الإثنين 2025/04/28

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

إسرائيل تستهدف "خيمة" في الضاحية: كابوس الحرب يحلّ مجدداً

الإثنين 2025/04/28
إسرائيل تستهدف "خيمة" في الضاحية: كابوس الحرب يحلّ مجدداً
وهناك من قرّر مغادرة المنطقة بشكل دائم بسبب استمرار القضف الإسرائيليّ (getty)
increase حجم الخط decrease
"هذه خيمةٌ لتوزيع المساعدات.. ليست مخزنًا للصواريخ"، تقول سيدة وهي تُنظّف بقايا الزجاج المُحطَّم على شرفتها بمكنسةٍ صغيرة، وتُردّد: "الحزب يقدّم مساعدات شهرية لنا، هذه الخيمة خالية من الصواريخ، هذه أخبار كاذبة لإلحاق الأذى بنا".

على بُعد أمتارٍ قليلة، يتجمع شبّان أمام المستودع الحديديّ الذي أغار عليه الطيران الإسرائيليّ  بثلاثة صواريخ، ما أدّى إلى تدميره وتسبّب بتضرّر عدد من المباني والسيارات.
يتأمّلون الألواح الحديدية التي تطايرت عشرات الأمتار بسبب عصف الانفجار، ويتململون من استمرار القصف الإسرائيليّ للمنطقة، لتُصبح المباني مباحة أمام إسرائيل لتدميرها في الوقت الذي يحلو لها.

أمام المستودع "الهنغار" المُستهدف في منطقة الجاموس، يقف بعض سكان الأحياء المُجاورة من باب الفضول. يتأمّلون الدمار الذي أُلحق بالمنطقة هذه تحديدًا، والتي تعرّضت منذ أسابيع قليلة لغارات إسرائيليّة مشابهة، وباتت ملامحها مشوّهة.
يقتربون من بعضهم ويردّدون أن "خيمة نصر مُخصّصة لتقديم المساعدات لسكان الضاحية الجنوبيّة، وأن الحريق الذي ظهر في الصور لحظة الاستهداف كان ناتجًا عن اشتعال مادة البلاستيك، إضافةً إلى الملابس والنايلون وغيرها، ولا صحة لما يزعمه العدو الإسرائيليّ عن وجود صواريخ مخزّنة داخل هذه الخيمة".

تعدد الآراء
ساعات قليلة على الاستهداف، حتى عجت الأحياء السكنيّة بالسيارات والدراجات الناريّة. عاد الأهالي إلى منازلهم التي أخلوها عند الخامسة عصرًا بسبب تهديدات أدرعي.

تسكن السيدة علا بالقرب من المكان المُستهدف. تقول لـ"المدن": "كنت أجهز الطعام للعائلة، فاتصلت بي شقيقتي تطلب مني مغادرة المنطقة سريعًا. توجهنا نحو منطقة البيال في بيروت، لعب أطفالي قليلًا، وعدنا إلى المنزل بعد انتهاء القصف. هذه المنطقة استُهدفت مرات عديدة، وفي كل مرة نحاول ترميم وتصليح ما تَدمّر. عانينا كثيرًا، ولا قدرة لنا على النزوح مرة أخرى...".

وبالقرب منها، تصرخ امرأة غاضبة أمام المتجمهرين في المنطقة: "نحن متعبون، الدولة اللبنانيّة لا تكترث بنا، والدبلوماسية لا تنفع مع إسرائيل". عبارات متشابهة إلى حدٍّ كبير تكرّرت على ألسنة عشرات السكان. منهم من اعتبر أن "الدولة اللبنانيّة لا تكترث للجنوبيين ولأهالي الضاحية الجنوبيّة، وأن ما تقوم به ليس كافيًا لحمايتهم، وأن سلاح الحزب هو الحل الوحيد..."، ومنهم من يرى أن هناك "مؤامرة على طائفة كاملة ويجب أخذ الحذر من كل كلمة تقال".
آخرون رفضوا الدخول في هذا النقاش السياسيّ العقيم، والتزموا الصمت، وكانت ملامح الاستياء واضحة على وجوههم. صعدوا إلى منازلهم، جمعوا أغراضهم الضرورية داخل حقيبة صغيرة، وغادروا المنطقة.
تختلف الآراء بين السكان، لكن وحده الخراب يغمر هذه المنطقة، التي لم تلتقط أنفاسها بعد من الغارات العنيفة التي استهدفتها في الأشهر الماضية.

فوضى ورصاص طائش
لحظات بعد نشر أدرعي عبارة "إنذار عاجل ومهم بعد قليل إلى سكان الضاحية الجنوبيّة"، حتى حلّت الفوضى في المنطقة. استعاد السكان المشاهد الكابوسيّة من الحرب الأخيرة. تغيّرت المنطقة سريعًا، زحمة سير خانقة، وصراخ في الشارع لضرورة الإخلاء.

حملت العائلات ما تيسّر أمامها من لوازم ضروريّة وغادرت. رُكنت عشرات السيارات بالقرب من منطقتي الحازمية وبعبدا، وتوجه البعض منهم نحو الكورنيش البحريّ.
تقول السيدة أماني لـ"المدن" إنها جهّزت مسبقًا حقيبة صغيرة بداخلها الأوراق الثبوتيّة، وشهادات أولادها المدرسية، وبعض الثياب. دقائق قليلة بعد نشر التهديد، حتى توجهت نحو حرش بيروت، ومن ثم عادت إلى منزلها.
وبالقرب منها، تمشي سيدة أخرى بخطوات سريعة، متوجّهةً نحو منزلها لتوضيب أغراضها والمغادرة، وتقول: "يبدو أن هذا الواقع المقيت سيستمر طويلًا، الأفضل أن أترك هذه المنطقة وأبتعد...".

دمار هائل
المباني المجاورة للموقع المُستهدف لم تعد صالحة للسكن، وهي أساسًا كانت بحاجة إلى ترميم، نتيجة الدمار الذي لحق بها جرّاء الاستهدافات المتكرّرة للمنطقة نفسها. يحيط بالهنغار عشرات المباني السكنيّة، جزء منها احترق بالكامل، ولا قدرة للسكان على العودة إليه، والقسم الآخر تضرّر بشكل كبير، وتحطّم الزجاج، وتضرّرت أعمدة المباني، وباتت بحاجة إلى ترميم جديد.

وفي المكان المستهدف، لم يتبقَّ أي شيءٍ؛ فالألواح الحديدية تطايرت على كل المباني المجاورة، حتى إنها وصلت إلى أسطح المباني، وعلِق بعضُها على أعمدة الكهرباء.
لا شهداء ولا إصابات، إذ أُخليت المنطقة بالكامل، فيما تجمّع عشرات الشبّان على دراجات نارية بالقرب من المكان المستهدف لتوثيق لحظة إطلاق الصواريخ.
وهناك عدّة إصابات جرّاء الرصاص الطائش، وحالة الهلع التي سيطرت على سكان المنطقة، بحسب أقوال أحد سكّانها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها