هذه الأحداث، إضافة إلى إقالة محافظ الشمال رمزي نهرا جعلت الأنظار تتجه إلى محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر. فقد مرت الانتخابات البلدية الأحد الفائت بأقل الخسائر الممكنة بعد تدخل وزارة الداخلية في الساعات الأخيرة التي سبقت عملية الاقتراع. تدّخل أتى في وقته. فمن دونه كانت الانتخابات ستشهد فوضى عارمة تؤدي إلى فشل وزارة الداخلية. وقد حال هذا التدخل إلى عدم مضي المحافظ خضر بمخالفات من شأنها تهديد نزاهة الانتخابات.
مخالفات المحافظ خضر
تفيد مصادر مطّلعة لـ"المدن" أنّ المحافظ خضر أبلغ في اجتماع رسمي في وزارة الداخلية، الوزير أحمد الحجار عدم قدرته على ضبط الأمن في المحافظة بحجة أنّ الحزب يسيطر على الأرض وأنه يصعب ضبط العشائر من أي تفلت أمني وإطلاق الرصاص وتخريب الانتخابات. رفض وزير الداخلية هذا الأمر وطلب منه عدم تكرار هكذا كلام مرة ثانية، وطلب منه الاستعداد للانتخابات على قاعدة أن الدولة والقانون فوق الجميع.
رغم تحذيرات وزير الداخلية شهدت الانتخابات البلدية الأخيرة مخالفات كثيرة وصارخة. في الهرمل تم إلقاء القبض على القائمقام طلال قطايا على مرحلتين بتهمة اخفاء دفاتر تصاريح المندوبين وتجاوزات أخرى قبل وأثناء الانتخاب وهو لا يزال موقوفًا رهن التحقيق. وثمة أمور غير واضحة سيكشفها التحقيق حول دور المحافظ خضر.
ثمة مخالفات كثيرة حصلت قبل الانتخابات وخلال يوم الاقتراع تجري التحقيقات حولها. ففي بعلبك اختفت تصاريح المندوبين العائدة للائحة "بعلبك مدينتي" قبل القاء القبض علي الفاعل بطريقة مسرحية. وفي بلدة الفاكهة وُضِع قلم انتخاب المسلمين في مكان الوصول إليه غير متاح إلا بطريقة تعجيزية. فقد وضع في زاروب ضيق يستحيل استيعابه لسيارتين. ورغم كل المناشدات والاتصالات لتبديل المركز، لم يتحرك المحافظ خضر. وفي بلدة عرسال تم تقسيم مراكز الاقتراع بطريقة انتقامية. فحتى صباح يوم السبت كانت عدد مراكز الاقتراع اثنين، تمّ فجأة زيادتها إلى أربعة. فوُضِع قلم إناث الشمالي في أبعد نقطة جغرافية عن قلم الذكور شمالي، فيما مراكز الاقتراع في الحي الجنوبي جرى تقسيمها ودمجها بطريقة غريبة عجيبة، ففي قلم الذكور صناديق للإناث، والعكس صحيح.
انتقادات لخضر في المنطقة
تُقاس كفاءة المسؤول من عدمها بمدى قربه من هموم الناس، بتفاعله مع الأزمات التي تتهدّد حياة المواطن، وبحثه عن الحلول لمشاكلهم لا سيما محافظة بعلبك الهرمل المهملة. وترزح هذه المنطقة النائية تحت الحرمان المزمن والتّفلت الأمني. والبنية التحتية مهترئة بينما التنمية الفعلية تختفي. هذا فيما يتباهى سعادة المحافظ بحضوره الدائم على وسائل التواصل. لكنه غائب تمامًا عن الواقع. فهل تكفي الصورة والبروباغندا لتغطية العجز الإداري؟ وأين هو المحافظ بشير خضر من كل ذلك؟
بحسب مصدر في سراي بعلبك، لا يحضر المحافظ إلى مكتبه سوى يوم أو يومين أسبوعيا، لا يرى المواطن منه أيِّ مواقف حازمة إزاء التسيّب الأمني الذي يُحَوّل حياة الناس إلى جحيم، ولا إجراءات جادة تحاكي حجم الفوضى التي تتفاقم يومًا بعد يوم. فقط بيانات وتصريحات إعلامية لا تغني ولا تسمن، فيما الناس متروكة لقدرها، بين عصابات الخطف والتشليح، والجرائم اليومية أخرها في بلدة يونين بسبب الانتخابات الاختيارية.
مركز المحافظ بحسب الكثيرين من أبناء البقاع الشمالي، ليس جائزة ترضية للمظاهر والوجاهة، بل مسؤولية تفرض على صاحبها التحرك والعمل لخدمة المواطن، لا الجلوس في المكاتب المكيفة بينما تنهار مقومات الدولة. وثمة انتقادات كثيرة للمحافظ في منطقة البقاع من الأهالي، تماماً كما كان يحصل في الشمال مع المحافظ رمزي نهرا. وينقل عن أن هناك شبهات كثيرة تحوم حول البلديات المنحلّة، في البقاع الشمالي، لا سيما حورتعلا، اليمونة، الفاكهة وعرسال، ودور المحافط خضر فيها. وتشير مصادر كثيرة من هذه القرى إلى علامات استفهام كثيرة حول "تبخر" الأموال في صناديقها، بينها أخبار تتعلق بالمساعدات إبّان الحرب، وفواتير جرف الثلوج في عرسال علماً أنه طوال الشتاء لم تتراكم الثلوج بشكل يستدعي استعمال الجرّافات، كذلك صندوق بلدية الفاكهة بحسب رئيسها السابق نصري محي الدين تبخّرت أمواله عند انحلال البلدية وقبل حدوث الأزمة الاقتصادية عام 2018.
إلى ذلك أثيرت تساؤلات كثيرة حول أداء محافظ بعلبك-الهرمل، فيما يتعلق بإدارة ملف اللجوء السوري. فهو لطالما استثمر اطلالاته الاعلامية في التحريض عليهم، فيما قراراته كانت تهدف للاستفادة المالية منهم قدر الإمكان، خصوصاً في القرى والبلدات السنية. فقد كانت فواتير نفايات السوريين تُجبى من مخيمات اللجوء في عرسال بفواتير جانبية يستلمها رجل المحافظ، بحسب مصادر بلدية عرسال، وهو لطالما تعامل مع الملف شعبويًا، ووصف اكثر من مرة اللجوء السوري بالاحتلال، ورفع شعاره الشهير "لن نقبل أن نكون ضيوفًا في وطننا".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها