قطر الخيرية: 668 ألف كتاب لدعم التعليم في الشمال السوري

مؤسسة قطر الخيرية في الشمال السوريا-المدن
يأتي التوزيع ليحل مشكلة النقص الحاد في الكتب (المدن)
حجم الخط
مشاركة عبر

في خطوة لدعم قطاع التعليم في سوريا، أطلقت جمعية قطر الخيرية مشروعها السنوي لدعم التعليم في شمال سوريا، والذي يشمل توزيع 668 ألف نسخة من الكتب المدرسية لطلاب المراحل من الصف الأول الابتدائي حتى الصف التاسع الإعدادي. يغطي المشروع مدارس محافظات إدلب، وريف حلب الغربي، وريف حماة الشمالي، حيث يعاني هذا الجزء من البلاد من تحديات أمنية واقتصادية تجعل الوصول إلى التعليم أمراً حاسماً للبقاء والاستقرار.

بدأ التوزيع هذا الأسبوع بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم السورية، ليغطي احتياجات نحو 668 ألف طالب وطالبة، وهو ما يمثل تغطية كاملة بنسبة 100% للمواد الدراسية الأساسية وفق المنهاج الرسمي.

 

يأتي هذا المشروع ضمن مبادرات قطر الخيرية المستمرة منذ سبع سنوات متتالية، وهو يتجاوز الاستجابة الطارئة للأزمات ليبني نظاماً تعليمياً محلياً مستداماً في بيئات هشة. ومن منظور تنموي، يبرز المشروع كيف تحولت المؤسسات الإنسانية من تقديم المساعدات الفورية إلى تعزيز القدرات المحلية، من خلال ضمان توافر المناهج والوسائل التعليمية بانتظام.

 

في شمال سوريا، حيث تنتشر المخيمات ويعيش ملايين النازحين، يصبح التعليم ليس مجرد حق أساسي، بل ركيزة للاستقرار المجتمعي. يخفف المشروع الأعباء عن الأهالي الذين يواجهون ارتفاع التكاليف، ويساعد المدارس في توفير المواد اللازمة، مما يقلل من معدلات التسرب الدراسي التي تصل إلى 69% في بعض المناطق، وفقاً لتقارير منظمات دولية.

 

تعزيز الاستمرارية التعليمية

في سياق التحديات السورية، حيث أدى الصراع إلى إغلاق آلاف المدارس ونزوح ملايين الأطفال، يعمل هذا التوزيع على تعزيز الاستمرارية التعليمية. يركز المشروع على التمويل المستدام والتخطيط التربوي كعناصر أساسية لحماية حق التعليم، وفقاً للمعاهدة الدولية الخاصة بحقوق الطفل. 

 

كما يساهم في تحسين جودة الخدمات التعليمية تدريجياً، من خلال تدريب الكوادر وتأهيل البنى التحتية.

 

في إدلب وحلب، حيث تعمل نحو 950 مدرسة عامة، يأتي التوزيع ليعالج نقصاً حاداً في الكتب، ما أدى في السنوات الماضية إلى كتابة الدروس على السبورة يدوياً، مما يطيل الوقت ويقلل الفاعلية. هذا الدعم يعزز القدرات البشرية ويبني جيلاً قادراً على إعادة بناء المجتمع، خاصة في مناطق تشهد كثافة سكانية عالية بسبب النزوح.

صرّح الأستاذ كرم علي، مدير مكتب قطر الخيرية في تركيا، لـ"المدن" أن جمعية قطر الخيرية تولي قطاع التعليم اهتماماً خاصاً باعتباره الركيزة الأساسية لبناء الإنسان والنهوض بالمجتمعات. وأوضح أن المشروع يأتي ضمن جهود الجمعية المستمرة لدعم العملية التعليمية في سوريا ومساندة وزارة التربية السورية في تأمين الكتب الدراسية لجميع الطلاب ضمن مراحل التعليم الأساسي والإعدادي.

 

وأشار إلى أن قطر الخيرية تدرك حجم الأعباء الواقعة على المؤسسات التعليمية، ولذلك تسعى من خلال هذا المشروع إلى توفير بيئة تعليمية أكثر استقراراً واستدامة. وأكد أن توزيع الكتب المدرسية مجاناً لـ668 ألف طالب يشكل خطوة مهمة نحو ضمان حق التعليم للجميع، ويجسد التزام الجمعية بدعم القطاعات الحيوية التي تمس حياة الناس، وفي مقدمتها التعليم.

 

من جانب آخر، يعكس المشروع تأثيراً ميدانياً مباشراً على المعلمين والطلاب. ففي حلب، حيث يعمل آلاف المعلمين تحت ضغوط مالية، أكد الأستاذ محمد الخالد، معلم في مدارس ريف حلب الغربي لجريدة المدن أن الظروف الميدانية الصعبة التي يواجهها قطاع التعليم في ريف حلب الغربي، حيث تعاني أكثر من 70% من المدارس من نقص حاد في المقررات الدراسية، تجعل من مشروع توزيع 668 ألف كتاب مدرسي من قطر الخيرية نقلة نوعية في ضمان استمرارية العملية التعليمية.

 

شراكة إنسانية مستدامة

وأوضح أنه كمعلم يشرف على 42 طالباً في الصف السابع كان يضطر سابقاً إلى نسخ الدروس يدوياً على السبورة، مما يقلل من وقت التفاعل الفعّال ويرفع معدلات الإرهاق لدى الطلاب. وأضاف أن هذا الدعم يتيح للمدرسين التركيز على المنهج الأساسي، ويقلل من التسرب المدرسي الذي بلغ 28% في العام الدراسي الماضي، كما يعزز جودة التعليم من خلال توحيد المصادر المعرفية للطلاب في المخيمات والقرى.

 

أما في إدلب، حيث يتابع المعلمون السوريون عملهم في المخيمات وكذلك في القرى المدمرة التي عاد إليها سكانها، فقال الأستاذ أحمد الرحمن، معلم في مدارس إدلب لـ"المدن" إن مشروع قطر الخيرية لتوزيع الكتب المدرسية في الشمال السوري يُعد نموذجاً للشراكة الإنسانية المستدامة التي يجب تعميمها على مستوى سوريا لأنها تنقذ آلاف الطلاب من التسرب.

 

وبيّن أنه كمعلم يتابع عن كثب التحديات التي تواجه الطلاب حيث أن معظم طلابه لا يستطيع أهاليهم تحمل نفقات تعليمهم وخصوصا بأن آلاف المخيمات لا زالت موجودة وسكانها ينتظرون إعمار منازلهم للعودة.

 

وأشار إلى أن هذا التدخل المنتظم، الذي يستمر للسنة السابعة، يعكس انتقالاً من الإغاثة الطارئة إلى بناء نظام تعليمي محلي قائم على الاستدامة، مما يساهم في تقليص الفجوة التعليمية بين المناطق ويحافظ على وحدة المنهاج السوري، وهو أمر حيوي لإعادة دمج الطلاب النازحين في المستقبل.

 

ونقلت "المدن" شهادات بعض الطلاب حيث قالت فاطمة عمر، طالبة في الصف السابع، إن الكتب الجديدة المجانية تخفف عنها بعض أعباء العملية التعليمية ما يجعل الدراسة أسهل ويشعرها بالأمان في المدرسة. بينما أوضح علي العيدو، طالب من حلب، أنه بدون هذه الكتب كان يخشى التسرب، لكنه الآن يحلم بأن يصبح طبيباً. هذه الأصوات تؤكد دور التعليم في مواجهة الأزمات.

 

يأتي المشروع ضمن سلسلة مبادرات قطر الخيرية التي نفذت 883 مشروعاً تعليمياً في عام 2025، استفاد منها 167 ألف شخص عالمياً، بما في ذلك دعم مدارس في شمال سوريا.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث