إلغاء الأبحاث في الحقوق: محاولات إصلاح على حساب جهود الطلاب

نغم ربيعالاثنين 2025/10/27
5.jpg
التبرير بدا هزيلاً أمام ما يعتبره الطلاب "سحب حقوق مكتسبة"(جورج فرح)
حجم الخط
مشاركة عبر

بعد الفضيحة التي هزّت كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية وما تبعها من تحقيقات واستدعاءات واتهامات بالتزوير والتلاعب بالعلامات، ظنّ كثيرون أن إدارة الجامعة ستسعى إلى استعادة هيبتها بتنظيم الفوضى الأكاديمية التي انفجرت إلى العلن. لكن ما حصل، بحسب أساتذة وطلاب، هو العكس تماماً، قرارات متسرّعة أضيفت إلى مشهد الارتباك، فأنتجت فوضى جديدة، وخصوصاً فيما يتعلّق بنظام الامتحانات.

رئيس الجامعة أصدر سلسلة قرارات "إصلاحية" كطريقة لإعادة الانضباط الأكاديمي بعد الذي جرى في الحقوق. أبرزها قرار إلغاء الأبحاث الجامعية التي كانت تُقدَّم عادة كجزء من التقييم، واستبدالها بنظام الامتحانات الجزئية. القرار بدا في ظاهره محاولة لتشديد الرقابة على العلامات وتوحيد آلية التقييم، لكنه في الواقع ضرب النظام الداخلي المعتمد منذ سنوات، وخلط بين فروع الكليات ومناهجها.

اعتاد الطلاب المنتسبون أن ينجزوا أبحاثهم كمكوّن أساسي من علاماتهم، إذ إن الحضور غير إلزامي نظراً لأسباب متعددة، منها بعد مناطق سكنهم أو ظروف عملهم. أحد هؤلاء الطلاب يقول لـ"المدن": "تسجّلنا باللبنانية لأن الحضور غير إلزامي، فينا نكمل شغلنا، ومنقدّم إمتحان بنهاية الفصل". لكن مع القرار الجديد، أُلغيت الأبحاث كلياً، وبات على الجميع الخضوع لامتحانات جزئية لم تُحدَّد مواعيدها بعد.

 

"الأبحاث لم تذهب سدى"

تشرح طالبة تعمل بدوام كامل في الجنوب أن القرار "نسف تعبنا". وتضيف: "العام الماضي خصموا علامات لأنّي ما حضرت، وراح 20 علامة من البحث. هالسنة قررت أعطل عن شغلي وأنزل كل أسبوع من الجنوب، سلّمت بحثي وارتحت، فجأة قالوا ما بدنا ياهم، بدنا فحوصات جديدة". وتختم: "ما عندي مشكلة بالامتحانات، بس ليش ما قالولنا من الأول؟".

كثيرون من الطلاب لا يملكون القدرة على العودة إلى الامتحانات، وبعضهم لم تصدر نتائجه بعد، ما يعني أنه سيفقد فرصة التسجيل ضمن المهلة المحدّدة. آخرون كانوا قد "رتّبوا أمورهم"على أساس نظام الأبحاث، واليوم يجدون أنفسهم أمام سنة مهددة بالضياع.

في محاولة لتهدئة الغضب، قيل للطلاب أن "الأبحاث لم تذهب سدى، لأنكم عمّقتم معرفتكم". لكن هذا التبرير بدا هزيلاً أمام ما يعتبره الطلاب "سحب حقوق مكتسبة". فالعلامات التي كانوا يعوّلون عليها تبخّرت بقرار إداري، من دون أن يشركوا فيه أو تدرّج في التطبيق.

 

تعب ضائع وقرارات مباغتة

الأساتذة بدورهم ليسوا على بيّنة مما يُفترض أن يطبقوه. اجتماعات متلاحقة جرت في عدد من الكليات، حاول خلالها الأساتذة توضيح أن القرار "غير قابل للتنفيذ حالياً"، لعدم وجود جداول صفوف أو مواعيد محدّدة أو حتى آلية واضحة. 

النتيجة اليوم، قرارات فوق الركام، امتحانات بلا مواعيد، وأساتذة لا يعرفون ماذا يُدرّسون. أما الطلاب، فيعيدون طرح السؤال الذي صار لازمة في الجامعة اللبنانية منذ سنوات: من يحاسب حين تتحوّل محاولات الإصلاح إلى سبب جديد للفوضى؟

 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث