كبش فداء في "الحقوق 1" وتوسُّط لمنع التحقيق في "الآداب 3"

وليد حسينالثلاثاء 2025/11/04
كلية الآداب.jpg
وصلت التسجيلات الصادرة عن كلية الآداب إلى أحد الأجهزة الأمنية لكنه منع من التدخل (عامر عثمان)
حجم الخط
مشاركة عبر

أتت دعاوي المدّعي العام في قضية التزوير والتلاعب بعلامات طلاب أجانب ولبنانيين في كليّة الحقوق الفرع الأول مخيّبة للآمال. كأن يداً خفية تدخّلت في اللحظات الأخيرة لوقف التحقيقات ولملمة الموضوع، تحت ذريعة "سمعة ومصداقية" الجامعة. 

 

من دون علم أبو دية!

وفق المعلومات جرى الادعاء على 16 شخصاً من أساتذة وموظّفين وطلاب، ثلاثة منهم ما زالوا موقوفين رهن التحقيق. لكنّ المستغرب في القضية أنه جرى الادعاء على طالب كويتي واحد، وآخر لبناني ما زال موقوفاً، هذا فضلاً عن الادعاء على المحلّل السياسي فادي أبو دية، الذي خرج من القضية بذريعة أنه لم يطلب من مدير الفرع الأول مجتبى مرتضى تغيير علامات مسابقاته بغية إنجاحه؛ بل أقدم المدير على رفع علاماته في المسابقات التي رسب بها من دون علمه. 

 

ووفق المعلومات جرى الادعاء على طالبين، إضافة إلى مدير الفرع مرتضى، بتهمة تنظيم دورة بطريقة احتيالية. والمقصود بالأمر الدورة التي نظّمها الفرع لإعداد الطلاب للتقدّم لمعهد الدروس القضائية، التي سبق ولفتت إليها "المدن". لكن هذا الادعاء أتى من خارج سياق القضية-الفضيحة التي طالت الفرع بتزوير علامات وتواقيع وتلاعب بمسابقات. فالدورة لم تنظّم بطريقة احتيالية؛ بل كانت علانية، سواء لناحية التنظيم أو لناحية جمع رسوم تسجيل من المشاركين. وعوضاً عن مواصلة التحقيق في الفرع ليطال مدراء سابقين والذهاب إلى الفرع الثالث في الشمال، حيث تسجّل الطلاب الكويتيون في مرحلة الليسانس، لمعرفة كيف جرت الامتحانات وما هي التسهيلات التي تلقوها، انتهت القضية بالادعاء على طالب كويتي واحد، على رغم أن بيان أمن الدولة سبق أن أشار إلى أن التحقيقات كشفت التلاعب والتزوير للعديد من الطلاب الأجانب واللبنانيين.     

 

لفلفة قضية مجلة الكلية

وتضيف المصادر أنّ من ورّط مرتضى بقضية الكويتيين لم يُدَّعى عليه، على الرغم من أنه كان صلة الوصل مع الخارج. وجرى التحقيق معه سابقاً، لكن خرج من القضية مثل "الشعرة من العجين"، مع أنه هو من دبّر السفر إلى الخارج ومن تلقّى الحوالات المالية. 

 

واللافت في القضية، أن القضاء لم يدّعِ على عميد الكلية، سواء لناحية تشكيل لجان مناقشات الماجستير (كلها تعود لثلاثة أساتذة بعينهم) ولا لناحية آلية النشر في مجلة الكلية. هذا بالرغم من أن العميد بذل جهوداً كبيرة لاستقدام  الطلاب الأجانب وتسجيلهم، وأقنع المدراء بأهمية الموضوع لما فيه من فائدة للجامعة. وجرى إقناعهم بأن أحد أهم مؤشرات التصنيف للجامعات يقوم على التبادل الدولي للطلاب والسمعة الدولية. 

 

قضية النشر في مجلة الكلية التي تصدر إلكترونياً بقيت طيّ الكتمان. جلّ ما حصل، وفق معلومات "المدن" استدعاء أحد الأساتذة المسؤولين عن المجلة إلى التحقيق، وقد خرج من دون أي ادعاء في هذا الملف. وعلى الرغم من أن المجلة تتلقى دعماً كويتياً رسمياً، والنشر فيها مرتبط عضوياً بالطلاب الأجانب واللبنانيين، لنشر بحثين كشرط للتخرج في مرحلة الدكتوراه، لم يتم التوسع بالتحقيقات لمعرفة مدى تورط أساتذة وموظفين في نشر الأبحاث لتخريج الطلاب. 

