تسرّع وزير الزراعة نزار هاني في الإعلان عن مطابقة مياه شركة تنورين للمواصفات استناداً إلى عينات أخذت مؤخراً. وقد فتح كلام هاني المجال أمام مزيد من التأويلات، كما لو أن صحة المواطن أصبحت موضع مزايدة.
مزايدة وزير الزراعة
وكان هاني أعلن صباح اليوم، على هامش مؤتمر منظمة الزراعة والأغذية FAO، أن نتائج تسعة عينات عشوائية، جرى فحصها في مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، أتت نظيفة. وهو ما يفتح المجال أمام المزيد من السجال حول "مياه تنورين". وتشير مصادر "المدن" في وزارة الصحة العامة إلى أن هاني تسرع في كلامه وكأنه يزايد على وزارة الصحة، في موضوع يتعلق بصحة الناس.
ووفق المصادر أخذت فرق الوزارة مؤخراً عينات من معمل مياه تنورين، ولا تزال هذه النتائج قيد الدراسة والتحليل. وعندما تصدر النتائج التي تفحص في مختبرات الجامعة الأميركية ومركز البحوث الصناعية ستعلن للرأي العام.
وأضافت المصادر أن وزارة الصحة أخذت عينات من مياه تنورين وغيرها بعد وقوع حالات تسمم. والموضوع يشكل خطراً على صحة المواطن. وبعد فحص العينات صدرت النتيجة وتبين أن في بعضها باكتيريا، وبناء عليه، قررت وزارة الصحة العامة اتخاذ إجراءها الاحترازي.
وتشدد المصادر على أن كلام وزير الزراعة يصب في خانة التسرّع وإحداث المزيد من البلبلة والمزايدات. والوزير هاني اعتمد على 9 عينات وفحوصاتها الصادرة عن معهد الأبحاث العلمية الزراعية LARI، وقد أظهرت هذه العينات التسعة أنها سليمة، إلا أن هذا لا يعني أن كل الفحوصات الأخرى سليمة". وقد حاولت "المدن" التواصل مع مدير عام مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية LARI د. ميشال افرام، ولكن لم يكن هناك أية تجاوب.
التعامل مع واقع الشركة
على الصعيد نفسه، تؤكد مصادر خاصة من بلدة تنورين في حديث إلى "المدن" أن "تلوث مياه تنورين أمر واقعي، وذلك لأنه توجد ثلاثة آبار ارتوازية تعمل تنورين على سحب المياه منها وتنقيتها، إحدى الآبار يعود عمرها إلى 4 سنوات والثانية إلى 10 سنوات وهي آبار غير ملوثة. ونشأت مشكلة البكتيرياPseudomonas aeruginosa بسبب البئر الجديد الذي تستخرج الشركة منه المياه".
وأضاف المصدر أن "القيمين على بلدة تنورين يجتمعون مع إدارة الشركة لدرس كيفية التعامل مع واقع المياه الملوثة باعتبارها أمراً واقعاً، وذلك للحفاظ على سمعة الشركة ومستقبل عمالها البالغ عددهم 600 عامل وعاملة من تنورين"، مشيراً إلى أنه "يجب محاسبة الإدارة الجديدة على استخراج المياه من البئر الثالث، حرصاً على وظائف العمال من البلدة نفسها".
ووفق مصادر "المدن" فإن عدداً من المراكز البحثية في الجامعات الخاصة لجأت إلى جمع عدد متنوع من عينات عبوات المياه المرتبطة بكل الشركات الموجودة في لبنان، ويجري حالياً فحصها وبانتظار النتائج.
وعلى ما يبدو فإن السجال العلمي التقني البحت يتحول اليوم إلى سجال طائفي وحزبي، بينما الموضوع يتخطى ذلك إلى معرفة ما يشربه المواطن اللبناني والتداعيات الصحية الكارثية التي يخافها الفساد عليه.
