يبدو أن التحقيقات في فضيحة تزوير العلامات والمسابقات في كلية الحقوق - الفرع الأول ستنتهي عند حدود معاقبة موظفين إثنين، من دون التوسع في التحقيقات الكفيل وحده بمنع تكرار هذا النوع من الفساد في جامعة الوطن.
اعترافات وتوقيفات
منذ يوم أمس، يمثل أربعة موظفين أمام جهاز أمن الدولة لمواجهتهم في أقوالهم السابقة. وقد استبقى أمن الدولة موظفين إثنين رهن التوقيف الاحتياطي بإذن من المدعي العام منذ بعد ظهر الأمس، وترك موظفتين مساءً، على أن تمثلا اليوم لاستكمل التحقيق وإحالة الملف إلى قاضي التحقيق لاحقاً.
وتبين أن الموظّفتين اعترفتا بتغيير علامات لصالح طالبين لبنانيين بطلب من رئيسيهما. الموظفة ه. س. اعترفت أن م. م. طلب منها تغيير علامتين لأحد معارفه في مرحلة الليسانس، فيما اعترفت الموظفة ر. م. أن الموظف ط. ب. طلب منها تعديل علامات لأحد الطلاب في مرحلة الماجستير.
بعد اعتراف الموظفتين، اضطر الموظفان المسؤولان إلى الاعتراف بدورهما. ويتعلق الأمر بالتدخل لإنجاح طالبين لبنانيين: الأول استفاد من تغيير علامتين لإنجاحه في مادتين، وهو محلل سياسي، واستدعي اليوم إلى التحقيق، والطالب الآخر يدير فرعاً لشركة تحويل أموال، وما زال موقوفاً منذ أيام عدّة. وقد اعترف أنه كان يسلّم كراسات الامتحانات بيضاء، ويقوم الموظف بكتابة المسابقة عنه لاحقاً لقاء مبالغ مالية.
الفوضى تعمّ الفرع الأول
التحقيق في ملف الفساد انتهى عند علامات طالبين لبنانيين، فيما بدأ في الأساس في ملف تزوير المسابقات لصالح الطلاب الكويتيين الأربعة. ففي هذا الشأن لم يُعرف بعد كيف ستنتهي القضية، لا سيما أنه أشيع عن تحصيل أحد الموظفين أموالاً من الكويتيين لصالح تزوير المسابقات وتعديلات علامات المواد.
حالياً الفوضى تعم الفرع الأول، ولا يستطيع الطلاب تسجيل موادهم بسبب توقف التسجيل. فرئيس الجامعة بسام بدران أعفى الموظفين المولجين بتسجيل مواد وعلامات الطلاب من دون تعيين بديل عنهم، على رغم أن بدران عمّم على الكليات إعادة العمل بالامتحانات الجزئية. ويفترض أن يجري الطلاب الامتحان مطلع الشهر المقبل. وهذا الأمر مستحيل طالما أن الموظفين أعفوا من منصبهم، كما أكد طلاب لـ"المدن".
تجاوزات في الفرع الثالث
المؤشرات الأولية من كل القضية والتحقيقات الحالية تدلّ إلى أنها ستنتهي بكبش فداء ومن دون التوسع في القضية لتطال مكامن الفساد في السنوات السابقة، ولا التوسع في التحقيقات لتطال فروعاً أخرى في الكلية. فما حصل في الفرع الأول بسيط أمام ما حصل في الفرع الثالث.
في الفرع الأول جرى إنجاح طالب بعلامتين لترفيعه من السنة الأولى إلى الثانية، بينما في الفرع الثالث، تشير مصادر "المدن" إلى أنه جرى منح شهادة لطالب راسب في ثلاث مواد. فقد تبين أن الطالب نال عشرة على مئة في مادة القانون الدولي العام، وجرى شطب العلامة لتصبح خمسين على مئة. ونال عشرين على مئة في مادة منظمات دولية وإقليمية، وثلاثين على مئة في مادة القانون المصرفي. ورفعت هذه العلامات على "البانر"، وتخرج الطالب. وثمة وثائق تثبت هذا التلاعب. في المقابل تشير المصادر إلى تدخل أحد الموظفين لصالح رفع علامة ابنه من عشرين إلى 75 على مئة.
وتضيف المصادر أنه لا يحق لمجلس الفرع تغيير أي علامة من دون علم أستاذ المادة. فهناك شروط أكاديمية صارمة في كيفية إنجاح طالب في مادة سقط فيها تمهيداً لتخرجه. ولا يحق للجنة المداولات تعديل أكثر من علامة مادة واحدة. ومن الشروط لتعديل علامة المادة أن يكون الملف الأكاديمي للطالب لا غبار عليه، وقد نجح في جميع المواد بالدورة الأولى أو الدورة الثانية بمعدل مرتفع (ليس بالضرورة معدل تفوق). في هذه الحالة، وفي حال تبقى للطالب مادة واحدة بمعدل يقل عن أربعين (مثلاً 35 على مئة) يمكن مراعاة وضعه ورفع علامته لتصبح أربعين كي يتخرج من الجامعة. وهذا أمر معمول به عالمياً.
كرامة الطلاب والأساتذة
الفضيحة في الفرع الأول تستوجب الذهاب بالتحقيقات إلى الأخير. فمصالح أكثر من ستين ألف طالب يتعبون لتحصيل شهاداتهم، وكرامة آلاف الأساتذة المشهود لهم، وهم الأكثرية الساحقة، تستوجب استئصال الأقلية الفاسدة التي تشوّه صورة الجامعة.
مصلحة الجامعة والحفاظ على سمعتها وسمعة طلابها وأساتذتها يتطلبان المزيد من التحقيقات، وعدم انتهاء قضية الفرع الأول عند إيجاد كفش فداء، أو حصول تدخلات سياسية في القضاء، ولا سيما عندما يصبح الملف أمام قاضي التحقيق. فقد اعتاد اللبنانيون في السابق على هذا الأمر، وهو بمثابة امعان في ضرب صورة الجامعة والتنكيل بأهلها.