 

تهديد ووعيد في كلية الآداب

في انتظار صدور القرار الظني في القضية، اقتصر الأمر في مرحلة الادعاء العام على "كبش فداء" تمثل في توقيف مدير الفرع مجتبى مرتضى، على الرغم من أنه الحلقة الأضعف في هذه القضية. ويشاع بين أساتذة الفرع أن حركة أمل تخلت عنه ككبش فداء لعدم فتح ملفات سابقة في الفرع. أما قضية التحقيق في الفرع الثالث حيث تسجل الطلاب في مرحلة الليسانس، قبل الانتقال إلى بيروت وانفضاح قضية تزوير علاماتهم، فتركت للتحقيق الداخلي الذي يجريه رئيس الجامعة بسام بدران. 

 

وتشير مصادر متابعة إلى أن مصير التحقيق في الحقوق الفرع الثالث لن يختلف عن التحقيق الذي وعد به في كلية الآداب الفرع الثالث، الذي سبق وكشفت عنه "المدن".  

 

ووفق تسجيلات حصلت عليها "المدن"، تبين أن مديرة الفرع جمعت الطلاب وراحت تهدّدهم لعدم نشر أيّة معلومات عما حصل معهم وعدم التواصل مع الإعلام لعرض قضية تخرجهم قبل صدور نتائج الامتحانات. وقد حاولت المديرة أمام الطلاب التقليل من شأن ما حصل في الكلية، معتبرةً أن تغيير علامات لإنجاح طلاب من دون إذن بتشكيل لجان مداولات أو جمع أموال من الطلاب لمعرفة نتيجتهم مجرد "أخطاء" عادية تحصل كل لحظة. 

 

 وحصلت "المدن" على تسجيل آخر بين الطالبة التي جمعت الأموال لرسوم التخرج، التي استخدمتها كوسيلة ابتزاز للطلاب لمعرفة نتيجتهم عبر التواصل مع الإدارة، وطالبة أخرى تحتج على تعرضها للنصب والاحتيال، مع زملاء لها. وقالت الطالبة بلغة متعجرفة إنّها لا تتحمل أيّة مسؤولية في ما يتعلق بدفع الرسوم؛ بل المسؤولية تقع على عاتق الطالب الذي أراد معرفة نتيجته. 

 

ووفق معلومات "المدن" وصلت هذه التسجيلات إلى أحد الأجهزة الأمنية. لكن لم يصدر أي قرار للدخول على الخط والبدء بتحقيق في الفرع. فقد تبيّن أن رئيس الجامعة توسّط لدى مرجعية رسمية رفيعة لعدم تدخل الأجهزة الأمنية. والذريعة أن الأمر ينعكس سمعة سيئة على الجامعة، في مرحلة هي بصدد الحصول على تصنيفات، واعداً بأن يحقق في الأمر داخلياً. 

 

رد وتوضيح 

بعد نشر المقال رد المدير المسؤول في المجلة والأستاذ في الفرع الأول لكلية الحقيق عصام إسماعيل موضحاً: "مجلة الحقوق والعلوم السياسية هي مجلة محكمّة أنشئت في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في العام 2014 وهي تصدر ورقياً والكترونياً ولا تتقاضى أي بدل مالي من الباحثين بل على العكس فإن نظام المجلة كان قد رصد تسديد تعويض بقيمة  300.000 ل.ل. للباحث إلا أنه بسبب تعذّر تأمين موازنة لها حال دون دفع التعويضات للباحثين وهم يستحقون الأكثر، وهذه المجلة لا تقبل إلا المقالات المتصفة بالشروط العلمية وبعد خضوعها لتحكيم من قبل أفرادٍ من الهيئة التعليمية تطوّعوا بالمجان لهذه المهمة. ونادراً ما يتمّ قبول نشر أبحاث لطلبة إلا إذا كان البحث مستوفٍ للشروط العلمية ولهذا كانت معظم أبحاث الطلبة مرفوضة خلافاً لما يروّج له. وقد تقدّمت المجلة بترشيح رسمي لتصنيفها مجلة علمية عالمية لدى (Web of Sciences) وهو أهم مواقع التصنيف العالمية، وكذلك فإن هذه المجلة قد نجحت في تحقيق معايير اعتماد معامل آرسيف (ARCIF) لعام 2025، وقد نالت الدرجة العالمية من خلال اعتمادها من كبريات الجامعة العربية على أنها مجلة موثوقة لنشر أبحاث الأساتذة لنيل الترقيات العلمية. ويتولى حالياً طباعتها الورقية تحالف معاً لبناء شراكات مجتمعية المؤلف من نقابة تكنولوجيا التربية، المجلس العربي اللبناني، شبكة التحول الحوكمة الرقمية. إن هذه المجلة هي إحدى جواهر الجامعة اللبنانية التي ستبقى في الطليعة ومتقدمة في مجال البحث العلمي في القانون والسياسة، فاقتضى التوضيح".

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث