بالنتائج.
  • القيام بالبث المباشر من مراكز الاقتراع ومراكز الفرز لنقل الأحداث بشكل فوري.

6. السلامة والأمان:

  • الحفاظ على سلامة المعدات، وتجنُّب تركها دون رقابة.
  • الدراية بالوضع الأمني في المنطقة، وتجنب المناطق الخطرة.
  • المحافظة على التواصل المستمر مع فريق العمل ورؤساء التحرير.

باتباع هذه الإرشادات، يمكن للصحفيين تقديم تغطية شاملة ودقيقة لمراكز الاقتراع ومراقبة العملية الانتخابية، مما يساهم في تعزيز نزاهة الانتخابات وحماية حقوق الناخبين.

المحظورات
هناك العديد من المحظورات التي يجب على الصحفي المحترف تجنبها لضمان نزاهة عمله والحفاظ على مصداقيته وثقة الجمهور. تشمل هذه المحظورات ما يلي:

1. قبول الهدايا أو المنافع من مصادر الأخبار أو الأطراف واللوائح التي يغطيها، خاصة تلك التي قد تؤثر على استقلاليته وحياده، المشاركة في أنشطة انتخابية قد تشوه صورته كمراقب محايد، ويحظر تغطية مصالح شخصية إذا كان هناك تضارب واضح في المصالح.

2. يحظر نشر معلومات شخصية عن المرشحين دون موافقتهم، خاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة ولا تتعلق بالشأن العام، وينبغي تجنب نشر أي معلومات كاذبة أو مؤذية تهدف إلى تشويه سمعة مرشحين أو أحزاب.

3. يحظر استخدام لغة تحرض على الكراهية أو العنف أو التعصب ضد أي مرشح أو لائحة ويجب تجنب نشر صور نمطية سلبية تروج للتمييز أو التحيز.

4. يحظر على الصحفي نسخ أو استخدام عمل صحفي آخر دون الإشارة إلى المصدر الأصلي، ويجب عليه عرض آراء الآخرين بأمانة ودقة وعدم نسبها إلى نفسه.

5. يحظر على الصحفي تغيير الحقائق أو تحريفها بقصد التأثير على الرأي العام أو خدمة أجندة معينة، ويجب عليه عدم إخفاء معلومات هامة ضرورية لفهم السياق الكامل للحدث، كما يحظر تزييف أي وثائق أو صور أو تسجيلات صوتية أو مرئية.

6. يحظر على الصحفي قبول أي رشاوى أو إغراءات مالية أو غير مالية مقابل نشر أو حجب معلومات، و يجب عليه مقاومة أي محاولات للرقابة غير المبررة التي تهدف إلى تقييد حريته في نقل المعلومات.

7. يجب على الصحفي احترام رغبة المصادر في عدم الكشف عن هويتها والحفاظ على سرية المعلومات التي يقدمونها بشرط السرية.

8. في سياق تغطية الانتخابات بشكل خاص، تشمل المحظورات: تقديم تغطية منحازة أو ترويجية لطرف معين بشكل مقنَّع على أنها خبر موضوعي، القيام بأي عمل إعلامي في يوم الاقتراع قد يعتبر توجيهًا أو ضغطًا على الناخبين، ويجب تجنب نشر نتائج أولية غير رسمية أو توقعات غير مسؤولة قد تؤثر على سير العملية الانتخابية أو تضلل الجمهور.

باختصار، تغطية الانتخابات تتطلب دقة، موضوعية، شمولية، تحليلًا معمقًا، واستخدامًا فعالًا لوسائل الإعلام المختلفة، بالإضافة إلى الالتزام بالمسؤولية الأخلاقية والمعايير لضمان تقديم معلومات موثوقة ومفيدة للجمهور وتمكينه من اتخاذ قرارات مستنيرة أو من معرفة الحقائق كما هي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها