الأربعاء 2025/05/28

آخر تحديث: 17:00 (بيروت)

افتتاح مركز الأحداث المخالفين للقانون والحجار: لمساعدتهم على الاندماج

الأربعاء 2025/05/28
افتتاح مركز الأحداث المخالفين للقانون والحجار: لمساعدتهم على الاندماج
عشرات الغرف خصصت لتأهيل الأحداث وتعليمهم ومساعدتهم لإعادة دمجهم في المجتمع لاحقًا. (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

إن كان الانطباع السائد عن السجون اللبنانية أنها شديدة السوء نتيجة الإهمال والتهميش والاكتظاظ، فإن هذا الانطباع يترسخ أكثر لدى القاصرين من الموقوفين الذين لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة عامًا. هذا الملف، الذي لا يزال موضع جدل اجتماعي وتربوي وأخلاقي، وعرضة للتجاذبات السياسية والتحامل المجتمعي، بات يُناقَش مباشرةً في محاولة لإيجاد حلول مستدامة.
وبهدف تصحيح الواقع، تأتي خطوة قوى الأمن الداخلي، التي افتتحت اليوم مركز تأهيل الأحداث المخالفين للقانون – يوم الأربعاء، 28 أيار، في منطقة الوروار – بحضور وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبد الله، ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة ساندرا دو وول، بمثابة كُوّةٍ في جدار هذه الأزمة.

يتألّف مبنى مركز التأهيل من ثلاثة طوابق، وقد جُهِّزت غرفه لاستقبال أكثر من 93 سجيناً من القاصرين، الذين سيُنقلون من سجن رومية إلى مركز الوروار خلال أيام قليلة، ليُصار إلى الاعتناء بهم ومتابعة حالتهم النفسية والصحية عبر اختصاصيين ومعالجين، بالإضافة إلى تقديم حصص لمحو الأمية وتعليمهم بعض المهن.
وبعد سبع سنوات من التجهيز بدعم من الاتحاد الأوروبي، بات المركز جاهزًا لاستقبال القاصرين، ومن الممكن أن يتّسع لنحو 120 نزيلًا.

مساعدة الطفل وبناء شخصيته
هي أولى الخطوات في مسار العدالة الإصلاحية في لبنان، انطلاقًا من اعتبار أن مخالفة أي طفل للقانون تُعدّ مرآةً لخلل ما في النظام الاجتماعي، والتربوي، والاقتصادي، والأسري، وهو خلل يتطلب المعالجة، بحسب المدير العام لوزارة العدل، القاضي محمد المصري، ممثّل وزير العدل عادل نصار، الذي وصف هذا المركز بأنه نقطة انطلاق لإعادة بناء شخصية الطفل وإعادة دمجه بشكل إيجابي في المجتمع. وأضاف: "إن العدالة الحقيقية تكمُن في تأمين بيئة مناسبة لحماية الأطفال من الانزلاق، ومن أشكال العنف كافة، على أن يكون من واجب الدولة اللبنانية، بمؤسساتها، معالجة الأسباب أيضًا، للحدّ من العنف".

مركز تأهيلي
لهذا المركز خصوصية تميّزه عن أي مركز آخر، فقد كان في السابق معهدًا تدريبيًا لقوى الأمن الداخلي، وتحوّل اليوم إلى مركز تأهيليّ للأحداث المخالفين للقانون.
لذلك، اعتبر وزير الداخلية أحمد الحجار أن "التسميات قد تغيّرت، لكن الهدف واحد، وهو بناء الإنسان وبناء مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا"، مضيفًا: "نؤمن بأن كل حدث يستحق فرصة ثانية، ومسؤوليتنا كدولة ومجتمع تكمن في توفير البيئة التي تتيح له إعادة البناء، لا العقاب. وهذا المركز يُعدّ ترجمة عملية لهذا الإيمان، من خلال برامجه التأهيلية وأنشطته التربوية".

وأوضح الحجار، في حديث خاص لـ"المدن"، أن هذا المركز صُمِّم بصورة مميزة بهدف تأهيل ورعاية الأحداث في لبنان، ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع، وذلك عبر فريق عمل تلقّى تدريبات خاصة للتعامل مع القاصرين.

وأعرب عن أمله في أن يُعمَّم هذا النموذج على جميع السجون اللبنانية، مشيرًا إلى أن مشكلة الاكتظاظ لا تزال قائمة، ويتم العمل على معالجتها بالتعاون مع وزارة العدل، من خلال تسريع المحاكمات، وتطبيق الإجراءات البديلة للتوقيف، إضافة إلى طرح أفكار تتعلق بتوسعة السجون وغيرها من الحلول الممكنة.

وبما  يتعلق بقضية السجناء السوريين، قال الحجار "هذا الملف قيد المتابعة، خصوصًا بعد عودة رئيس الحكومة نواف سلام، ويتم تجهيز النصوص القانونية اللازمة عبر وزارة العدل للتواصل مع الدولة السورية مرة جديدة".

خطوة أولى في مسار الاصلاح
في المبنى المخصّص للأحداث في سجن رومية، يوجد أكثر من 120 سجينًا تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا، وهم ملاحقون بجرائم متعددة، ولا سيما جرائم السرقة والمخدرات. ووفق معلومات "المدن"، فإن عددًا كبيرًا من هؤلاء القاصرين لم يُحاكَموا بعد، ويُعمل حاليًا على تسريع المحاكمات بهدف التخفيف من الاكتظاظ داخل السجون.

ولطالما كان مطلب العديد من القضاة هو متابعة قضايا الأحداث بشكل خاص ومنفصل عن باقي السجناء في مبنى رومية، وذلك بهدف تأمين بيئة صحية لهم، ومساعدتهم على التعافي والاندماج لاحقًا في المجتمع.

"تحقق الحلم بعد طول انتظار." بهذه العبارة وصفت القاضية المنفردة الجزائية في بعبدا، جويل أبو حيدر، الناظرة في قضايا جنح الأحداث، خطوة افتتاح هذا المركز في حديثها مع "المدن"، قائلةً إنه تم التعاون والتواصل مع القضاة في هذا الشأن، وجُهّز المركز بمعايير دولية تضمن حقوق الأطفال وتؤمن لهم البيئة المناسبة على الصعيدين النفسي والجسدي.
ففي هذا المبنى هناك أماكن للعب، والزراعة، والتأمل، ويمكننا القول اليوم إن الطفل بات في أمان داخل هذا المركز.
وتشرح أبو حيدر وجود آلية محددة لتعاطي القضاء اللبناني مع القاصرين، فهم من الفئات الضعيفة والهشة التي تتطلب رعاية خاصة، وهناك مجموعة من التدابير التي يمكن للقاضي اتخاذها بحق القاصر في حال مخالفته القانون، عوضًا عن توقيفه وسجنه وحرمانه من الحرية، ومنها: "اللوم، الحرية مع المراقبة، المعهد الإصلاحي..."، وهي تختلف وفقًا للجرائم التي قد يرتكبها كل قاصر، لافتةً إلى أن الغاية الأساسية هي مساعدته على التعافي من الجرم الذي ارتكبه، وليس الهدف معاقبته فقط.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها