لم تعر المدارس الخاصة أي اعتبار للعهد الجديد والحكومة الإصلاحية الحالية، التي يفترض بها، تكريس مبدأ دولة المؤسسات والقانون. بل ما زالت المدارس تتعامل مع أهالي الطلاب على جري عادتها في عهد الوزير السابق عباس الحلبي، بلا حسيب أو رقيب في مد اليد على جيوب أهالي الطلاب. ولا تعير وزناً لإمكانية تحرك الوزيرة ريما كرامي لوقف المهزلة المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات. هذا ما يستشف من البلاغات التي تلقاها الأهالي في بعض المدارس عن الزيادات المزمعة على الأقساط. ووفق أولياء أمور تواصلوا مع "المدن" تتراوح الزيادة على الأقساط للعام المقبل في هذه المدارس بين سبعمئة وألفي دولار! والحجة أن الحكومة نشرت القانون المتعلق بتغذية صندوق التعويضات للهيئة التعليمية في الجريدة الرسمية، ما ينعكس على الموازنة المدرسية.
مفاوضات لتعديل القانون
رغم أن هذا القانون ما زال غير منفّذ، وهناك محاولات لتعديله بما يخدم مصلحة المدارس، لم تتوان الأخيرة عن إبلاغ الأهل بالزيادات المستحدثة. وقد جرت العادة في السنوات السابقة بأن تبدأ هذه المدارس الكبيرة بتمرير رسائل للأهل عن الزيادات على الأقساط، ثم تكر السبحة في كل لبنان، وتسلك كل المدارس الخاصة هذا الطريق، من دون أي رادع من وزارة التربية.
لكن، بما يتعلق بقانون صندوق التعويضات، رفض اتحاد أصحاب المؤسسات التربوية الخاصة تطبيق القانون (يفرض على المدرسة دفع نسبة 8 بالمئة بالدولار وبالليرة اللبنانية عن رواتب وأجور المعلمين في الملاك والمتعاقدين للصندوق). ويعقد "الاتحاد" اجتماعات مع نقابة المعلمين في المدارس الخاصة ولجنة التربية النيابية للتوافق على إجراء تعديلات على القانون. ومن الضمن التعديلات التي يصر عليها أصحاب المدارس إلغاء براءة الذمة المالية، وتخفيض نسبة المحسومات لصالح "الصندوق" إلى 6 بالمئة (عوضاً عن 8 بالمئة)، وعدم التصريح عن الأساتذة المتعاقدين، وعدم التصريح عن المبالغ بالدولار، كما أكدت مصادر "المدن". لكن بما أن التعديلات المطلوبة تنسف القانون، ثمة رفض لها من نقيب المعلمين نعمة محفوظ ومن بعض نواب لجنة التربية. إذ تشير المصادر إلى أن ما يمكن القبول به هو الموافقة على تخفيض النسبة إلى 6 بالمئة، وتأجيل تطبيق القانون إلى تشرين الأول المقبل. لكن لا تراجع عن إلزام المدرسة ببراءة الذمة المالية وبالتصريح عن المبالغ بالدولار.
أهالي الطلاب سيمتنعون عن الدفع
في الأثناء استغلت المدارس نشر القانون في الجريدة الرسمية وسارعت إلى إبلاغ الأهالي بالزيادة على الأقساط. وقد وصلت العديد من الشكاوى إلى اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة. وتؤكد رئيسة الاتحاد لما الطويل لـ"المدن" أن أهالي الطلاب لن يقبلوا بدفع الأقساط في حال مضت هذه المدارس بتعسفها، وأقدمت باقي المدارس على اللحاق بها، كما جرت العادة.
وشرحت الطويل أن دائرة المحاسبة في "الاتحاد" وضعت دراسة حول تطبيق قانون صندوق التعويضات، الذي لم ينفذ بعد. وبحسب الدراسة تبين أن دفع المدرسة نسبة 8 بالمئة على الرواتب والأجور لا ينعكس على الموازنة المدرسية إلا بشكل عرضي، يمكن تعويضها بزيادة نحو 25 دولاراً على القسط المدرسي لكل تلميذ. لكن المدارس تريد زيادة الأقساط بنسبة تزيد عن 20 بالمئة، بمعزل عن تنفيذ القانون من عدمه. بل استغلت الظرف لرفع الأقساط كما لو أنها تريد استعادة أموالها (أرباح من الأقساط) المحتجزة في المصارف من جيوب الأهل.
وأضافت الطويل أن أهالي الطلاب لن يدفعوا أي قسط مدرسي في حال لم تقدّم المدرسة قطع حساب السنة الماضية، وموازنة مدرسية مدققة من خبر محاسبة محلف، وعلى وزارة التربية التحرك لوقف المهزلة. وقالت الطويل: "أدعو الوزيرة ريما كرامي، التي وقّعت معنا قبل تشكيل الحكومة كتاباً حول حقوق الطلاب في لبنان، إلى تحمل مسؤوليتها، لأن ما يتعرّض له الطلاب لا يمكن وصفه إلا أنه خرق فاضح لحقوقهم".
ودعت الطويل الوزيرة كرامي إلى الإسراع في تشكيل اللجان التحكيمية التربوية، وتمثيل الأهل فيها من خلال لجان الأهل الرسمية والمرخصة، وليس من لجان أهل معلبة من إدارات مدارس. وطالبت كرامي إلزام المدارس الخاصة بتسجيل كل مبلغ يستوفى من الأهل ضمن القسط المدرسي، وادخاله في الموازنة المدرسية، كما ينص القانون. وتكليف شركة تدقيق محاسبة مستقلة للكشف على الميزانيات المدرسية في مصلحة التعليم الخاص، كما سبق وفعل الوزير طارق المجذوب. هذا فضلاً عن وضع دارسة، كما ينص القانون، لتحديد الحد الأدنى والأقصى لأي زيادة تريد المدرسة فرضها على القسط.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها