وكان لافتًا إصرار النائب علي حسن خليل على التدقيق، في وقتٍ يرفض فيه هذا البند نواب سياديون يتحدثون ليلًا نهارًا عن دولة القانون والمؤسسات.
فالتدقيق في الموازنات المدرسية، عملاً بمبدأ الشفافية والحوكمة، يُعدّ من أساسيات الإصلاح في هذا القطاع، بهدف رفع الظلم عن كاهل العائلات اللبنانية المُرغَمة على دفع أقساط مدرسية عشوائية، في وقتٍ تتهرّب فيه المدارس الخاصة من التدقيق لإخفاء أرباحها.
رضخ الجميع في نهاية المطاف، وأُدخِل على التعديل بند جديد، أصبحت بموجبه المدارس ملزمة بعرض الموازنة على خبير محاسبة مُحلَّف، للتدقيق في التصريح عن الرواتب التي سيُقتطَع منها نسبة 6 بالمئة لصندوق التعويضات.
تعديلات طالبت بها المدارس
في ما يتعلق بالتعديلات التي طالت القانون رقم 2، والتي أصرّ عليها أصحاب المدارس الخاصة، أقرّ مجلس النواب إلغاء البند المتعلق بالمفعول الرجعي. أي أن المدارس لم تعد ملزمة بالتصريح عن العام الدراسي الحالي، بل يبدأ تنفيذ القانون في تشرين الأول المقبل.
كما شمل التعديل خفض نسبة المساهمة التي تدفعها المدارس عن رواتب المعلمين للصندوق، من 8 إلى 6 بالمئة، مع الإبقاء على البند المتعلق بالتصريح عن الرواتب بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي. وهذا يعني إدخال جميع المستحقات (الراتب والتعويضات التي تدفعها المدرسة بالدولار تحت بند "مساعدة اجتماعية") ضمن الموازنة المدرسية.
وانتصرت المدارس أيضًا في تعديل البند المتعلق بالأساتذة المتعاقدين، إذ جرى إعفاؤها من التصريح عن هؤلاء للصندوق، باعتبار أن تعويضاتهم تُدفع من صندوق المدرسة وليس من صندوق التعويضات. غير أن التعديلات لم تشمل بند براءة الذمة المالية. إذ كانت المدارس الخاصة قد أصرت طوال السنتين الماضيتين على رفض القانون رقم 2، لأنه يُلزمها بتقديم براءة ذمة مالية من صندوق التعويضات، تثبت أنها سدّدت المستحقات كافة. لكن لم يتم إلغاء هذا البند، لأن شطبه يعني عمليًا إلغاء القانون برمّته، خصوصًا أن مشكلة صندوق التعويضات تكمن في امتناع غالبية المدارس عن التصريح عن هيئاتها التعليمية. وبند براءة الذمة يُلزمها بذلك، تحت طائلة وقف جميع معاملاتها لدى وزارة التربية.
التشجيع على التعاقد الوظيفي
حول التعديل الذي طال الأساتذة المتعاقدين، أكد نقيب المعلمين، نعمة محفوظ، لـ"المدن" أنه تحفظ على هذا البند، مستغربًا رفض التصريح عن المتعاقدين، لأن هؤلاء يدفعون للصندوق منذ العام 1990. ولفت إلى أن المشكلة تكمن في أن المتعاقد يدفع للضمان الاجتماعي من دون أن يستفيد منه، بينما يمكنه استرداد تعويضه من صندوق التعويضات.
واعتبر أن التعديلات التي جرى التوافق عليها مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة كانت "أفضل الممكن" من أجل تغذية صندوق التعويضات، في ظل تمنّع المدارس عن الدفع وعن تنفيذ القانون السابق. إذ سيتمكن الصندوق من دفع معاشات لائقة للأساتذة المتقاعدين، الذين أفنوا حياتهم في التعليم ويعيشون أوضاعًا اجتماعية مأساوية منذ سنوات، بسبب تراجع قيمة رواتبهم إلى ما دون 30 دولارًا.
انتصرت المدارس الخاصة على الأساتذة المتعاقدين بعدم التصريح عنهم للصندوق، رغم أن أكثر من نصف الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة تتكوّن من أساتذة متعاقدين. ويُضاف إلى ذلك أن أهالي الطلاب، عند دفعهم الأقساط المدرسية، يسددون ضمنًا تعويضات الأساتذة. وعدم التصريح عن المتعاقدين يفتح الباب أمام تلاعب المدارس في الميزانيات، من خلال تسجيل ساعات تعليمية غير موجودة فعليًا في البرنامج، بهدف تضخيم الأقساط.
كما أن هذا التعديل يسمح للمدارس بمواصلة التعاقد مع الأساتذة لعشرات السنوات من دون إدخالهم في الملاك بعد مرور سنتين، كما ينص قانون تنظيم الهيئة التعليمية. وتفضّل المدارس هذا النموذج من التعاقد، لأنه يتيح لها فسخ العقود من دون دفع التعويضات القانونية، ما يدفع الأستاذ إلى اللجوء إلى المحاكم المدنية، حيث تستمر المحاكمات لسنوات قد تتجاوز الخمس.
وبهذا المعنى، أتى تعديل القانون رقم 2 ليخدم مصلحة المدارس، ويشجّعها على التوسع في التعاقد الوظيفي لتخفيف الأعباء وزيادة الأرباح، وهو ما وافق عليه النواب رغم تداعياته السلبية، وأبرزها غياب الاستقرار والأمان الوظيفي لغالبية أعضاء الهيئة التعليمية.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها