الثلاثاء 2025/04/22

آخر تحديث: 15:10 (بيروت)

مريم نجدي أول مرشحة للمخترة في مرجعيون

الثلاثاء 2025/04/22
مريم نجدي أول مرشحة للمخترة في مرجعيون
منصب المختار منذ عقود حكرًا على الرجال بحكم الأعراف والتقاليد لا القانون (المدن)
increase حجم الخط decrease
في الجنوب، حيث العادات والتقاليد متجذرة والأدوار موزّعة بين الرجال والنساء، تجرّأت امرأة على قلب الطاولة، لتكتب اسمها على ورقة ترشح لـ"المخترة" المكرسة منذ عقود "للرجال حصراً ".

مريم نجدي، المعلّمة التي أمضت 33 عامًا في تعليم اللغة العربية في بيروت، عادت اليوم إلى حولا، البلدة التي تربطها بها وشائج حب وتعلق وانتماء، لا لتقف على الحياد، بل لتضع نفسها على خط المواجهة في قلب القرار المحلي، مرشّحة لمنصب مختار. تقول لـ"المدن": "قررت الترشح بعد ما جرى في الضيعة جراء الحرب، فقد آن الأوان لحدوث نقلة نوعية، ولنُسمع صوت المرأة في الجنوب". تتحدث بثقة امرأة تعرف تمامًا حجم المسؤوليات التي تتحمّلها النساء في القرى، وتؤمن بأن دورهن لا يكتمل إلا إذا تُرجم إلى تمثيل فعلي للمرأة في مراكز القرار.

فتح أبواب موصدة
مريم لا تخرج عن السياق، بل تضيف إليه. لا تأتي من هامش الضيعة، بل من قلبها. ومن داخل البيت الجنوبي بكل تقاليده ومفاهيمه عن "ستّ البيت" لتغييره. تُطلق ترشيحها كخطوة أولى نحو مشاركة أوسع للنساء في صنع القرار، وفي منطقة لم يسبق أن اعتلت أي امرأة منصب مختار. لا في حولا، ولا في قضاء مرجعيون. فـ"المخترة" ظلّت حكرًا على الرجال، بحكم العرف، لا بحكم القانون أو الكفاءة.

في عام 2004، ترشّحت نهي ياسين لمنصب رئيسة بلدية في حولا، وخسرت أمام لائحة مدعومة من حركة أمل وحزب الله. ومنذ ذلك الوقت، لم تجرؤ امرأة على كسر هذا النمط من العادات في احتكار الرجال في حولا مناصب الحكم المحلي، أي المجالس البلدية والاختيارية. أما اليوم فقد جاء ترشّح مريم نجدي، كمحاولة جديدة لفتح هذا الباب المغلق، لا بشعارات كبيرة، بل بخبرة طويلة وحنين حقيقي لبلدة تربّت فيها، وعلّمت أبناءها.

لكن تجربتها في حولا دونها معوقات. فهي متزوجة إلى حولا ومن مواليد جارتها عديسة. فهل تشعر بأي حرج أو ستلقى قبولاً من قريتها الثانية؟ تعلق نجدي في هذا المجال: " أنا من مواليد عديسة، لكني ابنة حولا بالتجربة والانتماء. عندي حنين كبير لحولا، وأريد أن أردّ لها الجميل، خصوصاً بعد أن سمح لي القانون بالترشح".

هذه الخطوة ليست عاطفية فحسب، بل تحمل في طيّاتها رؤية واضحة لدور النساء في الشأن العام، ودعوة إلى كسر الصورة النمطية عن المرأة الجنوبية، المحصورة غالبًا في أدوار الدعم والمساندة.

هذا الترشح لا يصدر عن لحظة عاطفية، بل عن قناعة بأن النساء في القرى لا يمكن أن يبقين على الهامش. تقول نجدي: "ما جرى مؤخرًا في الضيعة دفع الناس إلى الرغبة في التغيير. النساء شجّعنني كثيرًا، وأود أن أقول لهن: نحن قادرات".

وتحرص نجدي على التأكيد أنها لا تخوض هذا الاستحقاق من موقع حزبي، بل كمواطنة مستقلّة مدعومة من بيئتها: "أنا لست تابعة لأحد. هناك دعم من المواطنين، من المنتمين إلى الحزب الشيوعي، ومن حركة أمل. لكنني مرشّحة من نبض الناس".

تشجيع النساء للترشح
مريم نجدي لا تترشّح لتكون صورة رمزية. فهي لا تقدّم نفسها كضحية، ولا تسعى لتُصوَّر كبطلة، بل تطرح نفسها كامرأة ناضجة، صاحبة تجربة تربوية طويلة، ومسؤوليات عائلية، وإيمان عميق بأن "التضحيات التي تقدّمها النساء في الجنوب، ولا سيما في حولا، كثيرة، ويجب أن يكون لهن صوت ورأي. لا أريد للمرأة الجنوبية أن تبقى مقموعة".

من موقعها كأم، ومعلّمة، ومواطنة، تحمل مريم مشروعها بلغة صادقة وواضحة، وتقول: "أريد أن أشجّع النساء على الانخراط في المجتمع".

قد تكون انتخابات البلدية والاختيارية في حولا هذا العام محطة عابرة، وقد تكون بداية لمسارٍ أوسع لإحداث خرقٍ لتصحيح مسارٍ طالما استبعد النساء عن مواقع القرار في السلطة المحلية. وإذا وصلت إلى منصب المختارة، فستحمل معها ليس فقط صوت النساء، بل همومهن اليومية في التعامل مع الإدارات الرسمية، حيث يُرهق المواطن العادي بطوابير المعاملات والوجوه العابسة، فكيف إذا كانت امرأة؟ امرأة تطلب توقيعًا، أو تطالب بحق، أو تفتح ملفًا على طاولة يغلب عليها الطابع الذكوري؟ أن تكون "مختارة" لا يعني فقط أن تضع ختمًا على ورقة، بل أن تفتح بابًا كان موصَدًا بوجه كثيرات، فقط لأن لا أحد اعتاد رؤيتهن في هذا الموقع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها