كرة القدم في سوريا: صراع بين العلم والجهل المقنع

أُبي شقيرالأربعاء 2025/10/29
كرة قدم بين فريقي سوريا والامارات
خطة شاملة لتطوير الكرة السورية بمبلغ أولي قدره 200 مليون دولار (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

تعيش الرياضة سورية منذ ما يزيد عن شهر حالة من الصراع والإنقسام على خلفية التحضير لانتخابات اتحاد كرة القدم، وسط أجواء مشحونة بالجدل والترقب، وذلك منذ انعقاد الجمعية العمومية الشهر الماضي (وتحديداً يوم الاثنين الماضي) والتي كانت مخصصة لتعديل النظام الأساسي، حيث قررت إلغاء شرط الشهادة العلمية للمرشح إلى منصب رئيس الاتحاد.  ومع إغلاق باب الترشح الإثنين الماضي(20 تشرين الثاني الحالي) تتخلل أجواء الانتخابات اتهامات بالتدخل والضغوط، بالإضافة إلى انسحابات متتالية أدت إلى تغيير خريطة المنافسة، وعلى الرغم من تعدد الأسماء المرشحة في البداية، انحصرت المنافسة بين قائمتي جمال الشريف وفراس تيت بعد انسحاب فراس الخطيب وأحمد بيطار ونبيل الشحمة، وذلك في ظل نظام انتخابي جديد يعتمد على القوائم بدلًا من الترشح الفردي لأول مرة في تاريخ الرياضة السورية، وتأتي هذه الانتخابات في وقت تعيش فيه كرة القدم السورية مرحلة من الهشاشة والانقسام، مع وجود اتهامات بتضارب المصالح وتراجع الكفاءات، مما يجعل هذا الاستحقاق اختباراً حقيقياً لقدرة الاتحاد القادم على إنقاذ اللعبة وإعادتها إلى مسارها الصحيح.

 

انسحابات في آخر لحظة

المرشح فراس الخطيب أعلن في تصريح سابق لوسائل الإعلام المحلية ، بأن قائمته انسحبت من المنافسة بعد انسحاب مجموعة من الأصوات المؤيدة لها، وأوضح أن حوالي 15 صوتاً تم سحبها من قائمته بتوجيهات من وزير الرياضة والشباب محمد سامح الحامض وبالتنسيق مع رئيس لجنة النزاهة والأخلاق فراس المصطفى بهدف منعه من نيل التزكية ودخول الانتخابات رسمياً، وأضاف الخطيب أنه كان أول من قدم أوراق ترشحه بشكل رسمي، مؤكداً امتلاكه أدلة على وجود تلاعب في الأصوات والانسحابات لصالح قائمة معينة وأنه سيقدم هذه الأدلة للجهات المختصة.

من جهته، أعلن المرشح أحمد بيطار انسحابه من سباق انتخابات رئاسة الاتحاد السوري لكرة القدم مبرراً  ذلك بعدم حصول قائمته على أصوات التزكية التي تخوله الاستمرار في الانتخابات وذكر بيطار عبر صفحته الشخصية أن أحد المرشحين سيطر على العدد الأكبر من الأصوات (55 صوتًا) بطريقة وصفها بـ "غير أخلاقية ولا شرعية".

وكان بيطار قد أعلن عن خطة شاملة لتطوير الكرة السورية بمبلغ أولي قدره 200 مليون دولار، مخصصة لدعم المشاريع التالية، إضافة لتطوير البنية التحتية وتعشيب الملاعب في جميع المحافظات وفق معايير "FIFA"، وإنشاء أكاديمية وطنية لكرة القدم في العاصمة دمشق بمواصفات عالمية، وتركيب تقنية "VAR" في ملعبين رئيسين و"VAR" متنقل في المرحلة الأولى ورفع جوائز الدوري الممتاز إلى 200,000 دولار أمريكي ورفع جوائز بقية الدوريات وتأمين عقود رعاية من شركات عالمية لجميع الأندية، وتحديث دوري كرة القدم النسائية ودعمه ليصبح دورياً  متكاملاً، وإرسال بعثات لتطوير المدربين وتسهيل مشاركتهم في الدورات العليا على نفقة الاتحاد، ورفع أجور الحكام بما يتناسب مع دول الجوار ومدّهم بجميع المستلزمات الحديثة وتأمين جميع التسهيلات لجميع المنتخبات من تنقل كريم وإقامة كريمة وميزانية خاصة لتسهيل مشاركة اللاعبين المغتربين.

أما بالنسبة لقائمة نبيل الشحمة، فلم تحقق العدد المطلوب من الموافقات المعترف بها إذ اعتمدت على موافقات أندية لا تمتلك تمثيلاً في الجمعية العمومية لتبقى قانونية هذه الموافقات معلّقة بقرار لجنة الانتخابات. فانحصرت المنافسة بين قائمتي جمال الشريف وفراس تيت، اللذين تمكنا من الحصول على أكثر من 15 موافقة من الكيانات التي سترسل مندوبيها إلى الجمعية العمومية الانتخابية الاستثنائية المقررة (20 تشرين الثاني القادم) وضمت قائمة جمال الشريف كلًا من جمال الشريف رئيساً ، ونبيل السباعي نائباً للرئيس، وعضوية: تاج الدين فارس وأنور عبد القادر ومحي الدين دولة ووليد أبو السل ووائل حاج عبيد ومحمد جمعة وأيمن حزام ومها قطريبو أُبي شقير، بالإضافة إلى مرشحي الاحتياط سلام سعد وعثمان عثمان، فيما ضمت قائمة فراس تيت كلاً من فراس تيت رئيساً ، وفادي دباس نائباً للرئيس، وعضوية: يعقوب قصب باشي وتركي ياسين وعبد المجيد عبد العظيم وموفق فتح الله ويوسف ربيع الحسن ونانسي معمر وأحمد الخالد وسليم سبع الليل ومحمد غادري وباسل شعار وهاني دهان.

 

تحالفات القوائم

أثارت قائمة الشريف وتيت جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، لوجود شخصيات سبق لها العمل في الاتحادات السابقة، أمثال موفق فتح الله ومحيي الدين الدولة، بالإضافة إلى رجل الأعمال فادي دباس، الذي شغل منصب رئيس اتحاد كرة القدم سابقاً ، ومدير منتخب سوريا للرجال كأس آسيا 2019.

شهدت القوائم تحالفات متغيرة بين المرشحين، حيث بدأ جمال الشريف وفراس تيت جنباً إلى جنب، قبل أن يقرر تيت الانفصال والانفراد بقائمته الخاصة، فيما انضم فادي دباس إلى قائمة تيت، ومعه مجموعة من الشخصيات البارزة والخبرات السابقة في كرة القدم السورية، وأدت التحالفات التي جرت بين عدد من المرشحين إلى اختلال في التوازن، وإقصاء العديد من الكفاءات التي كان بإمكانها أن تكون حاضرة، لو كان الانتخاب بشكل فردي.

 

نظام انتخابي جديد

تشهد الانتخابات الجديدة لكرة القدم السوري تعديلات لافتة في نظامها ولعل أبرزها اعتماد نظام القوائم بدلاً من الترشح الفردي ويشترط أن تتضمن القائمة إمرأة واحدة على الأقل في قائمة الأعضاء ومدة ولاية الرئيس ونائبه والأعضاء أربع سنوات.يجب أن تحظى كل قائمة بدعم وتأييد 15 عضوًا من أعضاء الجمعية العمومية الذين يملكون حق التصويت، ولا يجوز للعضو دعم أكثر من قائمة واحدة مرشحة.

 

الاتحاد القادم.. فرصة لإعادة الثقة

في المحصلة، تشكل هذه الانتخابات محطة حاسمة لكرة القدم السورية، فهي ليست مجرد اختيار لرئيس أو قائمة جديدة، بل اختبار لقدرة القيادة المقبلة على إعادة ترتيب أولويات اللعبة ومعالجة أوجه القصور التي عانت منها الكرة السورية لسنوات، وبناء مشروع مؤسسي متماسك.بين نظام قوائم مهتز وتحالفات متبدلة، تقف الكرة السورية أمام مفترق طرق، مع اقتراب بداية عام جديد مليء بالاستحقاقات القارية، بداية من كأس آسيا تحت 23 عامًا في السعودية وصولًا إلى كأس آسيا للشباب والناشئين.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث